نقلت شبكة CNN الأمريكية، الثلاثاء 17 أغسطس/آب 2021، كواليس ما حدث بعد "انتصار" طالبان وسيطرتها على كابول، إذ قالت الشبكة إن الرئيس بايدن كان في إقامته في كامب ديفيد، إذ إنه اضطر لقطع إقامته والعودة بشكل عاجل إلى البيت الأبيض.
بايدن واجه مطالبات، حتى من حلفائه السياسيين، بالتحدث أمام الجمهور عن سقوط أفغانستان في أيدي طالبان، وأقر كبار مساعديه علناً بأنهم فوجئوا بالسرعة التي انهار بها الجيش الأفغاني، لكنهم أرادوا أن يستقر الوضع في كابول قبل أن يخرج بايدن بخطابه، وفاقمت تصريحاته مطلع هذا الصيف، التي وصف فيها استيلاء طالبان على السلطة بأنه "مستبعد" هذا الشعور بالمفاجأة.
وأثناء جلسات الإحاطة سأل الرئيس أفراد فريقه عن خطئهم في تقدير الوقت الذي سيستغرقه انهيار الجيش الأفغاني، وفقاً لأشخاص مطلعين. وأعرب أيضاً عن استيائه من فشل أشرف غني، الرئيس الأفغاني المخلوع، الذي فر من البلاد يوم الأحد 15 أغسطس/آب، في الالتزام بالخطة التي وضعها في المكتب البيضاوي، في يونيو/حزيران، لمنع طالبان من السيطرة على المدن الكبرى.
رد فعل بايدن على سقوط أفغانستان بيد طالبان
ومطلع هذا الأسبوع، كان بايدن مقيماً في المنتجع الرئاسي، ويتلقى الإحاطات على الشاشات أو عبر الهاتف أثناء جلوسه بمفرده أمام طاولة مؤتمرات، وعقد المستشارون اجتماعات منفصلة لمناقشة متى وكيف يتعين عليه معالجة الموقف، وحين عاد إلى البيت الأبيض ظهيرة يوم الإثنين، افترض العديد من مساعديه أنه سيمضي فيه الليلة على الأقل.
غير أنه فور وصول بايدن إلى واشنطن انتشر الخبر بأن إقامته في البيت الأبيض لن تطول، وبعد خطابه الذي استمر 18 دقيقة، عاد بايدن إلى الجبال سريعاً.
وفي الوقت الذي كان يبذل فيه المستشارون جهوداً محمومة يوم الإثنين لضبط خطاب الرئيس، كان الشعور بالقلق إزاء الدرجة التي أخطأ بها بايدن في تصريحاته وحساباته على مدى الأشهر العديدة الماضية أكبر منه إزاء الانتقادات المتوقعة من الجمهوريين، إذ يسلط هذا الحدث الضوء على اثنتين من أبرز سمات بايدن السياسية: القليل من الدفاعية العنيدة واليقين الشديد في اتخاذ القرارات الذي لا يتيح مجالاً كبيراً للتشكيك.
وأثارت هاتان السمتان جواً من التحدي خيّم على البيت الأبيض يوم الإثنين، لكن صور الفوضى في كابول- التي وصفها الرئيس بـ"المؤلمة"- كانت دليلاً دامغاً على الفشل. أما مهمة تحديد الخطوة التالية فمتروكة لبايدن.
نقاش حاد بالبيت الأبيض
داخل البيت الأبيض ووكالات الأمن القومي ثار نقاش حاد عن كيف حدثت هذه الكارثة المتفاقمة التي تشهدها أفغانستان، ووجد المسؤولون الذين بنوا مسيرات مهنية كاملة على مشكلات البلاد صعوبة في استيعاب هذه النهاية الكليلة للصراع الذي بدأ منذ 20 عاماً.
لكن الرسالة الجريئة في خطاب بايدن الإثنين عكست المحادثات التي أجراها مع المستشارين على مدار اليومين الماضيين، إذ كان المسؤولون يدركون أن الوضع الذي آلت إليه البلاد في النهاية كان احتمالاً قائماً (تغلُّب طالبان على الحكومة المدنية في كابول فور رحيل القوات الأمريكية) لكنهم كانوا يتكلون على أنه مستبعد.
وأقر كبار مساعدي بايدن صراحة هذا الأسبوع بأنهم لم يتوقعوا أن يحدث ما حدث بهذه السرعة.
سيطرة طالبان على أفغانستان
أقرّ الرئيس الأفغاني أشرف غني، الذي فرّ إلى خارج أفغانستان، مساء الأحد، بأنّ "حركة طالبان انتصرت"، في حين أظهرت مشاهد تلفزيونيّة مقاتلين من الحركة وهم يحتفلون بـ"النصر" من القصر الرئاسي في كابول.
وبعد عشرين سنة تقريباً على طردها من السلطة، بات انتصار طالبان العسكري كاملاً مع انهيار القوّات الحكوميّة، في غياب الدعم الأمريكي.
كما أعلن المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، عبر تويتر، أن "وحدات عسكرية من إمارة أفغانستان الإسلامية دخلت مدينة كابول لضمان الأمن فيها".
من جهتها، كشفت حركة طالبان أنها ستعلن قريباً "إمارة أفغانستان الإسلامية" من القصر الرئاسي في العاصمة كابول، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
فقد استولت طالبان على كل أفغانستان تقريباً، فيما يزيد قليلاً عن أسبوع، رغم مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" على مدى ما يقرب من 20 عاماً، لبناء قوات الأمن الأفغانية.
ومنذ مايو/أيار الماضي، بدأت طالبان توسيع رقعة نفوذها في أفغانستان، تزامناً مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأمريكية، المقرر اكتماله بحلول 31 أغسطس/آب الجاري.