يستعد حزب العدالة والتنمية إلى ترشيح الأمين العام الحالي للحزب سعد الدين العثماني، وسط العاصمة الرباط، للانتخابات التشريعية المقبلة، المقرر عقدها 6 سبتمبر/أيلول 2021.
وبين منتقد وداعم، استطاع موضوع ترشيح سعد الدين العثماني للانتخابات المقبلة أن يخلق الجدل في الوسط السياسي المغربي، خصوصاً أن رئيس الحكومة الحالي غيَّر الدائرة الانتخابية التي ألف الترشح فيها دائماً.
وكان الدين العثماني يترشح في دائرة إنزكان بالجنوب، القريبة من مسقط رأسه، ثم دائرة المحمدية، وهي مدينة صغيرة جنوب الرباط، قبل أن يقرر الترشح في واحدة من الدوائر المهمة وسط العاصمة، وهي دائرة المحيط.
ترشح سعد الدين العثماني واستبعاد بنكيران
اختارت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وهي أعلى هيئة قيادية داخل الحزب، ترشيح سعد الدين العثماني، الأمين العام الحالي، ورئيس الحكومة للانتخابات التشريعية المقبلة، ليتنافس للظفر بمقعد برلماني.
وكشفت مصادر مقربة من العثماني لـ"عربي بوست"، أنّ الغرض من ترشح الأمين العام للحزب للانتخابات ليس هو الفوز بمقعد برلماني، وإنما لاختبار شعبيته وشعبية الحزب، وسط واحدة من أهم الدوائر الانتخابية في المغرب.
وأضافت المصادر ذاتها أن العثماني رفض الترشح في الدائرة التي كان يترشح فيها بنكيران، وذلك حتى بعدما حسم هذا الأخير عدم دخوله غمار الانتخابات التشريعية، حتى يتجنب أي صدام محتدم بين الطرفين.
وقال الصحفي المغربي عبدالصمد بنعباد، إن "ترشيح حزب العدالة والتنمية لرئيسه سعد الدين العثماني للانتخابات التشريعية القادمة، يمكن قراءته على أنه محاولة من الحزب للحفاظ على العرف الذي دشنه منذ قرار بنكيران الترشح، بمعنى أن رئيس الحكومة يواجه المجتمع".
وأضاف المتحدث أنه "في مسألة ترشيح رئيس الحكومة والحزب يحاول العدالة والتنمية القول إنه ما زال وفياً للإرادة الشعبية، ومعنياً بها وبدلالاتها ونتائجها، وأنه بعكس ما يروج ضده مازال معنياً بأصوات الناخبين، لذلك قرر ترشيح رئيسه للانتخابات".
وأشار الصحفي المتتبع للشأن السياسي أن "الحزب يحرص على تكريس صورة الحزب الفائز في الانتخابات، ورئيس الحكومة الذي جاءت به صناديق الاقتراع، الذي عليه عرض حصيلته للناس من أجل التصويت عليها".
العثماني لم يُرد الترشح
وفي الوقت الذي يدافع فيه تيار سياسي عن ترشح العثماني للانتخابات المقبلة، يرى آخرون أن هذه الخطوة التي أقدم عليها الحزب هي خطوة "انتحارية"، لأن عدم فوز العثماني هي ضربة ستكون موجعة لأقوى حزب سياسي في المغرب منذ الربيع العربي.
وكشفت مصادر داخل حزب العدالة والتنمية، أن هناك تياراً داخل قيادات الحزب كان ضد قرار ترشح العثماني للانتخابات المقبلة، أولاً لكي لا تُمتحن شعبيته، ثانياً لكون الرجل تدرّج في كل المناصب الممكنة، من برلماني إلى وزير الخارجية، ثم رئيس الحكومة.
وأضاف المصدر ذاته أن التيار الذي كان ضد ترشح العثماني دافع عن طرحه، كون فوز العثماني أو خسارته في الانتخابات لن يخدم الحزب نهائياً، بل سيضرب بمصداقيته، ويُتهم بـ"التشبث بالمناصب، والبحث عن المقاعد البرلمانية".
وكشفت المصادر نفسها أن العثماني كان واحداً من التيار الذي يرفض ترشحه للانتخابات المقبلة، ورفض منذ البداية فكرة أن ينزل للشارع مرة أخرى في الحملات الانتخابية، لكن القرار الأخير احتكم لأصوات الأغلبية.
من جهته يرى الصحفي المغربي، عبدالصمد بنعباد أن "يقين الحزب أن حصيلة تدبيره للحكومة تظل إيجابية جداً، لذلك دافع عن فكرة ترشيح رئيس الحكومة العثماني، الذي كان رافضاً للفكرة، وخضع في آخر المطاف لإجماع الأمانة العامة (القيادة السياسية للحزب)".
وأضاف المتحدث أن "الملاحظة المهمة أن حزب العدالة والتنمية كان دوماً يُحول الانتخابات إلى فضاء للاشتباك السياسي، وبالتالي ينعكس على درجة الانخراط في الشأن العام أثناء الانتخابات، ويرفع من درجة الحماسة للتصويت، وهو الأمر شبه المنعدم في هذه الانتخابات، ولعل النقاش السياسي والدستوري والقانوني الذي عاشه المغرب بعد قرار ترشح بنكيران في 2016، والصمت الذي قوبل به ترشح العثماني يعكس ما أقول".
وأشار المتحدث إلى أن "الحزب يقول إن حصيلته إيجابية على مستوى تدبير الشأن العمومي، لكن الواقع شيء آخر لا يُمكن التنبؤ به ومعرفة ماذا سيحصل، لكن في النهاية نتائج التصويت هي التي ستحسم".
وعود العثماني لم تتحقق
وفي الوقت الذي حُسم فيه ترشح سعد الدين العثماني للانتخابات المقبلة، خرج عدد من الوجوه السياسية يقولون إن رئيس الحكومة الحالي لم يُحقق أي شيء من وعوده الانتخابية، خصوصاً في مدينة المحمدية، التي كان يُحقق فيها اكتساحاً كبيراً.
ويواجه سعد الدين العثماني موجة انتقادات واسعة بسبب "تهريب" ترشحه في كل مرة من دائرة انتخابية صوب أخرى على الصعيد الوطني، معتمداً في ذلك على قواعد الحزب المحلية.