قال موقع Al-Monitor الأمريكي إن المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، التقى الأربعاء 11 أغسطس/آب الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر في القاهرة؛ وذلك ضمن المساعي المستمرة للدفع إلى إعادة توحيد البلاد بعد عقد من الحرب الأهلية.
حسب الموقع الأمريكي، يأتي اجتماع نورلاند مع حفتر في وقتٍ تترنَّح فيه الاستعدادات للانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمعة في ليبيا في ديسمبر/كانون الأول، والتي جاء التخطيط لها بعد وقف إطلاق النار المدعوم من الأمم المتحدة العام الماضي.
هذه الانتخابات هي الأولى في البلاد منذ وقف إطلاق النار المدعوم من الأمم المتحدة، والذي أوقف القتال بين قوات حفتر وتلك المتحالفة مع الحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس.
أمريكا تسعى لإبقاء الانتخابات بموعدها
ينطوي الحضور الأمريكي الحالي على نوعٍ من الأهمية، خاصة في ظل النفوذ المحدود للولايات المتحدة في ليبيا، وهو ما دفع إدارة بايدن إلى انتهاج سياسة حذرة وواقعية فيما يتعلق بالمساعي لإعادة توحيد ليبيا المشحونة بالخلافات.
من جانبه، أعرب نورلاند عن ثقته خلال مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية يوم الأحد 8 أغسطس/آب بأن الانتخابات ستُجرى في موعدها، مضيفاً أن حفتر قد يكون له دور في تشكيل جيشٍ ليبي موحد.
يُذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار ينص على مغادرة جميع القوات الأجنبية للبلاد، ودمج الميليشيات المحلية، ومنها الميليشيات المتحالفة مع حفتر، تحت سلطة حكومة الوحدة التي يقودها حالياً رئيس الوزراء عبدالحميد دبيبة.
مع ذلك، فإن حفتر، الذي تقع قاعدة دعمه الأساسية في شرق ليبيا، ومعه رعاته الأجانب ما زالوا يبدون نوعاً من المقاومة حيال الالتزام بالاتفاق. فقد منعت قوات حفتر زيارات المسؤولين الحكوميين إلى شرق البلاد، وأرسل هو مبعوثين بخلاف مبعوثي الحكومة للحفاظ على نفوذه في جنوب ليبيا.
بعد تصريحات نورلاند، قال الجنرال المراوغ يوم الاثنين 10 أغسطس/آب إن قواته "لن تخضع لأي سلطة، ولن تستسلم".
ملف خروج المرتزقة من ليبيا
فشلَ منتدى الحوار السياسي الليبي في الوفاء بالموعد النهائي الذي كان مقرراً الشهر الماضي للاتفاق على إطار دستوري للانتخابات. وما زالت المداولات، التي استؤنفت يوم الأربعاء، تشي بمزيدٍ من التأخر في أعمال المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا.
في غضون ذلك، يراقب المسؤولون الغربيون بقلقٍ الوضع الأمني في البلاد قبل الانتخابات المزمع إجراؤها.
بقي عدة آلاف من المرتزقة الروس والسوريين والأفارقة في ليبيا بعد مشاركتهم في دعم هجوم حفتر الفاشل على العاصمة طرابلس في 2019، ويأتي الدعم المالي لبعض هؤلاء المرتزقة من رعاة حفتر الخارجيين مثل الإمارات.
رغم المحاولات التي بذلها دبلوماسيون في المؤتمر الدولي الذي عُقد في برلين في يونيو/حزيران الماضي، فشلت الأطراف الليبية في الاتفاق على آلية لسحب المرتزقة الأجانب. غير أن المسؤولين الأمريكيين يواصلون إصرارهم على مغادرة جميع القوات الأجنبية، ومع ذلك يظل التوقيت والإرادة السياسية عاملين أساسيين.
نقلت قناة الجزيرة يوم الأحد 8 أغسطس/آب عن نورلاند قوله: "نعتقد بناء على محادثاتنا مع تركيا وروسيا أنهم مستعدون لمناقشة رحيل المقاتلين السوريين".
المرتزقة الروس أكبر عقبة
من جهة أخرى، ذهب جوي هود، كبير الدبلوماسيين الأمريكيين المعنيين بشؤون الشرق الأوسط، بعد حضور قمة برلين، إلى أن انسحاب المقاتلين الأجانب قد لا يأتي حتى تطالب به حكومة ليبية موحدة منتخبة بطريقة شرعية. وقال هود للصحفيين في يونيو/حزيران: "هذا هو السبب في أن الانتخابات شديدة الأهمية".
في معرض التعليق على وجود المقاتلين الأجانب، يشير جليل حرشاوي، وهو باحث بارز في معهد السياسة الخارجية الأمريكي، إلى أن وجود القوات الأجنبية في ليبيا ينطوي على نوعٍ من التناقض، "فهو ينتهك السيادة ويمنع فرض السلام الكامل، إلا أن الواقع أنه يساعد أيضاً في الحفاظ على الهدوء القائم".
قال حرشاوي لموقع Al-Monitor: "إدراة بايدن تعلم جيداً أن طرد 3 آلاف مقاتل روسي، أو ما يقارب ذلك من المقاتلين الروس السريين الموجودين الآن في ليبيا، يقتضي شنَّ حملة عسكرية كبيرة ومكلفة".
من ثم، يوضح حرشاوي أن "البديل هو التحدث مع روسيا، على أمل أن يساعد ذلك الحوار في تسوية الوضع تدريجياً بمرور الوقت"، وإن كان الكرملين لا يبدي حتى الآن أي مؤشر على استعداده لتسليم موطئ قدمه العسكري في شمال إفريقيا، على ما في المسألة من أهمية استراتيجية لمسؤولي البنتاغون وحلف شمال الأطلسي، بحسب حرشاوي.