أغلقت قوات إسرائيلية، مساء السبت 17 يوليو/تموز 2021، منطقة "باب العامود" وسط القدس المحتلة، قبيل مسيرة "استفزازية" نظمها مئات المستوطنين، بحسب شهود عيان.
إذ نظم المستوطنون الإسرائيليون مسيرة في "باب العامود" سنوياً، تزامناً مع ما يسمى "صوم التاسع من آب" بحسب التقويم العبري.
فيما قال شهود عيان، إن مئات من عناصر قوات الاحتلال انتشرت في منطقة "باب العامود" وأخرجت كل من فيه، وأعلنته منطقة عسكرية مغلقة، قبل أن تعتقل 3 شبان فلسطينيين على الأقل، اعتدت على أحدهم بالضرب المبرح.
كما ضيقت قوات الاحتلال على الصحفيين خلال عملهم في "باب العامود"، وحاولت إبعادهم من المنطقة.
بحسب شهود العيان، مرت المسيرة "الاستفزازية" للفلسطينيين من "باب العامود" وسط القدس تجاه حائط البراق (يطلق عليه اليهود حائط المبكى)، مؤكدين أن قوات الاحتلال أغلقت مناطق شارع السلطان سليمان والمصرارة القريبة من باب العامود.
كانت جماعات إسرائيلية متطرفة قد دعت، مؤخراً، إلى تكثيف الاقتحامات للمسجد الأقصى وبأعداد كبيرة، في 18 يوليو/تموز الجاري (الأحد)، بمناسبة حلول ذكرى ما يسمى "خراب الهيكل".
بخلاف ذلك، تستعد ما تسمى "حركة السيادة في إسرائيل" لتنظيم مسيرة للمستوطنين حول أسوار البلدة القديمة بالقدس في اليوم ذاته.
تجدر الإشارة إلى أنه في يونيو/حزيران الماضي، نظم المستوطنون بما تسمى "مسيرة الأعلام"، وتمر من خلال باب العامود، أحد أبواب القدس القديمة، وتمر عبر شوارع البلدة، وصولاً إلى حائط البراق.
"حماس تبلغ الوسطاء"
في غضون ذلك، قال المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، حازم قاسم، السبت، إن الحركة أبلغت الوسطاء (لم تحددهم) بـ"خطورة الخطوة الاستفزازية" للمستوطنين بالمسجد الأقصى، مشدّداً على أن "شعبنا الفلسطيني المرابط في القدس والأقصى سيظل الحامي الأمين لمقدسات شعبنا الإسلامية والمسيحية".
قاسم أضاف: "هذه الاقتحامات من جماعات المستوطنين المتطرفين بحماية جيش وشرطة الاحتلال، عدوان على مقدسات شعبنا وأمتنا"، متابعاً: "هذا السلوك استفزاز لمشاعر العرب والمسلمين في كل العالم واستهتار إسرائيلي بكل القرارات والدعوات الدولية التي تدين هذه الاقتحامات".
منذ العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة في مايو/أيار الماضي، تتوسط دول منها مصر وقطر، بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل من أجل تثبيت التهدئة بين الطرفين.
يشار إلى أنه بشكل شبه يومي يقتحم عشرات المستوطنين المسجد الأقصى عبر باب المغاربة في الجدار الغربي للمسجد بتسهيلات ومرافقة من الشرطة الإسرائيلية.
في حين بدأت الشرطة الإسرائيلية السماح للاقتحامات في 2003، رغم التنديد المتكرر من قبل دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.
يذكر أن الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس، بما فيها المسجد الأقصى، تخضع لإشراف وزارة الأوقاف الأردنية.
قمع وقفة سلمية بحي الشيخ جراح
في وقت سابق من يوم السبت، قمعت السلطات الإسرائيلية وقفة احتجاجية سلمية عند مدخل حي "الشيخ جراح" وسط القدس، ضد سياسة التهجير القسري من المدينة.
فقد أطلقت قوات الاحتلال عشرات قنابل الصوت تجاه المتظاهرين، واعتدت على بعضهم بالهراوات؛ الأمر الذي أدى لوقوع إصابات، بحسب شهود عيان.
كما رفع المشاركون لافتات ضد التهجير القسري، وخاصة في حي الشيخ جراح وبلدة سلوان وسط القدس المحتلة.
ومنذ قرابة شهرين، تمنع قوات الاحتلال المتضامنين من مساندة سكان الحي المهددين بالتهجير لصالح المستوطنين، كما تعرقل عمل المسعفين والصحفيين.
في حين تواجه 28 عائلة فلسطينية خطر الإجلاء من المنازل التي تُقيم فيها منذ عام 1956.
بينما تدعي جماعات استيطانية إسرائيلية أن المنازل أقيمت على أرض كانت بملكية يهودية قبل عام 1948، وهو ما ينفيه السكان جملةً وتفصيلاً.
اعتداءات المستوطنين بالضفة
في تصرف نادر، طالب نحو 100 جندي إسرائيلي خدموا في الضفة الغربية، وزيري الدفاع بيني غانتس والأمن الداخلي عومر بارليف، بوقف عنف المستوطنين الذي رأوه بأعينهم تجاه الفلسطينيين، مؤكدين أن عنف المستوطنين مستعر منذ سنوات بدعم ضمني من الدولة الإسرائيلية.
جاء ذلك في رسالة بعث بها، الثلاثاء 13 يوليو/حزيران 2021، الجنود الذين أنهوا خدمتهم العسكرية مؤخراً إلى غانتس وبارليف، بحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي "غالي تسهال".
حيث قال الجنود في رسالتهم: "ندعوكم نحن الموقعين أدناه، جنود ومجندات خدموا في الضفة إلى العمل الآن وبحزم ضد ظاهرة عنف المستوطنين".
فيما أضافت الرسالة: "في العام الماضي تعاظمت الظاهرة وتجلت بما في ذلك في تخريب وتدمير ممتلكات ورمي الحجارة والعنف الجسدي تجاه الفلسطينيين وكذلك الهجوم على النشطاء وقوات الأمن.. الآن مسؤوليتكم".
عنف المستوطنين على الأرض
كما حمّل الجنود في رسالتهم غانتس وبارليف مسؤولية التصدي لعنف المستوطنين، متابعين: "نحن مَن خدم هناك ورأينا كيف يبدو هذا العنف على الأرض".
في حين ختموا رسالتهم بالقول: "نحن مَن أُرسلنا للدفاع عنهم، ولكن لم نحصل على أدوات للتصدي لهم".
ولاحقاً، قال الموقعون على الرسالة، في بيان لوسائل الإعلام، إن معطيات وزارة الدفاع الإسرائيلية تظهر أنه في عام 2020 تم الإبلاغ عن نحو 370 حادث عنف من قبل مستوطنين في الضفة الغربية، 42 منها ضد عناصر الشرطة والجنود الإسرائيليين، بحسب صحيفة "معاريف" العبرية.
يشار إلى أن المستوطنين في الضفة الغربية يتعمدون إتلاف المحاصيل الزراعية، وإحراق الأشجار المثمرة والمعمرة في الأراضي والقرى الفلسطينية المحاذية للمستوطنات، إضافة إلى منع أصحابها من الوصول إليها لجني محاصيلهم والاعتداء عليهم بالضرب.
من جهتهم، يؤكد فلسطينيون أن السلطات الإسرائيلية تتغاضى عن اعتداءات المستوطنين، التي يصفونها بـ"البلطجة"، ضمن مساعٍ رسمية لتكثيف الاستيطان في الأراضي المحتلة.
في هذا الصدد، تشير بيانات حركة "السلام الآن" الحقوقية الإسرائيلية، إلى وجود 661 ألف مستوطن إسرائيلي و132 مستوطنة كبيرة و124 بؤرة استيطانية عشوائية (غير مرخصة) بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2020.