إنشاء مجمع جديد للسجون في مصر على الطراز الأمريكي يوفر رعاية مميزة للمساجين، حديث للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يثير جدلاً كثيراً ما رافق تصريحاته.
ولم تتوانَ الكيانات السياسية المؤيدة للنظام، في الترحيب ببناء سجون على الطراز الأمريكي، وأشادت بتصريح السيسي بأن "من يوجد داخل السجون يجب أن يتلقى معاملة آدمية، وأنه سيحرص على توفير إعاشة كريمة ورعاية طبية وإنسانية محترمة"، متابعاً: "حتى لو المواطن أذنب فلا يمكن أن نعاقبه مرتين"، وبالمثل ثمّن بعض الإعلاميين إعلان الرئيس معتبرين ذلك بادرة تعكس حقيقة الالتزام الجاد والفعال من الدولة المصرية للوقوف على مواضع القصور وتخفيف الكثافات بالسجون القديمة ومعاملة السجين كإنسان، وذلك يَصْب في صالح ملف حقوق الإنسان لأن الأوضاع في السجون سيئة.
لكن في المقابل قُوبلت تصريحات السيسي بسيل من التهكم من جانب النشطاء السياسيين والمعارضين للرئيس المصري الذي "زف بشرى" مجمع السجون الأمريكي الطراز خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "التاسعة"، الذي يبث على القناة الأولى بالتلفزيون الرسمي في مصر.
واعتبر هؤلاء أن بناء المجمع الجديد متناقض وغير منطقي للكثيرين خاصة العاملين في المنظمات الحقوقية، حيث جاء بعد أربعة أيام على تدشين مصر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي تتبنى فيها الدولة خطاباً جديداً عن حقوق الإنسان، فضلاً عن تحسين صورتها بالإفراج عن بعض المعتقلين على فترات، خاصة بعد قرار منع جزء من المساعدات الأمريكية بسبب انتهاكات النظام المصري لحقوق الإنسان، وبدا ذلك إشارة إلى المعارضين بوجود سجون جديدة تكفي جميع المعارضين.
كل هذه التفاصيل جعلت من تصريحات السيسي بخصوص بناء مجمع السجون الجديد مدعاة للتهكم والسخرية، فكيف ستهتم الدولة بحقوق الإنسان وهي في اتجاهها لإدخال سجون جديدة وكبيرة، وهو ما يعني زيادة أعداد المعتقلين والمعارضين.
تحذير من أن يكون المجمع الجديد بداية لانضواء المحاكم تحت مظلة وزارة الداخلية
لم يكن الوصول لمعلومات عن المجمع الجديد ومكانه بالأمر اليسير، فباستثناء ما ذكره الرئيس المصري خلال مداخلته الهاتفية باقتضاب من أنه في منطقة وادي النطرون لم تتوفر أي معلومات تفصيلية، من هنا كان الربط بينه وبين تساؤلات تداولها البعض في شهر فبراير/شباط الماضي عن مبانٍ تحت الإنشاء وأبراج مراقبة بدأت في الظهور للمسافرين على أحد جانبي طريق الإسكندرية الصحراوي، حيث ظنوا في البداية إنها مجمع سكني جديد مثل تلك المجمعات التي امتد بناؤها إلى طريق السفر الصحراوي، لكن لم تجد أسئلة العابرين والمهتمين بالتمليك إجابات عن ماهية المكان وكأنه "سر حربي".
لكن مصدراً أمنياً كشف في اتصال هاتفي مع "عربي بوست" أن "المجمع الجديد بدأ العمل فيه منذ أكثر من عام على طريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي وصدر قرار بإنشائه في فبراير الماضي، ويقع بالتحديد بعد مجمع سجون وادي النطرون (يقع مجمع سجون وادي النطرون عند الكيلومتر 92 من طريق مصر الإسكندرية الصحراوي على أطراف منخفض وادي النطرون، بالقرب من مدخل مدينة السادات من الجهة الجنوبية الغربية على طريق مصر الإسكندرية الصحراوي) وقبل استراحة "الرست هاوس" بما يقرب من 14 كيلومتراً فهناك مساحة تقدر بأكثر من 200 فدان كانت تتم زراعتها بواسطة السجناء من سجون وادي النطرون، وتعد منطقة توسع خاصة بمصلحة سجون مصر، وهذه المساحة هي التي تم الاستفادة منها في بناء مجمع السجون "الأمريكي الطراز".
والمجمع الجديد يبدو كأنه مدينة متكاملة على مساحات شاسعة يشبه القلاع الحصينة القديمة بأسوار مرتفعة جداً وبوابات تأخذ الشكل الفرعوني بعضها مكتوب عليه مجمع المحاكم، وبداخلها أبنية ضخمة وأبراج مراقبة ورصد تستخدم التقنيات الحديثة، وسيضم المجمع مجموعة من المحاكم لتقليل التحركات بعربة الترحيلات، كما يضم مستشفى حديثاً وملاعب ومكتبات للقراءة والاطلاع ومسجداً ومساحات للتريض.
وأضاف المصدر أن ما يحدث هو استكمال تغييرات "شكلية" بوزارة الداخلية، حيث قامت بتغيير مسمى قطاع السجون ليصبح اسمه قطاع "الحماية المجتمعية"، وتحول مسمى السجين إلى نزيل، واستحدثت الوزارة 4 قطاعات جديدة، "بهدف تطوير والارتقاء بالأداء الأمني داخل المنظومة الأمنية".
وعندما سألنا المصدر عن المقصود بأن مجمع السجون سيكون على الطراز الأمريكي قال إنه لم ير المجمع الجديد إلى الآن، لكنه كشف أن هناك سجنين بمحافظة المنيا هما سجن ليمان وسجن شديد الحراسة تم بناؤهما أيضاً على الطراز الأمريكي الحديث "لمنع هروب المساجين".
وعن ماهية الطراز الأمريكي الذي يتفاخر به الرئيس السيسي في حديثه عن المجمع الجديد، قال المصدر "المقصود هو طراز البناء حيث تنقسم العنابر باتصال كل عنبرين بجانب بعضهما على شكل حرف H بينهما مساحة خضراء، وفي ليمان المنيا توجد قوات التأمين خارج السجن وداخله وكذلك أبراج المراقبة، ولمنع تهريب الممنوعات من ذوي المساجين تمت الاستعانة بأجهزة حديثة للتفتيش مثل جهاز X RAY ، وهناك مطبخ، ومستشفى حديث يتم إجراء العمليات البسيطة بداخلها، وصالة للألعاب، وقاعات للدروس والموسيقى، ومصنع السجاد والخزف والحرف اليدوية، والمسجد، وملعب لكرة القدم، والطائرة.
يوجه علاء محمد، وهو يعمل بمهنة المحاماة منذ عشرين عاماً، أسئلة للمسؤولين من خلال "عربي بوست" عن كيفية وضع مجمع محاكم داخل مجمع السجون، موضحاً أن المحكمة مبنى عام ومن حق المواطنين التواجد داخله وحضور الجلسات الخاصة بذويهم أثناء التجديد أو نظر القضية وبالمثل يستطيع المحامون الدخول بصفتهم الوظيفية، فضلاً عن أن المحاكم تتبع وزارة العدل لكن السجون تتبع وزارة الداخلية وعليها حراسات مشددة للغاية فهل سيتم السماح للمحامين بممارسة دورهم بدون تصاريح مسبقة، وهل عندما يخرج المحامي من محكمة السجن ويعود إليها مرة أخرى لمعرفة الحكم سيحتاج إلى تصريح دخول جديد، وماذا عن المحكمة هل ستحتاج هي الأخرى لتصاريح من الداخلية؟
وهل يستطيع القاضي إعطاء أوامر لضابط داخل مكان تحت إشراف وزارة الداخلية؟ فهل سينظر القضاة في أمر تجديد الحبس بل وربما إجراء محاكمات المتهمين في مبنى خاضع لسلطة وزارة الداخلية؟ وهل سيحضر أهالى المتهمين محاكمة ذويهم دون الدخول في دوامة التصاريح، وماذا عن الصحفيين الذين يقومون بتغطية الجلسات.
بناء مجمع السجون الجديد يهدف للرد على الضغوط الأمريكية
باحث سياسي متخصص في الشؤون الأمريكية كان له وجهة نظر أخرى حيث يرى أن ربط مجمع سجون بـ "الطراز الأمريكي" رسالة موجهة إلى الخارج بالأساس، بسبب التحركات الأمريكية والأوروبية في ملف حقوق الإنسان بمصر.
ويشير إلى أن القاهرة تواجه انتقادات محلية ودولية بشأن أوضاع السجناء والسجون، ومنذ عام 2014 وهناك العديد من التقارير الحقوقية التي تشير إلى وجود ما يقارب 60 ألف معتقل لأسباب سياسية أوضاعهم سيئة داخل السجون المصرية، فضلاً عن أنهم يلاقون معاملة غير إنسانية على كافة المستويات.
وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، طالب 56 عضواً بالكونغرس الأمريكي -ينتمون للحزب الديمقراطي- الحكومة المصرية بإطلاق سراح حقوقيين وناشطين سياسيين يقبعون في السجون المصرية. وكانت أكثر من 30 دولة من البلدان الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أصدرت إعلاناً مشتركاً، في مارس/آذار الماضي، أعربت فيه عن قلقها العميق إزاء مسار حقوق الإنسان في مصر.
وفي يونيو/حزيران الماضي، طالبت 63 منظمة حقوقية محلية ودولية -في بيان مشترك- السلطات المصرية باتخاذ إجراءات فورية لإنهاء ما وصفته بـ "حملة القمع الشاملة" التي يشنها النظام ضد كافة أشكال المعارضة السلمية ودعت المنظمات -من بينها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش- إلى إطلاق سراح المحتجزين احتياطياً لفترات طويلة دون محاكمات، وإنهاء الإخفاء القسري والتعذيب، وتجميد تنفيذ أحكام الإعدام.
ووثّق تقرير حديث لمنظمة العفو الدولية بعنوان "ما تموتوا ولا تولعوا" روايات احتجاز 67 شخصاً في 16 سجناً، وجد أن "مسؤولي السجن يبدون استهتاراً تاماً بحياة السجناء وسلامتهم"، وأن السلطات تتعمد حرمان المعتقلين السياسيين من "الرعاية الصحية والطعام والزيارات العائلية الكافية".
38 سجناً بناها السيسي لم يسهم أي منها في تحسين معاملة السجناء
أحمد كامل، ناشط حقوقي، يرى أن التوسع في السجون لا يعني تحسن أوضاع السجناء، مشيراً إلى أنه في آخر تقرير قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان والذي صدر في الحادي عشر من أبريل/نيسان الماضي 2021 إن هناك توسعاً هائلاً في بناء السجون في مصر، بلغ 35 سجناً منذ ثورة يناير 2011، ولكنه لم يسهم في تحسين أوضاع السجناء حيث تعج السجون بانتهاكات فظة وظروف غاية في الصعوبة.
ويشير الباحث إلى أن وجود سجون آدمية حتى للمجرمين هو أمر ضروري وصحي لأن السجون لا إنسانية حتى في أفضل حالاتها، ويكفي ما وثقه الصحفي خالد داود، الرئيس السابق لـ "حزب الدستور" العلماني في مذكراته عن 19 شهراً قضاها في سجن طرة، وكيف أن السلطات وضعته في زنزانة مساحتها مترين في ثلاثة أمتار مع أستاذَي العلوم السياسية البارزين حسن نافعة وحازم حسني، اللذَين اعتُقلا في نفس الوقت تقريباً.
وقال إنه لم يُسمح لهم إلا بـ "سترة بيضاء متسخة" تسلمهم إياها إدارة السجن وتسبب لهم الحكة، وأُجبروا على المشي حفاة في السجن وإلى جلسات الاستماع في النيابة. وصف داود كيف أنهم أُجبروا على تناول الطعام من أكياس بلاستيكية في غياب الملاعق أو الأواني، واستخدام سكاكين مرتجلة مصنوعة من أغطية علب التونة. كان الصابون نادراً والماء الساخن شبه منعدم. كانت الزنزانة سيئة التهوية ولا تصلها أشعة الشمس.
ويرى الباحث أن الربط بين السجون و"الطراز الأمريكي" رد غير مباشر على اقتطاع جزء من المعونة الأمريكية ورهنها بالملف الحقوقي والإنساني في مصر بأن مصر لا تخضع للإملاءات ولا تهمها المعونة، وأن أمريكا بلد الحريات بها سجون ولها طراز خاص بها، فضلاً عن أنها رسالة من الرئيس للمعارضين ومن يشوهون إنجازات الدولة المصرية بأننا "سنبني لكم سجوناً خمسة نجوم" لكي تستوعب كل من يجرؤ على قول ما لا يُرضي الرئيس.
يستكمل الباحث: "يبدو أن الحكومة تتوقع اندلاع احتجاجات بسبب الأزمات المعيشية والوجودية! لكن استمرار الانتهاكات أو تغيير اسم السجون أو بناء سجون جديدة، ليس حلاً ولكن الحل هو أن تقرر الدولة فعلاً وقف الانتهاكات غير القانونية التي تفعلها، وتوقف حالة الطوارئ والمحاكمات غير العادلة، وتنهي معاناة آلاف المعتقلين المحبوسين ظلماً وتريحهم هم وأسرهم".
تقديرات المنظمات الحقوقية بوجود 120 ألف سجين في مصر موزعين على 78 سجناً
تشير المادة الأولى من قانون السجون رقم 396 لسنة 1956، عن أربعة أنواع رسمية للسجون "بإضافة نوع جديد للأنواع التي نص عليها قانون عام 1901" وهي: (ليمانات، وسجون عمومية، وسجون مركزية، وسجون خاصة)، ونتيجة للتوسع في محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، فهناك ما يمكن تسميته "السجون العسكرية".
اللافت أنه لم يتم تحديث القسم الخاص بقطاع مصلحة السجون على الموقع الإلكتروني الخاص بوزارة الداخلية منذ 13 عاماً ولا يوجد به إلا 25 منطقة سجون بدون أسماء.
تقديرات الشبكة العربية لأعداد السجناء والمحتجزين في السنوات الأخيرة أن عددهم يبلغ نحو 120 ألف سجين بين حكم نهائي وسجناء احتياطيين، وهو رقم قريب لما أعلنه أحد الإعلاميين المقربين لأجهزة الأمن، وأيضاً تقديراً لأعداد المحبوسين احتياطياً والسجناء السياسيين.
بحسب تقرير للمنظمة العربية لحقوق الإنسان كلفت السجون ميزانية الدولة مليارات الجنيهات، مشيراً إلى أن تكلفة بناء سجن واحد من تلك السجون، وهو سجن جمصة، بلغت 750 مليون جنيه، وهناك تكتم شديد من وزارة الداخلية على تكلفة إنشاء بقية السجون، وسط توقعات بأنها تكلفت المليارات من الجنيهات.
وفي أبريل/نيسان الماضي، قدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (غير حكومية، مقرها القاهرة) عدد السجون الرئيسية في مصر بـ 78 موزعة على 18 محافظة منها 43 سجن قبل ثورة يناير و35 تم إنشاؤها عقب ثورة يناير/كانون الثاني 2011. منها 26 في عهد السيسي (لا تشمل آخر 10 سجون تم الإعلان عنها مؤخراً وببناؤهم يصل عدد السجون في عهد السيسي إلى 36 سجناً).
كما أن هناك 382 مقر احتجاز داخل أقسام ومراكز الشرطة في مختلف المحافظات، إضافة إلى السجون السرية في المعسكرات، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن "المنظمة المصرية لحقوق الإنسان".
وبحسب إحصاءات موثقة يبلغ عدد السجون الجديدة منذ ثورة يناير وحتى سبتمبر 2016 (18 سجناً).
وفي بداية عهد السيسي في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 تم إنشاء سجن (2) شديد الحراسة بطرة، وسجن الصالحية العمومي بمحافظة الشرقية (عشرة أفدنة).
وبداية من عام 2015 تم التوسع في بناء السجون وتخصيص مساحات من الأفدنة لذلك الغرض، حيث تم إنشاء ستة سجون هي: سجن الجيزة المركزي، وسجن النهضة المركزي تابع لقسم شرطة النهضة بمديرية أمن القاهرة وسجن مركزي 15 مايو على طريق الأوتوستراد بحلوان (٢٥ فداناً) ولأول مرة في السجون تم تخصيص بعض الغرف لوكلاء النيابة العامة، والهيئات القضائية والمحامين؛ وهو ما يمكن من خلاله تجديد الحبس الاحتياطي للمحبوسين دون الحاجة إلى نقلهم أثناء كل محاكمة، رغم الحاجة لقرار رسمي من وزير العدل مع كل تحقيق أو محاكمة تعقد بسجن وخارج المحكمة، وهناك السجن المركزي بإدارة قوات أمن الجيزة سجن الكيلو 10 ونصف (١٠٣ أفدنة)، وسجن الخصوص المركزي بمديرية أمن القليوبية، وسجن إدكو المركزي بمحافظة البحيرة (على أرض مساحتها 10 أفدنة).
وفي عام 2016 تم إنشاء خمسة سجون هي: سجن قرية بغداد المركزي بمحافظة البحيرة، والسجن المركزي بمعسكر قوات أمن الخانكة بالقليوبية، وسجن العبور المركزي بالمنطقة الصناعية بمدينة العبور، وسجن جنوب بني سويف المركزي، وسجن عتاقة بالسويس.
ومنذ 2017 حتى شهر مارس/آذار 2021 صدرت قرارات بإنشاء 16 سجناً جديداً هي: سجن مركزي قسم ثالث شرطة طنطا يتبع مديرية أمن الغربية، وسجن التأهيل العمومي بالجيزة، وسجن مطروح العمومي، وسجن مركزي كرموز بالإسكندرية، والسجن المركزي بأسيوط الجديدة، وسجن أوسيم بالجيزة، والسجن المركزي للمنطقة المركزية بأسيوط.
والسجن المركزي بمركز شرطة محلة دمنة بالدقهلية، وسجن أكتوبر المركزي بالجيزة، وسجن مركزي بمركز شرطة سنهور القبلية بمديرية أمن الفيوم، وسجن يوسف الصديق المركزي بالفيوم، وسجن بلبيس المركزي، وسجن قسم ثالث بالعاشر من رمضان المركزي، وسجن قوات أمن العاشر من رمضان المركزي، والسجن المركزي بمركز شرطة الستاموني بمديرية أمن الدقهلية، فضلاً عن مجمع السجون على طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي.
وقد نشرت جريدة "الوقائع المصرية" أربعة قرارات نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي أصدرها وزير الداخلية بإنشاء 8 سجون مركزية جديدة في 4 محافظات هي: الفيوم وأسوان وكفر الشيخ والغربية، والسجون الجديدة جاءت في مركز شرطة طامية المركزي، وسجن مركز شرطة الشواشنة المركزي بالفيوم. وسجن قسم شرطة أسوان الجديدة، وسجن مركز شرطة دراو بأسوان، وسجن قسم شرطة زفتى بالغربية، بالإضافة إلى سجن قسم شرطة أول كفر الشيخ المركزي، وسجن قسم شرطة ثان كفر الشيخ، وسجن قسم شرطة بيلا المركزي بكفر الشيخ.
وفقاً للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فإن الغالبية العظمى من السجون التي تم إنشاؤها هي سجون مركزية، بينما قبل الثورة، كان هناك عدد قليل جداً من السجون المركزية التي يمكن أن تستوعب مئات الأشخاص؛ نظراً لأنها مصممة من الناحية القانونية لأولئك الذين يقضون عقوبات مخففة، غالباً تصل إلى ثلاثة أشهر، والتي تشمل الأشخاص الموجودين في السابق.
لماذا تُهدر دولة مأزومة اقتصادياً مليارات الجنيهات لبناء عشرات السجون الجديدة؟
يستغرب رمضان محمد، ناشط حقوقي، من هذا الكم الهائل من السجون المركزية وأماكن الحجز الملحقة بأقسام الشرطة والنقاط الشرطية وإدارات البحث الجنائي وفروعها، وغيرها من الأماكن الأخرى، مشيراً إلى أن تلك السجون وضع بها كل من تسلب حريته، فهل كل تلك الإعداد غير كافية بالنسبة إلى الدولة لاستيعاب المحكوم عليهم بالحبس البسيط أو الحبس مع الشغل لمدة لا تزيد على ثلاثة شهور، والذين يكونون محلاً للإكراه البدني تنفيذاً لأحكام مالية، وبناءً عليه صدرت القرارات السابقة بتخصيص أراضٍ لإنشاء سجون مركزية جديدة.
ويتساءل الناشط كيف يتم تخصيص آلاف الأفدنة من الأراضي ومليارات الجنيهات لإنشاء سجون مركزية جديدة في دولة مأزومة اقتصادياً يعاني مواطنوها من تدني مستوى المعيشة دون جدوى حقيقية تجنى؟!
المشكلة هي ما قاله أحد لواءات الشرطة المتقاعدين لـ"عربي بوست" من أن السجون المركزية لا تكون تابعة لمصلحة السجون والوضع القانوني الحالي للسجون المركزية يعرّضها للعديد من الانتقادات من جانب المنظمات الحقوقية.
فوفقاً لقانون السجون المصري، لا تتبع السجون المركزية مصلحة السجون المصرية، وكل سجن مركزي يكون تابعاً لمديرية الأمن التي يقع في نطاقها الجغرافي ذلك السجن المركزي أو مكان الحجز الملحق بقسم الشرطة، حيث تنص المادة 95 من قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956 على أن "تظل السجون المركزية خاضعة للنظام المقرر بها حالياً إلى أن يتم إلحاقها بمصلحة السجون ومنذ عام 1956 لم يصدر تشريع بإلحاق السجون المركزية لمصلحة السجون.
ويشير اللواء إلى أن السجون المركزية التي يتم إنشاؤها بقرار من وزير الداخلية يكون الإشراف القضائي عليها منقوصاً؛ إذ إن حق الدخول إليها لتطبيق الإشراف قاصر على النائب العام وحده، أو رئيس نيابة وهذا ما تذكره المادة الأولى مكرر من قانون تنظيم السجون، وبالتالي لا يستطيع عضو نيابة، أقل درجة، أن يقوم بتفتيش هذه الأماكن، كذلك لا يجوز لقاضٍ أن يدخل هذه الأماكن ويقوم بتفتيشها.
المشكلة الأخرى أن أماكن الاحتجاز غير التابعة لمصلحة السجون لا يوجد بها قاعدة بيانات مثل تلك الموجودة بمصلحة السجون ومن السهل أن يستعلم الأهالي عن مكان احتجاز سجين بمصلحة السجون إذا كان هذا السجين محتجزاً بأحد السجون التابعة للمصلحة، بينما لا يستطيعون الاستعلام عن سجين في واحد من أماكن الاحتجاز الأخرى إلا إذا ذهبوا الى نفس المكان المحتجز فيه.
ويستكمل: القانون يشترط وجود طبيب واحد مقيم على الأقل بكل سجن عمومي وليمان، ولم يشترط ذلك بالسجون المركزية، وكافة أقسام الشرطة لا يتواجد بها طبيب ولا تجهيزات طبية، والإدارة الطبية بمصلحة السجون لا علاقة لها بالسجون المركزية وأقسام الشرطة وأماكن الحجز الأخرى.
كما أنه مخصص للسجناء المودعين بالسجون التابعة لمصلحة السجون ميزانية لمعيشة السجناء (أكل وشرب)، أمَّا السجون غير التابعة لمصلحة السجون فلا توجد ميزانية مخصصة لهم، والسجناء المودعون في هذه الأماكن يعتمدون على ذويهم وما يدخلونه إليهم أثناء الزيارات.