كشفت صحيفة The New York Times الأمريكية، الإثنين 9 أغسطس/آب 2021، أن تقرير الخبراء الذي توصل به كبار مساعدي الرئيس الأمريكي جو بايدن، الجمعة 6 أغسطس/آب، بشأن الحالة المرَضية الغامضة التي أصابت عشرات الدبلوماسيين والعملاء الأمريكيين وأفراد عائلاتهم، أشار إلى صعوبة الحصول على أدلة تحسم النظرية الأبرز حتى الآن، وهي أن الهجمات شنَّها عملاء روس باستخدام الطاقة الكهرومغناطيسية الموجهة.
جاء الكشف عن التقرير في اجتماع سري غير عادي دعت إليه مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، أفريل هاينز، وفقاً لعدد من كبار مسؤولي الإدارة الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم.
تشغل بال الاستخبارات الأمريكية
فقد أوضحت المصادر أن الغرض من الاجتماع كان تقييم ما وصلت إليه التحقيقات والاطلاع على آخر الجهود المبذولة لعلاج ضحايا ما يسمى "متلازمة هافانا"، شملت أعراضها الغامضة الصداع بلا مبرر وطنين الأذن والدوخة وفقدان الذاكرة، والتي أبلغ عن الإصابة بها عشرات من مسؤولي وزارة الخارجية وعملاء وكالة الاستخبارات المركزية وعائلاتهم.
في حين تطرق بايدن بالكاد إلى الموضوع علناً، باشر مجلس الأمن القومي الأمريكي جهوداً عاجلة لكشف المشكلة وتبيُّن حقيقتها، وتعمل الآن فرقتا عمل منفصلتان، إحداهما تحقق في مصدر الهجمات وتتولى هذا الجهد وكالة الاستخبارات المركزية، والفرقة الأخرى تركز على إيجاد تقنية قابلة للتداول يمكنها اكتشاف الهجمات أو منعها، مثل تطوير أجهزة استشعار محمولة يمكن توزيعها على نطاق واسع لاكتشاف الهجمات، بحسب مسؤولين أمريكيين.
مساء الأحد 8 أغسطس/آب، أكَّد تيموثي باريت، مساعد مدير الاستخبارات الوطنية لشؤون الاتصالات الاستراتيجية، انعقاد مجلس الاستخبارات المشترك يوم الجمعة 6 أغسطس/آب؛ لمناقشة هذا الموضوع.
يقول باريت: "هذه القضية أولوية قصوى لمجتمع الاستخبارات، ونحن ندعم الجهود التي يقودها مجلس الأمن القومي للحصول على إجابات، والعناية برجالنا ومنع الحوادث المستقبلية".
قضية أمن قومي
ضمَّ الاجتماع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، والنائب العام ميريك غارلاند، ومدير جهاز الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي.
وتطرح طبيعة الحضور رفيع المستوى للجلسة مؤشراً على مدى سرعة تحول الهجمات، التي يعود تاريخها إلى عام 2016، من لغز طبي إلى قضية أمن قومي ملحة.
سبق أن قال مسؤولو إدارة بايدن إنهم صُدموا من مدى الارتباك الذي هيمن على تعامل الحكومة مع القضية على مدى السنوات الأربع الماضية.
من ثم، وبعد فترة وجيزة من تولي مستشار الأمن القومي الجديد جاك سوليفان منصبَه، أوكل إلى مديرة الاستخبارات بمجلس الأمن القومي مهمةَ تنظيمِ استجابة مشتركة بين الأجهزة، واستدعى خبراء خارجيين للشروع في تحقيقات جديدة.
فرضية التجسس
في الاجتماع الذي دعت إليه مديرة الاستخبارات يوم الجمعة، أفادت فرق الخبراء، بأن النظرية الرئيسية لا تزال قائمة، وهي أن أشعة كهرومغناطيسية موجهة استهدفت المقرات الرسمية الأمريكية ومساكن عائلات المسؤولين، وقد كان الأمر ضمن محاولات للتجسس أو محاولة متعمدة لاستهداف المسؤولين الأمريكيين بسلاح خفي يفتك بقواهم ويصعب تتبُّعه.
كما قال مسؤول مطلع على التحقيقات: "يُحتمل أن الأمر قد بدأ كمحاولة تجسس، ثم تحوَّل إلى وسيلة خفية للهجوم. لكن الجزء المخيب للآمال هو أنه لا توجد حتى الآن نتيجة حاسمة. إذ إن نتيجة من هذا النوع هي التي ستمكِّن بايدن من إلقاء التبعة على الروس، كما فعل مع الهجمات الإلكترونية".
يُذكر أن بايدن كان قد أشار إشارة علنية نادرة إلى القضية في خطاب ألقاه أمام مسؤولي الاستخبارات أواخر الشهر الماضي. وقال إن الإدارة "تنسِّق جهوداً على مستوى أجهزة الحكومة للرد على هذه الحوادث، لأن هذا التحدي يتطلب أن تعمل الإدارات والوكالات، وعلى رأسها مجتمع الاستخبارات بأكمله، جنباً إلى جنب على نحو عاجل".
من جانبه، قال وزير الخارجية بلينكن، الخميس 5 أغسطس/آب، في رسالة موجهة إلى جميع موظفي وزارة الخارجية، إنه "استمع إلى المخاوف المتزايدة الواردة من عديد منكم بشأن الحوادث الصحية غير المبررة التي أصابت موظفين بالحكومة الأمريكية وعائلاتهم"، وأضاف أن "هذه القضية أولوية قصوى لي ولوزارة الخارجية وللمسؤولين في جميع أجهزة الإدارة الأمريكية".