قالت صحيفة The Times البريطانية، السبت 7 أغسطس/آب 2021، إن الولايات المتحدة أرسلت قاذفات القنابل الأمريكية من طراز بي-52، وطائرات سبيكتر القتالية، إلى أفغانستان، وذلك في محاولةٍ تهدف لوقف تقدُّم حركة طالبان في ثلاث مدنٍ رئيسية.
يأتي ذلك وسط تصاعد المعارك بين حركة طالبان والقوات الأفغانية في عموم البلاد.
فيما تُعَدُّ هذه الخطوة الأمريكية الجديدة بعد توقُّفٍ لمدة عامٍ على الأقل عن إرسال قاذفات بي-52، أوضح علامةٍ حتى الآن على أن البنتاغون مُجبَرٌ على تكثيف حملاته اليومية، ليس فقط لوقف طالبان، بل أيضاً لمساعدة القوات الجوية الأفغانية التي تعاني موقفاً صعباً.
وفق صحيفة The Times البريطانية، تشهد الطائرات التي يستخدمها الأفغان، والتي قدَّمت الولايات المتحدة الكثير منها، عجزاً في قطع الغيار والذخيرة والطيَّارين، وقد لقي سبعة على الأقل من هؤلاء الطيَّارين مصرعهم بعد استهدافهم من قِبَلِ طالبان. وبحسب ما ورد، فقد أُجهِدَ باقي الطيَّارين بسبب المهام المتسارعة التي يؤدُّونها.
في حين تستخدم الولايات المتحدة أيضاً طائراتٍ مُسيَّرة مُسلَّحة من طراز "ريبر"، وطائرات حربية من طراز "سبيكتر"، وهي نسخة مُدجَّجة بالسلاح للهجوم الأرضي لطائرة نقلٍ مُصمَّمة للدعم الجوي القريب على ارتفاعاتٍ منخفضة. ونُفِّذَت خمس طلعاتٍ جوية على الأقل كلَّ يوم.
كما تساهم حاملة الطائرات يو إس إس رونالد ريغان، وهي حاملةٌ تعمل بالطاقة النووية في بحر العرب، بطائراتها المقاتلة من طراز إف\إيه-18إي\إف سوبر هورنت في المهمات، لكنها لم تشارك في القصف.
الغزو الأمريكي لأفغانستان
من جهتها، قالت مصادر دفاعية أمريكية إن قاذفات بي-52، وهي قوةٌ جوية أمريكية قوية تمتد على مدار أكثر من 70 عاماً، واستخدمت بكثافة أثناء الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001، يمكنها أن تحمل ما يصل إلى 32 طناً من القنابل، تضرب أهدافاً حول قندهار وهرات ولشكركاه في ولاية هلمند.
المصادر الأمريكية لفتت إلى أن هناك نيةً كبيرة لمواصلة الضربات الجوية بعد 31 أغسطس/آب، وهو الموعد المُحدَّد لانسحاب آخر القوات الأمريكية المتبقية في أفغانستان.
مع ذلك، ستبدأ تكلفة شنِّ غاراتٍ مستمرة من الخليج، بما في ذلك التزوُّد بالوقود في الجو لجميع الطائرات ذات الأجنحة الثابتة، في التسبُّب في خسائر في الأسابيع والأشهر المقبلة.
بينما يُضاف إلى النفقات المتزايدة التحدي المتمثِّل في إبقاء القوات الجوية الأفغانية في حالة طيران وجاهزة للقتال بعد مغادرة آخر متعاقد أمريكي من بين 16 ألف متعاقد.
جدير بالذكر أن أكثر من ثلث الطائرات والمروحيات التابعة للقوات الجوية، والبالغ عددها 162، غير صالحة للإقلاع بعد انسحاب آلاف المتعاقدين الأمريكيين.
يشار إلى أن القاذفة بي-52، التي نفذت ما يعرف بـ"القصف البساطي" خلال حرب فيتنام وحرب الكويت عام 1991، تعدّ من الأسلحة التي تنتمي إلى عصر الحرب الباردة؛ إذ ترمز إلى القوة الأمريكية في مجال سلاح الجو بفضل حمولتها الكبيرة من القنابل والذخائر التي تبلغ 35 طناً.
هذا النوع من القاذفات قادر على إطلاق صواريخ وقنابل موجهة بالليزر، كما أنها قادرة على حمل صواريخ تحمل رؤوساً نووية وصواريخ باليستية لقصف أهداف من مسافة مئات الكيلومترات.
11 قتيلاً
في سياق متصل، أعلنت السلطات الصحية في أفغانستان، السبت، مقتل 11 شخصاً على الأقل وإصابة 39 آخرين، إثر الاشتباكات الدائرة بين حركة "طالبان" والقوات الحكومية بولاية قندوز، شمالي البلاد.
إذ أوضح رئيس مديرية الصحة العامة في قندوز إحسان الله فضلي، أن الاشتباكات الدائرة في ولاية قندوز بدأت بالمدينة مساء الجمعة ولا تزال مستمرة حتى الآن، بحسب ما نقلت عنه قناة "طلوع نيوز" المحلية.
تأتي هذه الاشتباكات في الولاية الشمالية الحدودية مع طاجيكستان، بعد سيطرة "طالبان" على معبر شيرهان، في 22 يونيو/حزيران الماضي.
كانت طالبان قد اجتاحت، الجمعة 6 أغسطس/آب، مدينة زارانج بولاية نيمروز، الواقعة جنوب غربي إيران، مِمَّا يجعلها أول عاصمة إقليمية تسقط منذ أن بدأت القوات الأجنبية انسحابها، بينما اغتال مقاتلو الحركة في العاصمة كابول المتحدِّث الإعلامي للحكومة، داوا خان مينابال.
مغادرة أفغانستان "على الفور"
في وقت سابق من يوم السبت، حثت السفارتان الأمريكية والبريطانية لدى كابول رعاياهما على مغادرة الأراضي الأفغانية على الفور.
حيث قالت السفارة الأمريكية، في بيان، إنها "تحث المواطنين الأمريكيين على مغادرة أفغانستان على الفور من خلال الخيارات المتاحة للرحلات التجارية"، مضيفة: "نظراً للظروف الأمنية وتخفيض عدد الموظفين، باتت قدرة السفارة على مساعدة المواطنين الأمريكيين في أفغانستان محدودة للغاية، حتى داخل كابول".
كذلك، نصحت السفارة البريطانية لدى كابول رعايا بلادها بمغادرة أفغانستان "الآن" باستخدام الرحلات التجارية.
كما طلبت، في تغريدة على تويتر، من المواطنين البريطانيين الاتصال بالسفارة واختيار "الخدمات القنصلية للمواطنين البريطانيين" في أسرع وقت ممكن لتأكيد خطط المغادرة الخاصة بهم.
يذكر أنه منذ مايو/أيار الماضي، تصاعد مستوى العنف في أفغانستان، مع اتساع رقعة نفوذ "طالبان"، تزامناً مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأمريكية المقرر اكتماله بحلول نهاية الشهر الجاري.
فيما تعاني أفغانستان حرباً منذ عام 2001، حين أطاح تحالف عسكري دولي، تقوده واشنطن، بحكم طالبان، لارتباطها آنذاك بتنظيم "القاعدة" الذي تبنى هجمات 11 سبتمبر/أيلول من العام نفسه في الولايات المتحدة.