اتهم العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، "أشخاصا معينين" بـ"محاولة استغلال طموحات أخيه غير الشقيق"، الأمير حمزة (41 عاماً)، ولي العهد السابق، لـ"لتنفيذ أجنداتهم الخاصة"، في إشارة إلى ما تُعرف بقضية "الفتنة"، كما كشف عن موقفه عن الاتهامات الموجهة للسعودية بخصوص دورها في القضية الشهيرة.
وفي 12 يوليو/تموز الجاري، قضت محكمة أردنية بسجن رئيس الديوان الملكي الأسبق، باسم عوض الله، والشريف عبدالرحمن حسن بن زيد، بالسجن 15 عاماً؛ لإدانتهما بـ"التحريض على مناهضة نظام الحكم السياسي القائم بالمملكة" و"القيام بأعمال من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر وإحداث الفتنة".
"يستغلون إحباط الناس"
خلال مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، سأل المذيع الملك عبدالله عما إن كان ما حدث هو محاولة انقلاب، فأجاب: "مر علينا عدد من الشخصيات التي عادة ما تستغل إحباط الناس ومخاوفهم المشروعة وهم يسعون لتحسين سبل معيشتهم، للدفع بأجنداتهم الخاصة وطموحاتهم"، بحسب ما أوردته الوكالة الأردنية الرسمية للأنباء الأحد.
العاهل الأردني، استدرك في المناسبة ذاتها قائلاً: "أعتقد أن ما جعل هذا أمراً محزناً جداً هو أن أحد هؤلاء الأشخاص هو أخي، الذي قام بذلك بشكل مخيب للآمال".
وفي 4 أبريل/نيسان الماضي، أعلنت عمَّان أن "تحقيقات أولية" أظهرت تورط الأمير حمزة مع "جهات خارجية" في "محاولات لزعزعة أمن البلاد" و"تجييش المواطنين ضد الدولة"، وهو ما نفى الأمير صحته.
ماذا كان رد الملك حول دور السعودية؟
فقد سبق أن ذكرت تقارير صحفية أمريكية أن السعودية حاولت الضغط على الأردن، للإفراج عن باسم عوض الله، المقرب من الرياض، وذلك عبر إرسال مسؤولين سعوديين إلى عمَّان، لكن دون جدوى.
حول اعتقاده بشأن احتمال أن يكون للسعودية يد في القضية بسبب عمل عوض الله مستشاراً لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قال الملك عبد الله: "تم التعامل مع هذا الملف كشأن داخلي، ونعرف جميعاً أن باسم (عوض الله)، الذي عمل في السابق في الأردن، هو مستشار رفيع المستوى في السعودية، ويحمل جوازي سفر سعودياً وأمريكياً".
ويحمل عوض الله الجنسيات الأردنية والسعودية والأمريكية، وعمل وزيراً للتخطيط والتعاون الدولي في الأردن (2001 – 2005)، ثم وزيراً للمالية، ورئيساً للديوان الملكي (2007- 2008).
يقول الملك أيضاً: "لاحظنا وجود ارتباطات خارجية بما يخص هذه القضية، لكن كما قلت، نتعامل مع هذا الملف كشأن محلي".
قبل أن يختتم كلامه بالقول: "أعتقد أنه بالنسبة للأردن، لن يساعدنا توجيه أصابع الاتهام للآخرين، فهناك ما يكفي من تحديات في المنطقة".
أمس السبت 24 يوليو/تموز 2021، عاد الملك عبدالله إلى الأردن، بعد زيارة طويلة إلى الولايات المتحدة، بدأها مطلع يوليو/تموز الجاري، والتقى خلالها مسؤولين في مقدمتهم الرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبته كاميلا هاريس.
تدخل الأجهزة الأمنية
بخصوص الأجهزة الأمنية الأردنية، قال الملك إنها "قامت، كما تفعل دوماً، بجمع المعلومات ووصلت إلى مرحلة تولدت لديها مخاوف حقيقية بأن أشخاصاً معينين كانوا يحاولون الدفع بطموحات أخي لتنفيذ أجنداتهم الخاصة".
كما أردف: "قررت الأجهزة الأمنية وأد هذا المخطط في مهده وبهدوء، ولولا التصرفات غير المسؤولة بتسجيل المحادثات مع مسؤولين أردنيين بشكل سري وتسريب مقاطع الفيديو، لما وصلت فينا الأمور للحديث عن هذه القضية في العلن".
بالتزامن مع اعتقال المتهمين الرئيسيين، باسم عوض الله والشريف عبدالرحمن حسن بن زيد، جرى تسريب تسجيلات صوتية ومصورة للأمير حمزة تطرق خلالها إلى ما جرى وقال إنه تحت الإقامة الجبرية.
ومضى عاهل الأردن قائلاً: "أفخر بأفراد أسرتي عندما يحققون إنجازات وعندما يتواصلون مع المجتمع، ولكن فيما يخص هذه القضية، إذا كان لدى أحدهم أي طموحات، هناك حد لما أستطيع القيام به من أجلهم".
في 2004، تنحى الأمير حمزة من منصب ولي العهد بعد 5 سنوات من توليه، وفي 2009 عَيَّنَ الملك عبدالله نجله الأمير الحسين ولياً للعهد.
واستطرد: "لكنني أعتقد أنه من وجهة نظر إنسانية، يجب أن تكون النوايا صادقة، فمن السهل جداً استغلال مظالم الناس لتحقيق أجندات شخصية".
كما زاد بقوله: "نتحمل جميعاً مسؤولية مشتركة في إيجاد الحلول لمشاكل الشعب، وهذا الأمر لا يتعلق فقط بالأردن، فالعديد من العائلات المالكة حول العالم تواجه هذه التحديات".
وأضاف: "إذا كنت أحد أفراد العائلة المالكة، فلديك امتيازات، لكن في الوقت ذاته يقابلها محددات. والسياسة في النهاية محصورة بالملك، ولهذا فإن ما حدث كان أمراً مؤسفاً".
وتدخل الأمير الحسن، عم الملك عبدالله، لاحتواء الخلاف داخل الأسرة الهاشمية، لتجنب محاكمة الأمير حمزة، وهو ما حدث بالفعل، حيث وقَّع الأخير رسالة أعلن فيها الولاء للملك عبدالله.