أعربت حركة "النهضة" التونسية، صاحبة أكبر كتلة برلمانية، الثلاثاء 24 أغسطس/آب 2021، عن "انشغالها العميق بالغموض الذي يكتنف مستقبل البلاد"، بعد قرار الرئيس قيس سعيد، تمديد إجراءاته الاستثنائية إلى أجل غير مسمى، كما جددت دعوتها إلى قيس سعيد من أجل "العودة للمسار الديمقراطي".
فجر الثلاثاء، قالت الرئاسة التونسية، في بيان، إن سعيد "أصدر أمراً رئاسياً يقضي بالتمديد في التدابير الاستثنائية المتخذة بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 80 لسنة 2021 المتعلق بتعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب وبرفع الحصانة البرلمانية عن كل أعضائه، وذلك إلى غاية إشعار آخر".
النهضة متمسكة بموقفها "المبدئي"
قالت "النهضة" (53 نائباً من أصل 217)، في بيان، إنها تعبر عن "انشغالها العميق بالغموض الذي يكتنف مستقبل البلاد، بعد الأمر الرئاسي بالتمديد، الذي يلغي مراقبة البرلمان الذي يمنح الدستور لرئيسه أو 30 من أعضائه حق طلب إنهاء الإجراءات الاستثنائية".
كما جددت الحركة "دعوتها إلى استئناف المسار الديمقراطي، المُعطّل منذ 25 يوليو/تموز 2021 والعودة السريعة إلى السير العادي لدواليب (مؤسسات) الدولة كما ينص على ذلك الفصل 80 من الدستور، واعتماد الحوار سبيلاً وحيداً لحلّ مختلف المشاكل".
الحركة، جددت كذلك "تمسّكها بموقفها المبدئي" الذي يعتبر تعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب ورفع الحصانة عن النواب، "خرقاً جسيماً للدستور، ومخالفة صريحة لمقتضيات الفصل 80 منه في التنصيص على إبقاء المجلس في حالة انعقاد دائم".
يذكر أنه، في 25 يوليو/تموز الماضي، قرر سعيد تجميد البرلمان، برئاسة راشد الغنوشي رئيس "النهضة" لمدة 30 يوماً، ورفع الحصانة عن النواب، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية، بمعاونة حكومة يعين رئيسها، ثم أصدر أوامر بإقالة مسؤولين وتعيين آخرين.
فيما رفضت غالبية الأحزاب، وبينها "النهضة"، إجراءات سعيد الاستثنائية، واعتبرها البعض "انقلاباً على الدستور"، بينما أيدتها أحزاب أخرى رأت فيها "تصحيحاً للمسار"، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وتداعيات جائحة "كورونا".
مبررات سعيد لهذا القرار
في وقت سابق من اليوم الثلاثاء، فسّر الرئيس التونسي قيس سعيّد، قرار تمديد الإجراءات الاستثنائية باستمرار "الخطر الداهم" الذي اعتبره "خطراً جاثماً"، وذلك خلال استقبال سعيّد، لمحمّد بوسعيد، وزير التجارة وتنمية الصادرات، بقصر قرطاج، وفق فيديو بثته الرئاسة التونسية على صفحتها الرسمية عبر الفيسبوك.
قال سعيّد في هذه المناسبة: "التدابير الاستثنائية تم التمديد فيها للخطر الداهم الذي هو خطر جاثم الآن"، وأضاف، أن "المؤسسات السياسية الموجودة الآن والطريقة التي تعمل بها، خطر جاثم ضد الدولة".
كما تابع قائلاً إن "البرلمان نفسه خطر على الدولة والتصويت فيه يتمّ بالتشاور مع اللوبيات (مراكز ضغط)"، لم يسمها.
الرئيس التونسي، لم يخلف المناسبة من أجل توجيه الاتهام إلى الحكومات السابقة بالاختلاس (لم يسمها) قائلاً: "الأموال التي أتت من الخارج خلال 10 سنوات، ذهبت إلى سويسرا".
بينما تساءل سعيد، رداً على الدعوات للحوار الوطني لحل الأزمة السياسية: "حوار وطني مع من؟، لا مجال للعودة إلى الوراء وسيأتي يوم وأكشف للشعب كل الحقائق والأسماء".
لا شيء واضحاً في المستقبل القريب
عن السيناريوهات المقبلة، اعتبر صلاح الدين الجورشي، وهو محلل سياسي، في حديث للأناضول، أن "المسألة الدّستورية والقانونية واجتهادات الرّئيس لن تكون غائبة في الفترة المقبلة، ولا أحد قادر على التّكهن بتنظيم انتخابات سابقة لأوانها من عدمه، الأمر الذي يجب أن يُسبق بتحوير (تعديل) دستوري وإحاطة الرئيس نفسه بجملة من الخبراء".
أردف: "التكهنات عديدة ويصعب الإجابة عن سؤال موعد كشف خريطة الطريق في الحين، لكن الاحتمالات مفتوحة على أكثر من سيناريو، أغلبها غير واضح أو هي معلومة فقط لدى الرّئيس دون سواه".
فيما قال الإعلامي صالح عطيّة، للأناضول، إنه "بعد شهر تقريباً منذ انقلاب الرئيس قيس سعيّد على الدّستور، لم تحصل تطورات تذكر على مستوى الإجراءات السّياسية والاقتصادية والاجتماعية، أو بعودة الحياة لمجراها الطبيعي بالمؤسسات التونسية".
تابع: "باستثناء قرارات حجر السّفر أو الإقامة الجبرية على بعض القضاة والمحامين والشخصيات العامة من رجال أعمال ومديري مؤسسات، لم تُحل قضايا أو ملفات فساد تهم رؤوساً كبرى أضرت بتونس، ولم تتم محاكمة فاسدين نهبوا المال العام، ولم تُتخذ إجراءات عملية توضح رؤى الرئيس لخارطة طريق واضحة".