قالت مجلة Newsweek الأمريكية، في تقرير نشرته الثلاثاء 24 أغسطس/آب 2021، إن شقيق أحمد شاه مسعود، أحد قادة الكفاح الأفغاني ضد الاتحاد السوفييتي والذي اغتيل مطلع الألفية الجديدة، طالب باتفاقية لتشارُك السلطة، وهو ما يحجّم مساعي طالبان لتطبيق الشريعة في البلاد.
يأتي ذلك في الوقت الذي تواصل فيه أمريكا عمليات إجلاء رعاياها من أفغانستان بعد انهيار الحكومة الأفغانية، في حين ترفض ولاية واحدةٌ الاستسلام ورفع راية الإمارة الإسلامية.
صحيحٌ أن طالبان، التي تُعرف الآن رسمياً باسم إمارة أفغانستان الإسلامية، أرسلت مئات المقاتلين لتطويق ولاية بنجشير التي تعد آخر معقل للمعارضة، لكن الولاية تسعى إلى المحادثات بدلاً من المخاطرة بإطلاق حرب جديدة.
المعارضة ضد طالبان
في حين يقود أحمد مسعود، ابن الزعيم الأفغاني الراحل أحمد شاه مسعود، المعارضة ضد طالبان في بنجشير، وهو وادٍ محصن بطبيعته يقع في شمال شرقي أفغانستان. كان الأب أحمد شاه مسعود يلقب بـ"أسد بنجشير"، في عصره ليس فقط بسبب قيادة الدفاع عن الولاية ضد طالبان خلال سيطرتهم على البلاد قبل 25 سنة، بل كذلك لمشاركته في الكفاح ضد الاتحاد السوفييتي في حرب استمرت عشر سنوات، وانتهت في عام 1989.
أما الآن، فيشارك شقيق أسد بنجشير وعمّ أحمد مسعود الابن، آماله التي يحملها لولاية بنجشير للتوصل إلى اتفاقية مع طالبان يمكن أن تُبطل مركزية حكم الحركة، وذلك خلال حديث له مع مجلة Newsweek.
حيث قال أحمد والي مسعود، الذي شغل من قبلُ منصب سفير أفغانستان لدى المملكة المتحدة والذي يقود الآن مؤسسة مسعود: "طالما كانت بنجشير رمزاً للمقاومة، خلال مقاومة الغزو الروسي، وكذلك خلال مقاومة الإرهاب، طالبان".
تابع مستدركاً: "ولكن في اللحظة الراهنة، نحاول جميعاً، وضمن ذلك بنجشير، أن نرى ما إذا كنا نستطيع التوصل إلى اتفاقية سلام تستند إلى مشاركة السلطة". وجادل بأن مثل هذه الاتفاقية لن تُظهر احتراماً لـ"طالبان" فحسب، بل كذلك للفصائل الأخرى.
نظام غير مركزي
في المقابل أضاف والي مسعود: "نأمل أن نتمكن من الوصول إلى نظام غير مركزي؛ حتى يتسنى للأشخاص المختلفين، سواء كانوا من طالبان أو ليسوا من طالبان، أن يعيشوا وفقاً لمبادئهم الخاصة أينما يريدون أن يعيشوا، ويجب عليهم أن لا يفرضوا بطريقة ما، مبادئهم على مبادئ الآخرين".
أوضح أن جميع أطياف الشعب الأفغاني يتوجب أن يكونوا قادرين على العيش بالطريقة التي يختارونها.
كذلك أردف: "على سبيل المثال، إذا أرادت طالبان أن تكون هناك قوانين شريعة، أي تفسيرهم الخاص بهم للشريعة، فيمكنهم فعل ذلك حيث يقبلهم الناس. ولكن لا ينبغي لهم فرضها في مدن مثل كابول. أو إذا كانت كابول لديها أشياء على شاكلة الانتخابات الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة وحرية الصحافة، فيجب عليها أن لا تفرضها على طالبان أيضاً".
في سياق متصل فقد حدد أحمد والي مسعود كيف يمكن أن يبدو مثل هذا النظام في أفغانستان: أمة متنوعة تستضيف طيفاً من عشرات المجموعات العرقية، وأكبرها البشتون والطاجيك والهزارة والأوزبك.
في المقابل فقد أوضحت المجلة أنه بينما يميل أغلب العالم الغربي إلى النظر إلى أفغانستان من منظور الحكم الديني في مواجهة الحكم العلماني، فإن أغلب حكام البلاد، بدءاً من الرئيس الراحل محمد داود خان، ووصولاً إلى الرئيس السابق حامد كرزاي، والرئيس الفارّ من البلاد مؤخراً، أشرف غني، كانوا جميعاً من البشتون. إضافة إلى أن طالبان نفسها ينحدر غالبية أفرادها من البشتون.
عدم اهتمام بالمفاوضات
في سياق متصل قال بلال وحيد، رئيس مؤسسة مسعود في أستراليا، خلال حديثه عن آرائه الخاصة وليس عن آراء المؤسسة التي يقودها، إنه شعر بأن طالبان كانت "غير مهتمة بالمفاوضات".
أضاف كذلك أن "العملية الحالية في كابول تبدو أقرب إلى نقل السلطة وليس مفاوضات. وفي هذه المرحلة، يبدو أن طالبان ربما لن تضع في الحسبان مشاركة السلطة مع أي مجموعات".
لكنه أعرب عن أمله، مثل والي مسعود، أن تتوصل فصائل أفغانستان إلى تسوية سياسية تكون جامعة ويكون نظام الحكم فيها غير مركزي. وأضاف: "وإن لم يحدث ذلك، فربما لن تركع بنجشير لطالبان، وسوف تتشكل مقاومة أخرى تشبه منتصف تسعينيات القرن الماضي".
في المقابل فقد أعرب ويل سيميس، عضو مجلس إدارة مؤسسة مسعود في الولايات المتحدة، عن أمله أن يتمكن القادة غير المنتمين إلى طالبان، مثل عبدالله عبدالله، رئيس مجلس المصالحة الوطنية، من التفاوض للحصول على نوع من الحكم الذاتي لبنجشير، إضافة إلى حقوق النساء الأفغانيات.
أوضح سيميس في حديثه مع مجلة Newsweek: "ظل الدكتور عبدالله في كابول، برغم الفرار الجبان لأشرف غني"، مضيفاً أن الرئيس غادر "مع حمولات سيارات من الأموال بالتأكيد بطريقة جديرة بالازدراء".
توتر على الأرض
في غضون ذلك، يتواصل تصاعد التوتر على الأرض، بعد أن عززت طالبان المناطق المحيطة بوادي بنجشير، وبعد أن طلبت المقاومة هناك تقديم الدعم الدولي.
في حين قال سيميس: "إنَّ راعي مؤسستنا، أحمد مسعود، ابن أحمد شاه مسعود، أعاد تنظيم المجموعات في وادي بنجشير الأفغاني الاستراتيجي، حيث يستهدف الدفاع عن الولاية ضد طالبان".
على الجانب الآخر، قال عبدالقهار بلخي، أحد أعضاء اللجنة الثقافية في طالبان، خلال حديثه مع مجلة Newsweek عن الموقف في بنجشير، إنه يأمل حل هذا الأمر أيضاً عبر الدبلوماسية بدلاً من وقوع صراع آخر في البلاد المنكوبة بالفعل بعد 4 عقود من الحرب.
أوضح قائلاً: "نأمل حل المشكلة البسيطة المتعلقة ببنجشير عبر الحوار، ونأمل ألا تكون هناك أي حاجة لاستخدام القوة. قنوات الاتصال الخاصة بنا تبقى مفتوحة مع جميع الأطراف".