اندلع 72 حريقاً متزامناً على مستوى 14 ولاية، وسط وشرق الجزائر، ليلة الإثنين إلى الثلاثاء 10 أغسطس/آب 2021، تسببت في هلاك 14 شخصاً على الأقل حتى الآن، وإتلاف آلاف الهكتارات من الغابات وأشجار الزيتون، ونفوق عشرات الحيوانات وفق ما كشف عنه التلفزيون الرسمي.
وتتواصل جهود إجلاء سكان بعض القرى التي اجتاحتها الحرائق، خاصة في ولاية تيزي وزو (100 كلم شرقي العاصمة)، التي تعد أكثر الولايات تضرراً حسب مصالح الحماية المدنية.
وغرّد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون معلقاً على الحرائق "أعزّي نفسي، وأعزّي عائلات ضحايا الحرائق التي التهبت في الجزائر، وأمام هذا المصاب الجلل أدعو الله القدير أن يشملهم برحمته ويسكنهم فسيح جناته".
أعمال إجرامية
في أول تعليق رسمي على الحرائق التي اندلعت في عديد من الولايات الجزائرية، قال وزير الداخلية كمال بلجود من ولاية تيزي وزو، التي زارها اليوم الثلاثاء 10 أغسطس/آب، باعتبارها أكثر الولايات تضرراً بشرياً ومادياً من الحرائق، وقال إن "ما حدث من حرائق بشكل متزامن في عدة ولايات يعد عملاً إجرامياً مدبراً بدون شك".
وأضاف الوزير أن "الحاقدين على الجزائر كُثر، ويقومون بكل شيء من أجل زعزعة استقرارها والعبث بأمنها".
وأعلن بلجود فتح تحقيقات معمقة من أجل كشف ملابسات الحرائق المتزامنة.
وتدارك المسؤول الجزائري كلامه، إذ قال: "لا ننسى أن الجزائر تقع في منطقة البحر المتوسط، التي تعرف حرائق كبيرة على الضفتين على غرار اليونان وتركيا".
أما محافظ الغابات بولاية تيزي وزو، يوسف ولد محمد، فوصف الحرائق التي اندلعت بولايته بالعمل الإجرامي المدبر.
تحقيقات وانتقادات
أعلن جهاز الدرك الوطني (وزارة الدفاع)، فتح تحقيقات في ملابسات الحرائق التي اندلعت فجأة في غابات 14 ولاية وسطى وشرقية.
وأعلن والي ولاية المدية (70 كيلومتراً جنوبي العاصمة)، إحدى الولايات المتضررة من الحرائق، القبض على ثلاثة أشخاص يُشتبه في أنهم كانوا وراء إضرام النار في غابات الولاية.
وكانت الداخلية الجزائرية قد أخمدت حرائق مشابهة في ولاية خنشلة على الحدود التونسية، واتهمت أطرافاً لم تسمها بالوقوف وراءها، متوعدة بكشف المتسببين في الوقت المناسب مع استكمال التحقيقات.
وتطال الحكومة عدة انتقادات بخصوص تحركات الحكومة المتأخرة لإخماد الحرائق، وتصريحاتها دوماً حول المؤامرة دون كشف من يقف وراءها أو تقديم أدلة واضحة للرأي العام.
واعتبر المحلل السياسي فاتح بن حمو تصريحات المسؤولين بعد كل حرائق أو حوادث عموماً مستفزة أكثر من الكوارث نفسها.
وأضاف بن حمو في تصريح لـ"عربي بوست"، بأن "منطقة المتوسط كلها تشهد حرائق على غرار تركيا وإيطاليا واليونان وتونس، بسبب التغيّر المناخي، ومن الطبيعي أن تعرف الجزائر حرائق للغابات بسبب ارتفاع درجات الحرارة".
وقال المتحدث إن "التفسير المنطقي الذي يجب أن يساق للرأي العام هو العامل الطبيعي، رغم أن العامل البشري يمكن أن يتسبب في بعض الحرائق، لكن لا أعتقد أنه يمكن أن يتسبب في 72 حريقاً في 14 ولاية" .
الجيش يتدخل
أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية تدخلها لإخماد النيران في المناطق الغابية، بكل من تيزي وزو بالناحية العسكرية الأولى، وبجاية وجيجل وسطيف بالناحية العسكرية الخامسة.
وقال بيان للوزارة: "في إطار مهامها الإنسانية لتقديم يد المساعدة للمواطنين أثناء الكوارث الطبيعية والأزمات، تدخّلت مفارز للجيش الوطني الشعبي منذ الساعات الأولى لاندلاع الحرائق، مساء يوم الإثنين 9 أغسطس/آب 2021، بكل من ولايات تيزي وزو بالناحية العسكرية الأولى، وبجاية وجيجل وسطيف بالناحية العسكرية الخامسة، للمساهمة إلى جانب مصالح الحماية المدنية، في إخماد الحرائق المندلعة بمختلف المناطق الغابية، وإجلاء المواطنين المتضررين بالقرى والمداشر المنكوبة. في هذا الصدد تم تسخير كافة الموارد البشرية والمادية، على غرار آليات وجرافات، من أجل شق مسالك في المناطق الوعرة ووقف زحف النيران".
تحذيرات دولية
أفاد تقرير خاص صادر عن اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، يوم الإثنين 9 أغسطس/آب، أن "نطاق التغيرات الأخيرة في جوانب النظام المناخي ككل غير مسبوقة منذ قرون، أو عدة آلاف من السنين".
ووفق التقرير فإن منطقة المتوسط تعد "مركز التغيّر المناخي"، وستشهد موجات حر غير مسبوقة، وجفافاً وحرائق ناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة، وهو الذي يعد تهديداً مباشراً للجزائر.
وشهد عام 2021 أحداثاً مناخية قاسية قاتلة في جميع أنحاء العالم، من حرائق الغابات الواسعة إلى درجات الحرارة الشديدة، والأمطار الغزيرة والفيضانات السريعة، وسوف تصبح أحداث مثل هذه أكثر شيوعاً في عالم يزداد احمراراً حسب اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.