قالت صحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 21 يوليو/تموز 2021، إن أكثر من 400 شخص ظهرت أرقام هواتفهم المحمولة في المملكة المتحدة في قائمة مسربة من الأرقام التي حددتها الحكومات المتعاملة مع برامج شركة NSO هدفاً للمراقبة أو "الاختراق" بين عامي 2017 و2019 بينهم الشيخة لطيفة ابنة حاكم دبي، والناشطة الحقوقية الراحلة آلاء الصديق، وطليقة حاكم دبي الأميرة هيا، فيما كشفت بيانات جديدة أن الإمارات هي المسؤولة عن ملاحقة هذه الأرقام.
الصحيفة البريطانية قالت إن الإمارات هي واحدة من 40 دولة امتلكت الوصول إلى برامج التجسس التي أنتجتها شركة NSO لاختراق الهواتف المحمولة والسيطرة عليها سراً، كما يُعتقد أن إمارة دبي، التي يحكمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، كانت أحد عملاء شركة NSO.
معارِضات دبي تحت المراقبة
وأظهرت البيانات التي كُشف عنها للهواتف المستهدفة رقمَ هاتف الأميرة لطيفة بنت الشيخ محمد، التي فشلت محاولتها للهرب من دبي في عام 2018، ورقم هاتف زوجته السابقة الأميرة هيا بنت الحسين، التي فرت من البلاد وسافرت إلى المملكة المتحدة في عام 2019، والناشطة الحقوقية علاء الصديق التي قتلت في حادث سيارة في أوكسفوردشاير الشهر الماضي.
وكذلك الأمر فيما يتعلق بهواتف العديد من المقربين لكل من الأميرة هيا بنت الحسين والشيخة لطيفة، وهي قائمة تشمل في حالة الأميرة هيا أرقام هواتف معظمها في المملكة المتحدة.
في بيانات عديدة، قالت شركة NSO إن واقع ظهور رقم في القائمة المسربة لا يشير بأي حال إلى أن الرقم المذكور كان هدفاً للاختراق والمراقبة باستخدام برنامج "بيغاسوس".
وتزعم الشركة أن "القائمة المسربة ليست قائمة بأهداف بيغاسوس أو أهداف محتملة للبرنامج. والأرقام الواردة لا تتعلق بمجموعة NSO على أي نحو".
إلا أن صحيفة The Guardian البريطانية التي تمكنت بالتعاون مع 17 مؤسسة إعلامية أخرى من الوصول إلى البيانات المسربة ضمن ما يُعرف بمشروع "بيغاسوس" يعتقدون أن القائمة تشير إلى أشخاص بارزين اختارتهم الحكومات التي استعانت بتقنيات شركة NSO. وتشمل قائمة أرقام الهواتف المسربة أشخاصاً من جميع أنحاء العالم أظهرت هواتفهم آثاراً لاختراقها عبر برنامج بيغاسوس التابع لشركة NSO، وفقاً لتحليل البيانات الخاصة بأجهزتهم المحمولة.
لم ترد دولة الإمارات وإمارة دبي أو السعودية على طلبات التعليق التي وجهت إليها.
وقال تيل دنكل، المحامي الألماني الذي يمثل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لصحيفة Süddeutsche Zeitung الألمانية: "ينفي موكلنا نفياً قاطعاً المزاعم بأنه حاول (اختراق) هواتف الأشخاص المذكورين في استفساركم، أو أنه طلب من آخرين القيام بذلك". كما قال ممثلو الشيخ في وقت سابق إنه خشي أن تكون الأميرة لطيفة وقعت ضحيةً لعملية اختطاف وأنه أمر بـ"مهمة إنقاذ" لها.
من جهة أخرى، لطالما قالت شركة NSO إنها لا تملك حق الوصول إلى بيانات عملائها. وفي بيانات صدرت عبر محاميها، قالت الشركة إن الجهات القائمة على تسريبات "مشروع بيغاسوس" وضعت "افتراضات غير صحيحة" حول العملاء الذين استخدموا تكنولوجيا الشركة.
ويجدر بالذكر أن القائمة المسربة احتوت على أرقام هواتف معارضين منفيين وناشطين في المملكة المتحدة، وهو ما كان لا بد أن يثير تساؤلات حول الإمارات، التي لطالما اعتُبرت حليفاً تقليدياً لبريطانيا، وتملك أسرتها الحاكمة الرئيسية، حكام أبوظبي، نادي مانشستر سيتي، حامل لقب بطولة الدوري الإنجليزي.
برنامج التجسس بيغاسوس
من بين ما ركز عليه التحقيق أن برمجية التجسس "بيغاسوس" قد استُخدِمت سراً لاستهداف هواتف العديد من الأشخاص المقربين من الصحفي السعودي المغتال، جمال خاشقجي، من بينهم أفراد من عائلته وإعلاميون بارزون مقربون منه، إضافة إلى سياسيين، أبرزهم مستشار للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
حسب تقرير لصحيفة Washington Post الأمريكية، فقد استهدف أحد مستخدمي برمجية بيغاسوس هاتف زوجة خاشقجي، حنان العتر، الذي يعمل بنظام "أندرويد" قبل مقتل خاشقجي، كما استُخدِمت برمجية التجسس كذلك لاختراق هاتف الآيفون لخطيبته، خديجة جنكيز، بعد قتله بأيام.
وفق التقرير نفسه، فقد نجح اختراق هاتف أحد المقربين الآخرين من خاشقجي بعد مقتل الصحفي. وظهرت أرقام شخصين مقربين آخرين ومسؤولين تركيين بارزين على صلة بالتحقيق في مقتله على القائمة أيضاً.
المقرب الآخر من خاشقجي الذي اختُرِقَ هاتفه بواسطة بيغاسوس، وفقاً للفحص، كان وضَّاح خنفر، الصحفي السابق بشبكة الجزيرة، والمدير العام السابق للشبكة.
يقول خنفر بهذا الخصوص: "شعرت بأن هاتفي أو هاتف جنكيز ربما تعرَّضَ للاختراق، لأن بعض المحادثات التي أجريناها حول اختفاء جمال خرجت إلى العلن خلال الأيام الأولى".
أما شركاء خاشقجي الذين تظهر أرقام هواتفهم في القائمة، ولكن هواتفهم الذكية لم تُفحَص، فهم الصحفي التركي توران كشلاكجي، ومدافعٌ عن حقوق الإنسان منفي في لندن تحدَّثَ شريطة عدم الكشف عن هويته؛ خشيةً على سلامته.
يظهر في القائمة أيضاً مسؤولان تركيان مشاركان في التحقيق في جريمة قتل خاشقجي، ويتعلق الأمر بعرفان فيدان، المدَّعي العام آنذاك، وياسين أقطاي، العضو في الحزب الإسلامي الحاكم والمستشار للرئيس رجب طيب أردوغان، وقد رفضا تقديم هاتفيهما للفحص.