أهل القبائل يرفضون شققاً سكنية مقابل أراضيهم المتفحمة.. هل أخمدت الحرائق في الجزائر لتشتعل أزمة التعويضات؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/08/18 الساعة 13:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/08/18 الساعة 13:56 بتوقيت غرينتش
سكان القبايل الجزائرية يحصون خسائرهم بعد إخماد الحريق (رويترز)

بعد أن أعلنت السلطات الجزائرية سيطرتها على معظم الحرائق التي نشبت في منطقة القبائل وعديد من الولايات الأخرى، بدأ المتضررون التفكير في وضعهم المعيشي الذي بات مزرياً، فألسنة اللّهب التي لاحقت بيوتهم ومزارعهم لأيام لم تترك لهم سوى الرماد. 

الرئيس عبدالمجيد تبون نصّب يوم الإثنين، 16 أغسطس/آب 2021، لجنة خاصة لتعويض المتضررين، وعيّن على رأسها مستشاره الخاص عبدالحفيظ علاهم. 

وأقرّت اللجنة مباشرة بعد تنصيبها تعويضات لأسر ضحايا الحرائق، بقيمة 8 آلاف دولار عن كل شخص تُوفّي، فضلاً عن علاج جميع المصابين على نفقة الدولة، بما في ذلك إجراء عمليات تجميلية للمشوهين على مستوى الوجه. 

وقد تكون التعويضات المادية عن الضحايا مهمة للأسر التي فقدت أحد أبنائها، لكن الأهم بالنسبة إليهم هو تعويض منازلهم وبساتينهم وحيواناتهم، التي تعد مصدرهم الوحيد للعيش. 

كيف تعيش القبائل؟ لا يملكون إثباتات الملكية 

لا تبدو عملية تعويض المتضررين من الحرائق في الجزائر، لاسيما في منطقة القبائل، سهلة، فمن الصعب تعويض قرويين لا أحد يعرف ممتلكاتهم الحقيقية ما هي، فهم لا يؤمنون بالإحصاء والتأمين وحتى وثائق الملكية. 

يتساءل عمي مقران، صاحب الـ65 سنة، القاطن بقرية "واسيف"، وهي إحدى القرى الأكثر تضرراً من الحرائق بولاية تيزي وزو، وعلى وجهه بعض الحزن وقليل من الحيرة، عن كيفية تعويضه وقد التهمت النار 17 شجرة زيتون وعشة من التبن وبضع دجاجات ومعزتين، وألحقت أضراراً خفيفة بمسكنه العائلي، مشيراً إلى أن مصيره معلق بمدى تصديق لجنة الإحصاء لكلامه، وإلا فلن يحصل على شيء، لأنه لا يملك أي إثبات على ممتلكاته سوى ملكية البيت. 

ويزيد عمي مقران، الذي تحدث لـ"عربي بوست"، بأن عدم تعويضه يعني أنه خسر كل شيء، ولن يكون قادراً على العيش، فهو يعتمد في قوته هو وعائلته المكونة من خمسة أفراد على حليب معزتيه، وجني الزيتون، وبيض دجاجه، ومعاشه الزهيد الذي يبلغ قرابة 70 دولاراً في الشهر. 

"عمي مقران" أكد أن جل المتضررين في القرية يعيشون نفس الوضعية، وعلى لجنة الإحصاء والتعويض أن تأخذ خصوصية منطقتهم بعين الاعتبار. 

في أعالي ولاية تيزي وزو، وبالضبط في قرية عين الحمام وعلى مدخلها الشرقي يقطن "لوناس"، (42 عاماً)، لم يتضرر مسكنه، ولا محيطه، لكن أرضه التي تقع شمال القرية أُحرقت بالكامل. 

لوناس يقول إن "النار التهمت أكثر من 100 شجرة زيتون، وأملك كل الإثباتات على ذلك، فالأشجار متفحمة ومازلت منتصبة في أماكنها، وما على لجنة الإحصاء إلا معاينتها للتأكد، إنها خسارة لا تعوض بالمال، سنوات وأنا أعتني بها، وأحرقت في ساعة". 

وفيما يخص حديث البعض عن تعويضات خارج القرية كمنح مساكن للمتضررين وتعويضات مالية بدل الأراضي، قال لوناس: "هذا مستحيل، لا أحد سيقبل بترك منزله أو أرضه، نريد تعويضات عادلة عن الخسائر وفقط، لا يمكن أن نُغادر أرضنا وبيوتنا، هذا من المستحيلات". 

لجنة خاصة 

أعلنت ولاية تيزي وزو، الأحد 15 أغسطس/آب 2021، وصول ما يزيد عن 130 مهندساً تابعاً للهيئة الوطنية للمراقبة التقنية للبناء، و60 خبيراً من قطاع الفلاحة، علاوة على إطارات بالمديريات الولائية والفروع المحلية لقطاعات السكن والتجهيزات العمومية والفلاحة والغابات، لمباشرة عملية الإحصاء والتقييم الأولية، قبل مباشرة صب التعويضات للمتضررين، التي ستبدأ بداية من منتصف الشهر القادم وفق مصادر مطلعة لـ"عربي بوست". 

ودعا الرئيس تبون، الإثنين 16 أغسطس/آب، لجنة التعويضات، إلى تعويض الجميع على قدم المساواة في أسرع وقت ممكن. 

أرقام وخسائر مرعبة 

كشف الأمين العام لولاية تيزي وزو، ميلود فلاحي، اليوم الأربعاء 18 أغسطس/آب، أن 794 بناية و831 مستثمرة فلاحية تضررت من حرائق الأسبوع الماضي بالولاية. 

وأكد المسؤول ذاته أن الخسائر خضعت للمعاينة التقنية من قبل لجان تقييم خاصة. 

وأوضح المتحدث ذاته، الذي يترأس خلية أزمة حرائق الغابات بولاية تيزي وزو، أنه من بين 794 بناية خضعت للخبرة من قبل المهندسين والمراقبة التقنية للبنايات، فإن 752 هي منازل فردية وجماعية و42 أخرى تمثل مؤسسات مدرسية.

مضيفاً أن مصالح المراقبة التقنية للبنايات ستقوم بتصنيف البنايات حسب الفئات، وحسب مستوى الأضرار التي تعرضت لها (اخضر وبرتقالي وأحمر)، مضيفاً أن اللجان سيكلفون بعد ذلك بإعداد كشف كمي للخسائر، والتقييم المالي سيتم من قبل لجنة أخرى على المستوى المركزي.

تحميل المزيد