أعلن رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، الإثنين 6 سبتمبر/أيلول 2021، رسمياً، انطلاق "مشروع المصالحة الوطنية" الشاملة في البلاد، داعياً كل الليبيين إلى العمل معاً من أجل "بناء وطن واحد، ترفرف عليه راية السلام".
جاء ذلك في بيان نشره المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي الليبي على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
فيما هنأ المنفي أبناء الشعب الليبي بهذه المناسبة، "مُثمناً كافة الجهود التي بُذلت في سبيل تحقيق ما تم التوصل إليه اليوم من مصالحة"، في إشارة إلى الإفراج عن السجناء الموقوفين على ذمة قضايا مختلفة، والذين صدرت بحقهم أحكام قضائية.
كما أكد رئيس المجلس الرئاسي، أن "القرارات التي اتُّخذت ما كان لها أن تُتخذ، لولا الرغبة الحقيقية والجادة، لدى الشعب الليبي، من أجل طي صفحات الماضي المؤلمة، وتجاوز الخلافات، ونبذ الفرقة، وإيقاف نزيف الدماء، ووضع حد لمعاناته".
في حين بارك المنفي للأمة الليبية انطلاق أولى خطوات المُصالحة الوطنية التي تُمثل الرغبة الحقيقية لدى الجميع لطيّ الماضي وتجاوز الخلافات، داعياً الليبيين إلى الالتفاف حول الوطن وبناء دولة القانون.
بينما لم يوضح البيان مزيداً من التفاصيل عن مشروع المصالحة ومراحله وآليات تنفيذه.
في وقت سابق من الإثنين، أعلن المجلس الرئاسي الليبي، أن الإفراجات التي طالت سجناء سياسيين في ليبيا مؤخراً، تأتي في إطار المصالحة الوطنية.
الإفراج عن الساعدي القذافي
كانت السلطات الليبية قد أفرجت، الأحد، عن الساعدي القذافي (48 عاماً)، نجل العقيد الراحل معمر القذافي، تنفيذاً لحكم قضائي ببراءته من تهم نُسبت إليه، ومدير مكتب المعلومات أحمد رمضان، بحسب مصدرين حكوميين، أحدهما أمني.
كان المجلس الرئاسي قد أعلن، الإثنين 5 أبريل/نيسان 2021، تأسيس مفوضية وطنية عليا للمصالحة الوطنية، لحل الخلافات بين الليبيين، مؤكداً أن "هذه بداية المصالحة الحقيقية".
حينها قال المنفي: "أعلن لكم عن خطوة لطالما انتظرناها جميعاً، ألا وهي إطلاق مشروع حقيقي للمصالحة الوطنية يجمع بين أبناء شعبنا ويؤلف بين قلوبهم ويطوي صفحة الماضي"، مضيفاً: "أعلن عن تأسيس المفوضية الوطنية العليا للمصالحة، لتكون صرحاً يجمع الليبيين ويجبر الضرر ويحقق العدالة بينهم بما يكفله القانون"، دون تفاصيل عن اختصاصها وتشكيلها.
يُذكر أن من بين مهام السلطة المؤقتة في ليبيا، تأسيس المفوضية العليا للمصالحة، وذلك ضمن خارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي برعاية أممية، في 5 فبراير/شباط الماضي.
ملتقى توافقي
كان رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، قد كشف، خلال مقابلة أجراها مع موقع "عربي بوست"، عن عقد لقاء بين كل الأطراف السياسية المتنازعة خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل؛ لمحاولة إحداث توافق داخلي بعيداً عن التدخلات الخارجية، ومن خلال تقديم تنازلات من كل الأطراف.
وأضاف: "نحن نعمل بجد وبقوة على هذا الأمر، وهو شغلنا الشاغل في الفترة الحالية، ونقوم الآن بتحديد المستهدفين للمشاركة في هذا الملتقى، وبدأنا التواصل معهم بالفعل، ونتمنى الوصول إلى تسوية سياسية".
في حين أوضح المشري أن "المجلس الأعلى للدولة ربما لا يتبنى هذا الملتقى التوافقي؛ حتى لا ينفر منه الآخرون الذين لديهم مواقف حادة من المجلس"، مؤكداً أن "المشاركة في هذه اللقاءات ستكون كبيرة، وبرعاية أكبر"، لكنه تحفَّظ على ذكر أسماء المشاركين؛ "حفاظاً على نجاح الملتقى"، على حد قوله.
يشار إلى أنه قبل شهور، شهدت ليبيا انفراجاً سياسياً، ففي 16 مارس/آذار الماضي، تسلمت سلطة انتقالية منتخبة، تضم حكومة وحدة وطنية ومجلساً رئاسياً، مهامها لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية.
وإثر خلافات بين أعضائه، أخفق ملتقى الحوار السياسي الليبي في التوافق حول قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات، في ظل تعذُّر إجراء استفتاء شعبي على مسودة لدستور جديد للبلاد؛ نظراً إلى ضيق الوقت ووجود صعوبات فنية.
بينما لا يزال حفتر يتصرف بمعزل عن الحكومة الشرعية، ويقود ميليشيا مسلحة تسيطر على مناطق عديدة، ويلقب نفسه بـ"القائد العام للجيش الوطني الليبي"، منازعاً المجلس الرئاسي في اختصاصاته.
جدير بالذكر أن البلد الغني بالنفط عانى لسنوات صراعاً مسلحاً، فبدعم من دول عربية وغربية ومرتزقة ومقاتلين أجانب، قاتلت ميليشيا حفتر، حكومة الوفاق الوطني السابقة، المعترف بها دولياً.