المتحدث باسم طالبان لـ”عربي بوست”: أشرف غني انتهى.. ولا يمكن مساواة أفغانستان التي عاشت حروبًا مع دولٍ أخرى

عربي بوست
تم النشر: 2021/08/22 الساعة 19:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/09/06 الساعة 06:36 بتوقيت غرينتش

قال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان، محمد نعيم، إن هدفهم الرئيسي حالياً يتمثل في حرية شعبهم، واستقلال بلادهم، وإنهاء الاحتلال، وأن يكون هناك "نظام قوي مركزي يخدم الشعب ويستطيع تلبية احتياجاته وتطلعاته، ويكون قادراً على الدفاع عنه، ويحافظ على وحدة الشعب والبلد".

نعيم أضاف، في مقابلة خاصة مع "عربي بوست": "سيكون لدينا نظام عادل ونزيه ومنصف يرى فيه كل مواطن نفسه، ولن يوجد به أي فساد، ونتعهد بترسيخ الحرية والاستقلال الكامل لشعبنا، وسيتمتع الجميع بالخدمات المستحقة وفق الإمكانيات المتاحة"، متوقعاً أن "تتحسن الأوضاع أكثر فأكثر ليعمّ السلام والاستقرار والازدهار ببلادنا، خاصة أن الحرب انتهت، ولن يكون لها وجود في المستقبل".

وبسؤاله عن أبعاد ما يحدث حالياً في ولاية "بانشير"، أجاب: "بعض مديريات هذه الولاية تخضع بالفعل لسيطرة طالبان، وهناك جزء بسيط منها لم يخضع لنا حتى الآن، إلا أن هذه المشكلة سيتم حلها قريباً بالحوارخلال الأيام المقبلة، لكن إذا لم تنجح محاولات الحوار والتفاهم السلمي فآخر الدواء الكي كما هو معروف".

في حين حمّل نعيم المجتمع الدولي المسؤولية الرئيسية عن "تدهور الأوضاع في أفغانستان؛ فهو الذي تسبّب في الحروب الطاحنة، وأوجد مشاكل داخلية كثيرة جداً، بينما ترك الشعب الأفغاني ولم يقف بجواره، ولم يُقدّم له المساعدات". لكنه استدرك قائلاً بأن "الفرصة سانحة اليوم أمام المجتمع الدولي لأن يُصحح الأخطاء التي وقع فيها، وأن يُمد يد العون لشعبنا".

ما تعقيبكم على تصريحات الرئيس أشرف غني، والتي قال فيها إنه يجري مشاورات مع آخرين (لم يسمهم) لحين عودته للبلاد كي يواصل جهوده من أجل "تحقيق العدالة للأفغان"؟ وما موقفكم منه اليوم؟

أشرف غني انتهى بالفعل، ونحن لا نعرف مع مَن يجري مشاوراته التي يتحدث عنها أم أنه لا يجري أي مشاورات من الأساس. وبخصوص عودته إلى البلاد حالياً فأنتم تعرفون أن الأوضاع تمر بحالة غير عادية، إلا أنه في المستقبل يمكن له، ولأي أحد غيره، أن يعود كفرد من أفراد الشعب الأفغاني.

برأيكم، لماذا فشل "غني" في توحيد الفصائل الأفغانية ضد حركة طالبان؟

لأن الشعب الأفغاني ببساطة هو شعب حرّ وأبيّ منذ زمن قديم، وقد ثبت ذلك عبر التاريخ؛ فالشعب لا يلبي مطلقاً أي دعوات لا تكون مستقلة ووطنية خالصة، والجميع يعلم أن غني لم يكن يملك رأيه أو قراره، بينما الإمارة الإسلامية لها جذور شعبية متجذرة في عمق المجتمع الأفغاني، ولا يمكن الفصل بينها وبين الشعب، وهذا ما قد حاول الكثيرون فعله، لكنهم فشلوا فشلاً ذريعاً، وسيفشلون أيضاً في المستقبل إذا ما حاولوا تكرار ذلك.

النائب الأول للرئيس الأفغاني، أمر الله صالح، أعلن أنه لا يزال موجوداً داخل أفغانستان، وأنه "الرئيس الشرعي المؤقت" للبلاد.. فما تعقيبكم على ما أعلنه؟

لقد عفا الزمان على مثل هذه الأمور والترهات، ولا فائدة مطلقاً من تلك الدعوات والنعرات.

ما الملامح الأولية التي توصلتم إليها بخصوص طبيعة نظام الحكم الجديد؟ وهل ستكون هناك انتخابات أم لا؟

هذه كلها أمور مستقبلية ستتضح خلال الأيام المقبلة، ولا نستطيع الآن أن نجزم بشيء بخصوصها، وما يمكننا قوله حالياً إن الحكم سيكون إسلامياً جامعاً وشاملاً يضم كل أطياف الشعب، وسنقرر لاحقاً ما الذي يتناسب مع شعبنا، ولن نسمح لأي أحد بأن يأتي ويعلمنا كيف نتعامل مع شعبنا؛ فتقرير مصير الشعب يكون من الداخل لا الخارج، مع مراعاة أنه لا يمكن مساواة بلادنا التي شهدت حروباً طاحنة على مدى 40 عاماً بالدول الأخرى؛ فهذا أصل لا يمكن القياس عليه.

هل ستشهد حركة طالبان بعض التغييرات خلال المرحلة المقبلة؟

بمرور الزمن تكون هناك تغييرات، وإذا كان التغيير في التعاطي مع الأحداث والتطورات أو في التعامل مع البيئة والظروف المُستجدة فهذا أمر طبيعي، وحياة الإنسان كلها تجارب من وقت لآخر، لكن لا يوجد لدينا تغيير في الثوابت والأصول والعقيدة.

ولا شك أن الإنسان يتعلم باستمرار طوال حياته، والحياة كلها تجارب، ولدينا تغييرات كثيرة في مجال التكنولوجيا وغيرها من المجالات المختلفة، ولقد تراكمت لدينا الخبرات الكبيرة على كل الصعد والمستويات، ولذلك لن تكون هناك مشاكل كثيرة في المستقبل، والشعب والعالم أدركوا الحقيقة الآن بعدما كانوا سابقاً يسمعون فقط عن الإمارة الإسلامية، لكنهم اليوم يرون بأنفسهم أفعالاً قبل الأقوال.

والحمد لله تحسنت الإمارة الإسلامية كثيراً عما كانت عليه في السابق؛ فقد تعلمت جيداً من التجارب السابقة وغيرها، وبات لها قدرات جديدة خلال 20 عاماً في جميع المجالات سواء المجال السياسي أو العسكري أو التعليمي أو الاجتماعي أو الإعلامي أو الصحي وما إلى ذلك، و20 عاماً ليست بالمدة القليلة.

ما أولويات حركة طالبان خلال الفترة المقبلة؟

هدفنا الرئيس حالياً يتمثل في حرية شعبنا، واستقلال بلادنا، وإنهاء الاحتلال، وأن يكون هناك نظام قوي مركزي يخدم الشعب ويستطيع تلبية احتياجاته وتطلعاته، وأن يكون نظام الحكم الجديد قادراً على الدفاع عن الشعب، ويحافظ على وحدة وترابط الشعب ووحدة البلاد، ونؤكد أننا لن نسمح للآخرين بالتدخل في شؤوننا كما لا نتدخل في شؤونهم.

ما تقييمكم لردود الفعل الداخلية والخارجية حتى الآن في أعقاب سيطرة حركة طالبان على مقاليد الحكم؟

على مستوى ردود الفعل الداخلية؛ فالشعب الأفغاني سعيد للغاية بهذه التطورات؛ فقد كان هناك استقبال وترحيب حار بالمجاهدين، وما حدث كان أشبه بالانتفاضة الشعبية، والشعب الآن يتنفس الصعداء، خاصة أنه كانت هناك مشاكل أمنية في السابق، بخلاف استشراء الفساد بأنواعه المختلفة.

أما على مستوى ردود الفعل الخارجية؛ فنحن نرى تصريحات إيجابية لمختلف الدول؛ فالجميع يعترفون بأن طالبان أمر واقع، وهي قوة على الأرض لا يمكن إنكارها مطلقاً، وهم يرون أن التعامل مع الإمارة الإسلامية أمر ضروري لا بد منه، ومثل هذه التصريحات تبشّر بالخير؛ فنحن نريد علاقات طيبة مع كل دول العالم وألا تكون بيننا وبينهم أي مشاكل.

لكن لماذا يقلق البعض من عودتكم للحكم؟

هذا القلق لا يوجد له ما يبرره، ويمكن أن يكون لدى هؤلاء أغراض وأهداف أخرى، إلا أن قلقهم المزعوم لا يتسق مع الواقع، وليس له أي أصل في الحقيقة.

هل هناك جهات بعينها تعمل على "تشويه" حركة طالبان في ظل ما يقال حول تضييقكم على الإعلام والمرأة والحريات والأقليات؟

لا شك أن هناك جهات بعينها تعمل منذ 20 عاماً على تشويه الإمارة الإسلامية، وكانت هناك حروب إعلامية كبيرة ضدنا، وهذا أمر لا يزال موجوداً حتى الآن، وإذا كانت هناك مشكلة صغيرة يقومون بتضخيمها، بينما إذا كانت هناك مكتسبات يتنكرون لها، بل لا يذكرونها من الأساس، وبدلاً من أن توجّه المسؤولية إلى الجهة المعنية يوجهون المشكلة إلى طالبان.

وعلى سبيل مشكلة مطار كابول، ومشاهد احتشاد بعض المواطنين هناك، لا علاقة لنا بها على الإطلاق؛ فالمشكلة تُسأل عنها القوات الأجنبية من جميع النواحي، لأنهم هم مَن أعلنوا أنهم سيأتون لإجلاء 50 ألف شخص، وإذا ما اجتمع هذا العدد في أي دولة- حتى ولو في أمريكا ذاتها- لا يمكنهم التحكم في هذا الوضع، وبالتالي فالدعوة كانت من قِبلهم، لكنهم لم يستطيعوا التحكم في الأمور، وسقوط البعض من الطائرات مشكلتهم هم لا نحن، بينما لا أحد يقول ذلك، بل على العكس يتهمون الإمارة الإسلامية بالمسؤولية عن ذلك، ويدّعون أن ذلك بسبب الخوف من الإمارة الإسلامية، لكن حقيقة أن هذا حدث بسبب الترغيب الذي قدّمته القوات الأجنبية، وهذا وارد في مختلف أنحاء العالم؛ فإذا قالت أمريكا لأي دولة أخرى إننا نريد أخذ عدد كبير من الناس ستجد الجميع يهبّون من أجل السفر إلى الولايات المتحدة.

وبالتالي، فهذه المشكلة ترجع إليهم في الحقيقة، إلا أن الإعلام للأسف حمّل الإمارة الإسلامية المسؤولية الكاملة عن ذلك، وهذا أمر خاطئ تماماً.

كما أن البعض يسعى لترويج شائعات مغرضة، ويطلقون اتهامات فارغة كمحاولة يائسة لتشويهنا والنيل منا، مثلما حدث مؤخراً حينما زعموا أننا نقوم بتزويج النساء قسراً لمقاتلي الإمارة الإسلامية، بينما الشعب الأفغاني له تقاليد وأعراف لا يمكن لأي أحد أن يمسها، وهذا أمر لا أساس له من الصحة، وقد أصدرنا بيانات لدحض تلك الاتهامات الفاسدة التي لا أصل لها.

فأعداء الإمارة الإسلامية- سواء كانوا في الداخل أو الخارج- بعدما هُزموا في الحرب لم يجدوا أمامهم أي وسيلة أخرى سوى إطلاق الاتهامات الزائفة، والشائعات المغرضة، والأكاذيب الرخيصة. وهناك أياد مغرضة تسعى لإثارة الفتن والقلاقل، ولكنهم بإذن الله لن ينجحوا في ذلك، وقد شكّلنا لجنة للتواصل مع الإعلام المحلي والدولي لنشر الحقائق، ورفع الواقع، ودحض الشائعات والأكاذيب، وإزالة مخاوفهم.

وللعلم قبل دخولنا إلى كابول كانت لدينا معلومات استخباراتية تفيد بأن بعض المسؤولين في أجهزة النظام السابق، وخاصة ذات البُعد المخابراتي والأمني، أجروا ترتيبات بعينها، وشكّلوا بعض الجماعات، وأصدروا تعليمات إليهم بأن يحاولوا إحداث فوضى وبلبلة ومشاكل في الكثير من المدن، بهدف إلصاق تلك الممارسات بمجاهدي الإمارة الإسلامية، ومن أجل خلق مشاكل وأزمات مُفتعلة بعدما خرجوا من المشهد، إلا أننا نقوم بإلقاء القبض على أمثال هؤلاء بشكل يومي، وقد سيطرنا على الكثير منهم، ونحن بصدد القضاء عليهم قريباً إن شاء الله.

تجربة الحكم الأولى لحركة طالبان لم تحظ- حينما قامت- إلا باعتراف ثلاث دول فقط، وهي باكستان والسعودية والإمارات، ثم تراجعت السعودية والإمارات عن هذا الاعتراف لاحقاً.. فهل تعتقد أن تجربة حكم طالبان الجديدة ستحظى باعتراف الكثير من الدول العربية والغربية؟

من أجل إعلاء مصالح شعبنا وبلدنا نحن نريد علاقات طيبة وإيجابية مع دول المنطقة والجوار والعالم أجمع، بما فيها أمريكا، وقد حدث تغيير بالفعل في العلاقات مع الولايات المتحدة التي كانت مشكلتنا معها أو مع غيرها لا علاقة لها بأمور شخصية، بل كان هدفنا استقلال بلادنا، وحرية شعبنا، وانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، وبالتالي فلا نرى مشكلة في المستقبل في العلاقات بيننا وبين العالم أجمع.

البعض استنكر موقف الدول الإسلامية من إجهاض تجربة حكم طالبان الأولى وقالوا إن هذه الدول لم تحل دون تدمير بلد إسلامي ولم تكلف نفسها مشقة الدفاع عنه.. فكيف تنظر لموقف الدول الإسلامية اليوم من تجربة طالبان الجديدة؟

كان هذا موقفاً مؤسفاً بالفعل، ومخطئ مَن يظن أن هناك فرقاً بين الإمارة الإسلامية وبين الشعب الأفغاني؛ فحركة طالبان خرجت من قلب الشعب، ولنا جذور متجذرة في أعماق بلدنا، لكن ما مضى مضى ونحن اليوم لا نريد فتح جراح الماضي، بل نسعى لفتح صفحة جديدة بيضاء مع الجميع، لتكون بيننا علاقات حسنة وطيبة مع الدول الإسلامية وغيرها.

الأمم المتحدة حذّرت مؤخراً من حدوث كارثة إنسانية في أفغانستان.. فما أبعاد الأزمة الإنسانية خاصة مع نزوح عشرات الآلاف وغياب الكثير من الموارد ونقص الطعام؟ وكيف تتعاطى حركة طالبان مع تلك الأزمة؟

منذ البداية هناك كوارث إنسانية مختلفة في أفغانستان، والحرب العدوانية في بلادنا تسبّبت في أكبر الكوارث التي نعاني منها إلى الآن، كما أن جائحة كورونا خلقت مشكلة جديدة، فضلاً عن أزمة الفقر وتدهور الأوضاع المعيشية، إلا أننا سنبذل كل ما في وسعنا من أجل استقرار وتحسين الأوضاع ليكون لدينا أمن وأمان واستقرار، ونحقق عيشة كريمة لشعبنا.

أما ما يُقال عن نزوج عشرات الآلاف إلى خارج البلاد فهذه مبالغة غير حقيقية، لأن الأمر ليس بهذا القدر الكبير على الإطلاق، خاصة أنه مع انتهاء الحرب ستهدأ الأوضاع، ولن يكون هناك نزوح كبير كما يتصور البعض، بل إن هؤلاء سيعودون إلى مناطقهم، لأن الحرب لن يكون لها وجوداً في المستقبل، ونحن نطلب من المنظمات المعنية بتقديم المساعدات الإنسانية أن يمدوا يد العون إلى هؤلاء، ليقفوا بجوارهم في محنتهم.

لكن فيما يتعلق بنا؛ فنحن قمنا بتأمين الأوضاع في كل ربوع البلاد، ولا توجد أي مشاكل أمنية، وكل الناس يمكنهم العودة إلى منازلهم بسلام. وعلى صعيد المجتمع الدولي نحن ننادي ونناشد العالم كله أن يساعدوا المحتاجين من خلال المساعدات والمشروعات وغيرها، كي لا نجد أي مشكلات في البلاد خلال الفترة المقبلة، وهذه إحدى أهم المسؤوليات الملقاة على عاتق المجتمع الدولي.

برأيكم، مَن الذي يتحمل مسؤولية تدهور الأوضاع في البلاد؟

المجتمع الدولي هو المسؤول الرئيسي عن تلك الأزمة؛ فهو الذي تسبّب في هذه الحروب الطاحنة، وأوجد مشاكل داخلية كثيرة جداً، في حين ترك الشعب الأفغاني ولم يقف بجواره، ولم يُقدّم له المساعدات. وبسبب ممارسات المجتمع الدولي تفاقمت وساءت الأوضاع كثيراً، وكان البلد مُجزأ عملياً خلال السنوات الماضية؛ فكانت هناك حكومة لكل أمير حرب، إلا أن الإمارة الإسلامية استطاعت بفضل الله توحيد البلد والشعب. وأمراء الحرب للأسف ورطوا الشعب في العديد من المشاكل، بينما اليوم الفرصة سانحة للمجتمع الدولي لأن يُصحح تلك الأخطاء التي وقع فيها، وأن يمد يد العون لشعبنا.

ما أكبر التحديات والعقبات التي تواجه حركة طالبان؟

هناك ويلات وأزمات كثيرة للأسف من أبرزها أن هناك 5 ملايين شخص يعانون من تعاطي المخدرات، من بينهم نساء وأطفال، وهذه كارثة كبرى تسبّب فيها الاحتلال، والعالم يشهد الوضع الآن وإلى أين وصلت الأمور، وكذلك الفساد الإداري والمالي والأخلاقي قد استشرى في جميع الدوائر الحكومية، وبالتالي فاقتلاع جذور هذه المشكلة يُمثل عقبة كبيرة في طريق إصلاح الأوضاع لدينا، وأيضاً هناك نتيجةً للاحتلال بعض المشاكل القومية والتعصبات القبلية والجغرافية، ومثل هذه الأمور للأسف كانت هناك خطة لمعالجتها، لكن الاحتلال حال سابقاً دون هذا، ومع ذلك فالشعب الأفغاني مُتماسك ومُترابط ويتجاوز مثل تلك العقبات والتحديات، وإن كان ذلك سيأخذ وقتاً وجهداً؛ فالمرحلة المقبلة تتطلب الكثير من العمل والعطاء.

ما أبعاد ما يحدث حالياً في ولاية "بانشير"؟ ولماذا لم تحاول طالبان دخولها حتى الآن؟

بعض مديريات هذه الولاية تخضع بالفعل لسيطرة طالبان، وهناك جزء بسيط منها لم يخضع للإمارة الإسلامية حتى الآن، إلا أن هذه المشكلة سيتم حلها قريباً خلال الأيام المقبلة، والإمارة الإسلامية كانت لها سياسة موفقة جداً في التعاطي مع مثل هذه المشكلة منذ البداية، لأنها حريصة كل الحرص على حل جميع المشاكل بالحوار والتفاهم السلمي، ونتائج ذلك كانت مُفيدة للغاية، أهمها حقن الكثير من الدماء، وبالتالي فنحن نريد حل مشكلة "بانشير" من خلال التفاهم، وهذا واضح للجميع؛ فقد سيطرنا على جميع ربوع البلاد، وبالتالي فهذه البقعة المحدودة والبسيطة لن تكلفنا شيئاً أو جهداً، لكننا نريد ألا تُراق قطرة دم واحدة من أي مواطن، وإن كان لدى بعضهم أغراض غير صحيحة، ولكننا نريد- كمسؤولين عن شعبنا وبلدنا- حفظ دماء جميع أبناء وطننا. لكن إذا لم تنجح محاولات الحوار والتفاهم السلمي فآخر الدواء الكي كما هو معروف.

برأيكم، ما حجم الشعبية التي تتمتع بها حركة طالبان اليوم في أفغانستان؟

المشاهد الأخيرة هي خير دليل على مدى شعبية طالبان، والشعب خلال شهرين أو أقل من شمال البلاد إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، انضم إلى المجاهدين في تحركاتهم، ونترك للعالم تقدير حجم ونسبة شعبية الإمارة الإسلامية.

هل وارد اندلاع أو نشوب حرب أهلية في البلاد بعد الانسحاب الأمريكي وسيطرة طالبان حال تأزم الأوضاع؟

هذا أمر مستبعد تماماً، وهذا ثابت للجميع خاصة خلال الشهرين الماضيين، والجميع اليوم أدرك خطورة وفداحة الحروب الأهلية، وبفضل الله ثم بجهود الإمارة الإسلامية بات هناك استقرار وأمن وأمان في البلاد، ولن نسمح بإشعال الفتن مرة أخرى، وإن كانت هناك محاولات محدودة في هذا الإطار، لأن شعبنا سيتصدى لها ولن يسمح لها بالنجاح مطلقاً؛ فالشعب الآن واعٍ جداً، وقد جرب الحروب منذ 40 عاماً، ولذلك لن تكون هناك أي فرصة لبعض المغرضين من هنا أو هناك.

البعض توقع عودة الأمريكيين مجدداً إلى أفغانستان.. فهل هذا وارد أو محتمل؟

قضية عودة الأمريكيين انتهت بالفعل، وقبل أيام كانت هناك تصريحات للرئيس الأمريكي جو بايدن نفى خلالها احتمالية عودة بلاده إلى أفغانستان، وليست هناك جدوى لمثل هذه الخطوة، وماذا سيكون الهدف من إرسال القوات الأجنبية مُجدداً. هم كانوا موجودين هنا في بلادنا لمدة 20 عاماً فماذا فعلوا أو جنوا؟، وكان عددهم يتجاوز 150 ألف جندي، بينما لم يستطيعوا فعل أي شيء بهذا العدد الكبير من الجنود والعتاد، وبالتالي فماذا من المتوقع أن يفعلوا في المستقبل إن قرّروا العودة مُجدّداً؟، هذا أمر غير معقول أو مقبول بأي صورة من الصور، وأيضاً نراه غير وارد بالمرة.

أخيراً.. كيف تستشرفون مستقبل حكم طالبان إجمالاً خلال الفترة المقبلة؟

سيكون لدينا نظام عادل ونزيه ومنصف يرى فيه كل مواطن نفسه، ولن يوجد به أي فساد، ونتعهد بترسيخ الحرية والاستقلال الكامل لشعبنا، وسيتمتع الجميع بالخدمات المستحقة وفق الإمكانيات المتاحة.

والأزمة الرئيسية كانت تتمثل في الحرب، بينما اليوم انتهت هذه الحرب، والآن الفرص سانحة في جميع المجالات، والشعب الأفغاني هو شعب بطبيعته يعمل ويجتهد، ويحاول أن يجد لقمة عيشه بنفسه وألا يمد يده إلى أي أحد، ونحن نحاول أن نوفر له أكثر من ذلك، وسيكتمل هذا بمساندة المجتمع الدولي ودول الجوار والمنطقة لنا، ونتوقع أن يتحسن المستقبل أكثر فأكثر ليعمّ السلام والاستقرار والازدهار ببلادنا، خاصة في ظل التواصل بيننا وبين الشعب والمجتمع الدولي.

تحميل المزيد