ثبَّتت محكمة الاستئناف في باريس، الخميس 9 سبتمبر/أيلول 2021، حكماً بالسجن أربع سنوات ضد رفعت الأسد عمّ رئيس النظام السوري بشار الأسد، ومصادرة ثروة تقدّر قيمتها بتسعين مليون يورو، في ثاني قضية "جمع أصول عن طريق الاحتيال" تُقام في فرنسا، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
نائب رئيس النظام السوري السابق، البالغ 84 عاماً والذي يقدّم نفسه حالياً على أنه معارض لابن أخيه، بتهمة "غسل الأموال ضمن عصابة منظمة واختلاس أموال سورية عامة" بين 1996 و2016.
وأمرت المحكمة الفرنسية بمصادرة كافة الممتلكات غير المنقولة المعنية بالقضية،
فيما أعلن فريق الدفاع عن رفعت الأسد، فوراً أنه سيقدم طعناً أمام محكمة النقض.
وتقول وكالة الأنباء الفرنسية إنه نظراً إلى عمره ووضعه الصحي، من غير المرجح أن يُسجن رفعت الأسد الذي لم يحضر هاتين المحاكمتين لأسباب طبية.
تحقيقات مع رفعت الأسد
ويأتي قرار المحكمة بعد إنهاء القضاء الفرنسي تحقيقاته بناءً على شكوى تقدمت بها منظمتا "الشفافية الدولية" و"شيربا"، بشأن الثروة الهائلة التي يملكها رفعت الأسد المقيم في المنفى منذ 1984 بعد محاولة انقلاب فاشلة.
وصادر القضاء في إطار هذا الملف قصرين وعشرات الشقق في باريس وعقاراً يضمّ قصراً مع أرض حوله ومزرعة خيول في فال-دواز بالمنطقة الباريسية، وكذلك مكاتب في ليون إضافة إلى 8.4 مليون يورو من ممتلكات تمّ بيعها.
وكشفت التحقيقات أن هذه الأصول كانت مملوكة لرفعت الأسد وأقاربه عبر شركات في بنما وليختنشتاين ولوكسمبورغ.
ومِثل المحكمة الجنائية في يونيو/حزيران 2020، اعتبرت محكمة الاستئناف أن مصادر ثروة المدعى عليه هي خصوصاً خزائن الدولة السورية، لاسيما أموال وافق شقيقه حافظ الأسد على تحريرها مقابل مغادرته إلى المنفى.
وأُدين رفعت الأسد، المقيم في بريطانيا حالياً، بتهمة التهرب الضريبي المشدد، وكذلك بتهمة تشغيل عمال منزليين بشكل خفيّ، في المقابل تمّت تبرئته من أحداث في الفترة الممتدة من 1984 إلى 1996، بسبب مرور الزمن.
ويُعرف عن رفعت الأسد أنّه كان قائداً لـ"سرايا الدفاع"، وشارك في عام 1982 في قمع أحداث مدينة حماة والذي نتجت عنه مجزرة بعد مغادرته سوريا عام 1984، استقرّ في سويسرا ثمّ في فرنسا. وهو اليوم مقيم في بريطانيا ويملك إمبراطورية عقارات بأوروبا.
"مرحلة جديدة"
خلال المحاكمتين، أكد فريق الدفاع أن مصدر أموال رفعت الأسد "قانوني تماماً"، مشيرين إلى أنها "مساعدة ضخمة" من ولي العهد والعاهل السعودي فيما بعد، عبد الله، بين عام 1980 وتاريخ وفاته في 2015.
وقال أحد مستشاريه، المحامي إيمانويل روسينفيلد، إن رفعت الأسد "لم يرتكب جرم الاختلاس الذي اتُّهم به، وهذا بديهي"، فيما قال المحامي ويليام بوردون مؤسس "شيربا"، إنه عندما قُدمت الشكوى "منذ سبع سنوات، لم يكن أحد يصدّق" أنها ستحقق شيئاً. وأضاف: "بعدما وُجّهت إليه تهم بجرائم دموية خطيرة، بات رفعت الأسد اليوم مداناً على غرار مجرم أموال كبير".
ويلاحَق الأسد بسويسرا لجرائم حرب ارتُكبت في الثمانينيات، وقد يُحاكم أيضاً بإسبانيا لشبهات أكبر في "جمع أصول عن طريق الاحتيال" تشمل أكثر من 500 عقار مصادر، قيمتها 691 مليون يورو.
وقال محامي منظمة "شيربا" فانسان برينغارث، "إنها ترضية كبيرة بالنسبة لشيريبا"، و"بشكل عام لكل الأشخاص الذين يناضلون ضد الفساد".