كشفت وسائل إعلام فلسطينية الإثنين 27 سبتمبر/أيلول 2021 عن فحوى رسالة للأسير الفلسطيني وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، مروان البرغوثي، إذ قال فيها إن السلطة الفلسطينية تحولت إلى "سلطة بلا سلطة" وسط تزايد سياسة "التطهير العرقي" التي يمارسها الاحتلال بحق الفلسطينيين، داعياً إلى إنتاج ما سماه "نظام سياسي جديد".
رسالة الأسير البرغوثي
البرغوثي أكد في رسالته أن "المشروع الاستعماري، بأطيافه وأحزابه وتياراته، لا يقبل بالحد الأدنى الذي وافق عليه التيار الرئيسي في منظمة التحرير الفلسطينية كأساس للتسوية، ومع ذلك، وبعد ربع قرن من المفاوضات ومحاولات الوصول إلى تسوية، وصل هذا المشروع إلى فشل كامل".
وأضاف الأسير الفلسطيني البرغوثي، في حديثه لمجلة "الدراسات الفلسطينية"، أن المشهد، فلسطينياً، متداخل، من جهة وصول النظام السياسي الفلسطيني الذي تبلور في العقود الماضية، إلى حافة الانهيار، وسقوط جميع مكوناته "المنقسمة والعاجزة والفاشلة".
وتحدث البرغوثي عن تطور القدرات العسكرية والأمنية لقوات الاحتلال، مشيراً إلى أنها أصبحت لا تقلّ عن قدرة بريطانيا وفرنسا، واعتبر البرغوثي أن "إسرائيل قطعت شوطاً كبيراً في التحول إلى دولة مركزية، في الإقليم، تسعى عدة دول للتحالف والتعاون معها، فضلاً عن أن الوضع الديموغرافي للوجود الصهيوني لم يسبق أن وصل إلى هذا الحجم، أي 7.5 مليون يهودي".
وأشار البرغوثي عن معركة القدس الأخيرة قائلاً إنها أثبتت المبدأ الذي يدعو إليه دوماً، وهو "المقاومة الشاملة". وأضاف: "المعركة كشفت عن عجز النظام السياسي الفلسطيني وهشاشته وضعفه، وأثبتت أن ما نحتاج إليه أكثر من أي وقت مضى، هو إنتاج نظام سياسي جديد مدخله الوحيد العودة إلى الشعب، وإنجاز الانتخابات العامة بمراحلها الثلاث من دون إبطاء، لأن البديل هو أسوأ ممّا يتصور كثيرون، فضلاً عن أن هذا حق مقدس لشعب عظيم، وتشديد على مبدأ التعددية وسيادة القانون والحريات العامة والتداول السلمي للسلطة وتجديد الشرعيات والقيادات".
130 عاماً من الاحتلال
كما تحدث الأسير الفلسطيني عن الأمل في شعبه قائلاً: "لدينا بعد إضافي يمنح شعبنا كثيراً من الأمل، بعد مرور أكثر من 130 عاماً على الغزو الاستعماري المدعوم دولياً، وما مارسه من سياسات ما انفكّ يمارسها على أرض فلسطين بين النهر والبحر، هناك 7 ملايين فلسطيني هم ليسوا عاملاً ديموغرافياً فحسب، بل إنهم فاعل سياسي ووطني وثقافي وإنساني وحضاري أيضاً".
معتبراً أن الفلسطينيين فاعل مقاوم لم يتراجع، على الرغم من مسلسل التطهير العرقي والمجازر والقتل والاعتقال والإبعاد والنفي والتعذيب والمعاناة والتجويع والحصار واللجوء، عن حقه في الحرية والعودة والاستقلال، على حد قوله.
وأكد البرغوثي في رسالته أن "ركائز الهجرة، والأرض، والاستيطان، وبناء القوة العسكرية والأمنية المتفوقة، والحليف الدولي، لا تزال تشكل العمود الفقري لسياسات الاستعمار الصهيوني"، وأوضح: "الهجرة اليهودية لا تزال تتدفق بمعدل 32.000 مهاجر يهودي سنوياً، والاستيلاء على الأرض الفلسطينية يسري بشكل يومي، ووصل إلى مرحلة متقدمة جداً، بحيث سجل زيادة 200.000 مستوطن في الأعوام العشرة الأخيرة في الضفة".
توترات في الضفة
يأتي هذا في وقت تشهد فيه الضفة توترات متصاعدة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي حيث استشهد 5 فلسطينيين فجر الأحد برصاص الاحتلال الإسرائيلي، وذلك خلال حملة خاصة للاحتلال لتنفيذ اعتقالات واسعة بالضفة الغربية ومحافظة القدس، فيما أصيب ضابط وجندي إسرائيليان بجراح خطيرة إثر اشتباك مسلّح مع من حاولت القوة الخاصة اعتقالهم في جنين.
ليلة حامية شهدتها الضفة الغربية وخصوصاً جنين وقرى مدينة القدس، حيث قال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ عملية واسعة النطاق تتعلق بالبنية التحتية لحركة حماس.
أسفرت الاشتباكات المسلحة التي أعقبت المداهمات الإسرائيلية عن استشهاد 3 شبان في قرية بدو شمال القدس، اثنين في قرية برقين بمحافظة جنين.
في وقت لاحق، أعلنت سلطات الاحتلال أن ضابطاً وجندياً أصيبا بجراح خطيرة إثر الاشتباك المسلّح الذي دار في قرية برقين خلال حملة قوات الاحتلال.
مدير وحدة الطوارئ في مشفى "رمبام" الإسرائيلي قال إن جندياً وضابطاً وصلا للمستشفى، في ساعات فجر الأحد، بحالتين غير مستقرتين صُنّفتا بالخطيرتين، وأجريت لهما عمليات عديدة.
تصريحات عباس
وفي سياق متصل وفي كلمة مسجلة بُثت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة الـ76، الجمعة، قال الرئيس الفلسطيني إن "الحكومة الإسرائيلية تتهرب من الحل السياسي، وتطرح بدائل اقتصادية تطيل أمد الاحتلال وترسخ واقع الدولة العنصرية".
فيما أمهل عباس سلطات الاحتلال الإسرائيلي عاماً واحداً للانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، مؤكداً أن لدى السلطة حواراً بنّاءً مع الإدارة الأمريكية لوضع خطوات تلزم الاحتلال بالالتزام بالاتفاقيات الموقعة بين الطرفين.
ووجّه عباس أصابع الاتهام إلى قادة إسرائيل، قائلاً: "لقد ناضلتُ طوال حياتي من أجل صنعِ السلام، واتبعتُ الطرقَ السلمية والقانونية والدبلوماسية والعمل في المحافل الدولية. مددْنا أيدينا مراراً للسلامِ، ولكننا لم نجدْ شريكاً في إسرائيل يؤمنُ ويقبلُ بحلِ الدولتين".
أضاف الرئيس الفلسطيني أنَّ تَهرُّبَ الحكومتين الإسرائيليتين الحالية والسابقة من الحل السياسي القائمِ على حل الدولتين وِفقَ الشرعية الدولية، بمواصلةِ الاحتلال والسيطرة العسكرية على الشعب الفلسطيني، وطرح مشاريعَ اقتصاديةٍ وأمنية بديلة واهية، هي مخططات أحادية الجانب لَنْ تحققَ الأمن والاستقرار لأحد، لأنّها تُعيقُ جهود السلام الحقيقي وتطيل أمد الاحتلال، وتكرسُ واقعَ الدولةِ الواحدةِ العنصرية.
وأشار رئيس السلطة الوطنية إلى أن "الشعب الفلسطيني ينشد حياة حرة وكريمة"، داعياً الأمين العام للأمم المتحدة إلى العمل على الأخذ بقرارات الحماية الدولية لفلسطين وضمنها القدس، وكذلك الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام تحت رعاية الرباعية الدولية.
ويعارض رئيس الوزراء نفتالي بينيت، وهو يميني متطرف يحكم إسرائيل على رأس ائتلاف من أحزاب مختلفة، قيام دولة فلسطينية. وتتعهد حكومته بتجنب الخيارات الحساسة تجاه الفلسطينيين وتركز بدلاً من ذلك على القضايا الاقتصادية.
وتعتبر معظم الدول المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة الغربية، وتتوسع باستمرار، غير شرعية وهو موقف تعارضه إسرائيل.