أعلنت الجامعة الوطنية للبلديات التونسية (مستقلة تمثل البلديات)، الإثنين 26 يوليو/تموز 2021، معارضتها لـ"القرارات غير الدستورية والانقلابية لسيادة رئيس الجمهورية"، محمّلةً رئيس الدولة، قيس سعيّد، مسؤولية "رفضه للحوار مراراً وتكراراً، والتسبب فيما آلت إليه الأمور من تعقيدات".
حيث رفضت الجامعة، في بيان، "تجميد أي جهة منتخبة وافتكاك اختصاصاتها سواء كان البرلمان بما فيه من هيئاتٍ وجب إصلاحها، أو البلديات التي تقف في الصف الأول مع المواطن وتعمل لخدمته".
فيما دعت الجامعة الوطنية للبلديات التونسية "جميع الأطراف إلى تغليب الحكمة والحوار والعودة لمنطق التوافق؛ لما فيه مصلحة الوطن والشعب التونسي المجيد".
كما وصفت الأحداثَ الأخيرة بـ"غير المسبوقة"، معتبرةً أن "الجامعة الوطنية للبلديات التونسية الممثل الشرعي للسلطة المحلية المنتخبة بشكل ديمقراطي ومباشر من الشعب".
في حين عبّرت الجامعة عن "مساندتها المطلقة لكل التحركات الشعبية المشروعة في نطاق الشرعية والقانون"، مؤكدةً "ضرورة تصحيح المسار الديمقراطي وترسيخه واستكماله، خاصة من خلال ترسيخ السلطة المحلية والديمقراطية التشاركية".
يشار إلى أن الجامعة الوطنية للبلديات التونسية تأسست سنة 1976 بهدف تدعيم قدرات الإدارات المحلية وتعزيز اللامركزية والتعاون بين البلديات.
"قرارات تصعيدية"
كان الرئيس التونسي قد أعلن، مساء الأحد، أنه قرر تجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن جميع النواب، وتولي النيابة العمومية بنفسه، وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي؛ وذلك على خلفية فوضى واحتجاجات عنيفة شهدتها عدة مدن تونسية تزامناً مع الذكرى الـ64 لإعلان الجمهورية.
فيما أضاف الرئيس التونسي، في كلمة متلفزة عقب ترؤسه اجتماعاً طارئاً للقيادات العسكرية والأمنية، أنه سيتولى رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس وزراء جديد لم يعلن عن اسمه، الأمر الذي يُعدّ أكبر تحدٍّ منذ إقرار الدستور في 2014 الذي وزع السلطات بين الرئيس ورئيسي الوزراء والبرلمان.
سعيد قال إنه اتخذ هذه القرارات بـ"التشاور" مع رئيس الحكومة هشام المشيشي، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، وهو الأمر الذي نفاه الغنوشي لاحقاً.
بينما برّر "سعيد" قراراته "المثيرة" بما قال إنها "مسؤولية إنقاذ تونس"، مشدّداً على أن البلاد "تمر بأخطر اللحظات، في ظل العبث بالدولة ومقدراتها"، حسب قوله.
جاءت قرارات سعيد، إثر احتجاجات شهدتها عدة محافظات تونسية بدعوة من نشطاء؛ طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.
"انقلاب على الثورة والدستور"
رداً على تلك القرارات، اتهم راشد الغنوشي، زعيم حركة "النهضة" ورئيس البرلمان التونسي، الرئيسَ قيس سعيد بالانقلاب على الثورة والدستور، مضيفاً: "نحن نعتبر المؤسسات مازالت قائمة، وأنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة".
الغنوشي أشار في تصريحات إعلامية، إلى أنه "مستاء من هذه القرارات"، متابعاً: "سنواصل عملنا، حسب نص الدستور".
كما وصف عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، نور الدين البحيري، القرارات الأخيرة بأنها "انقلاب مروّض" على الدستور والشرعية، منوهاً إلى أنهم سيتعاطون مع "هذه القرارات المخالفة لأحكام الدستور والانقلاب على مؤسسات الدولة، وسنتخذ إجراءات وتحركات داخلياً وخارجياً لمنع ذلك (سريان تلك القرارات)"، دون ذكر توضيحات بالخصوص.
بخلاف موقف "النهضة"، عارضت أغلب الكتل البرلمانية قرارات سعيد؛ إذ اعتبرها كتلة ائتلاف الكرامة "باطلة"، ووصفتها كتلة قلب تونس بأنها "خرق جسيم للدستور"، فيما أيدتها فقط حركة الشعب (قومية).