دعا مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، الإثنين 16 أغسطس/آب 2021، إلى تشكيل حكومة جديدة في أفغانستان، من خلال المفاوضات، تكون "موحدة وشاملة وتمثيلية، تتضمن مشاركة للمرأة بشكل كامل وعلى قدم المساواة وجاد"، مطالباً بـ"الوقف الفوري لكافة الأعمال العدائية في البلاد".
جاء ذلك في بيان أصدره المجلس، عقب جلسة طارئة، عقدها بطلب من النرويج وإستونيا، حول تطورات الوضع في أفغانستان، غداة سيطرة حركة "طالبان" على العاصمة الأفغانية كابول، الأحد.
فيما أكد المجلس، المؤلف من 15 دولة عضواً، أن "إنهاء الصراع في أفغانستان يكون من خلال تسوية سياسية مستدامة وشاملة، بقيادة وملكية أفغانية، تدعم حقوق الإنسان، وضمن ذلك حقوق النساء والأطفال والأقليات".
كما حث جميع الأطراف على "تعزيز الجهود المبذولة لتقديم المساعدة الإنسانية لأفغانستان، والسماح بوصول المساعدات بشكل فوري وآمن ومن دون عوائق أو عراقيل للوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة والجهات الفاعلة الإنسانية الأخرى، وضمن ذلك عبر خطوط النزاع؛ لضمان وصول المساعدات لجميع المحتاجين".
في حين أعرب مجلس الأمن عن "القلق العميق إزاء عدد من الانتهاكات المُبلَّغ عنها لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي"، مشدداً على "ضرورة محاسبة الجناة وتقديمهم إلى العدالة"، مؤكداً أهمية احترام التزاماتهم بموجب القانون الدولي، ومن ضمنها تلك المتعلقة بحماية المدنيين.
كذلك، أكد مجلس الأمن "أهمية مكافحة الإرهاب في أفغانستان؛ لضمان عدم استخدام أراضيها لتهديد أو مهاجمة أي بلد، وعدم قيام طالبان أو أي جماعة أفغانية أخرى أو فرد بدعم الإرهابيين في أي دولة أخرى".
في وقت سابق من الإثنين، أعلن ممثل المكتب السياسي لـ"طالبان" في قطر، سهيل شاهين، أن الحركة تعتزم تشكيل "حكومة إسلامية" تضم أيضاً أعضاء من غير الحركة.
"التصدي للإرهاب"
من جهتها، اعتبرت المندوبة الأمريكية، السفيرة ليندا توماس غرينفيلد، أن وصول "طالبان" إلى كابول، الأحد، بمثابة "فترة غير مؤكدة وحاسمة، تتطلب من المجتمع الدولي التحدث بصوت واضح وموحد"، مضيفة: "يجب أن يكون كل أفغاني قادراً على العيش في أمان وأمن وكرامة، وتجب حماية السكان المدنيين واحترام الحريات الأساسية لجميع المواطنين الأفغان، خاصةً النساء والفتيات والأقليات".
غرينفيلد تابعت: "ندعو جميع الأطراف إلى التصدي للإرهاب، وعلينا جميعاً أن نضمن ألا تكون أفغانستان قاعدة للإرهاب مرة أخرى"، داعيةً جيران أفغانستان، وغيرهم في المنطقة وخارجها، إلى "توفير الملاذ، سواء كان مؤقتاً أو دائماً، للأفغان الذين يحاولون الفرار".
بدوره، أكد المندوب الروسي، السفير فاسيلي نيبيزيا، أهمية عدم تحوُّل أفغانستان إلى ملاذ آمن للإرهاب.
لكنه اعتبر أن "طالبان أرست حتى الآن وضعاً مستقراً في أفغانستان، ولم تكن هناك حمامات دم".
فيما قال نائب المندوب الصيني، جينج شوانج، خلال الجلسة، إن "الوضع الحالي في أفغانستان ناجم عن الانسحاب المتسرع للقوات الأجنبية من هذا البلد".
من جانبه، قال نائب المندوبة البريطانية، السفير جيمس كاريوكي، إنه "في حال انتهكت حركة طالبان حقوق الإنسان الأساسية، فلا يمكنهم توقع الشرعية في نظر الشعب الأفغاني أو المجتمع الدولي"، داعياً الحركة إلى "وقف جميع الأعمال العدائية، وضمان حماية المدنيين، والالتزام بعدم إيواء الجماعات الإرهابية، وحماية حقوق الإنسان ودعمها".
كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، خلال الجلسة، المجتمع الدولي إلى الاتحاد و"استخدام جميع الأدوات" لعدم تحوُّل أفغانستان إلى "منصة أو ملاذ للإرهاب".
سيطرة طالبان
كانت "طالبان" قد أعلنت، الأحد 15 أغسطس/آب الجاري، سيطرتها على العاصمة كابول، وعواصم ولايات لغمان وميدان وردك وباميان وخوست وكابيسا وننغرهار ودايكندي في البلاد.
بذلك، باتت 31 عاصمة (مركز) ولاية أفغانية من أصل 34 في قبضة "طالبان"، بعد سيطرتها، الأحد، على عواصم 7 ولايات.
في حين أفادت مصادر محلية، الأحد، بمغادرة الرئيس الأفغاني أشرف غني البلاد، ونقلت وكالة رويترز عمن وصفته بالمسؤول الكبير في وزارة الداخلية الأفغانية، أنَّ غني غادر إلى طاجيكستان.
من جهته، قال مكتب الرئيس الأفغاني لوكالة رويترز، إنه لا يمكنهم الإفصاح عن أي شيء بخصوص تحركات غني، لأسباب أمنية.
يُذكر أن "طالبان" كانت قد تمكنت، قبل أقل من 3 أسابيع على سحب الولايات المتحدة آخر قواتها، من السيطرة على جزء كبير من شمال أفغانستان وغربها وجنوبها.
نتيجة لذلك، استولت "طالبان" على كل أفغانستان تقريباً فيما يزيد قليلاً على أسبوع، رغم مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" على مدى ما يقرب من 20 عاماً، لبناء قوات الأمن الأفغانية.
كان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قد صرّح، قبل أيام، بأنه غير نادم على قراره مواصلة الانسحاب، منوهاً إلى أن واشنطن أنفقت أكثر من تريليون دولار وفقدت آلاف الجنود خلال 20 عاماً، ودعا الجيش والزعماء الأفغان إلى التصدي للتحدي.
يشار إلى أنه منذ مايو/أيار الماضي، تصاعد العنف في أفغانستان، مع اتساع رقعة نفوذ "طالبان"، تزامناً مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأمريكية المقرر اكتماله بحلول 31 أغسطس/آب الجاري.
فيما تعاني أفغانستان حرباً منذ عام 2001، حين أطاح تحالف عسكري دولي تقوده واشنطن بحكم طالبان؛ لارتباطها آنذاك بتنظيم "القاعدة" الذي تبنى هجمات 11 سبتمبر/أيلول من العام نفسه في الولايات المتحدة.