دخل القطاع الزراعي والأمن الغذائي في لبنان دوامتي الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انهيار العملة المحلية أمام الدولار، وقيود من بعض الدول فرضتها على الواردات الزراعية من السوق اللبنانية.
وزير الزراعة اللبناني عباس مرتضى قال إن تسارع الانهيار الاقتصادي والمالي في لبنان يضع الأمن الغذائي للبلاد في خطر، وينذر بموجة جوع قد تضرب جميع السكان.
جاء ذلك في مقابلة أجراها مرتضى مع وكالة الأناضول، نُشرت الإثنين 12 يوليو/تموز 2021، وأشار فيها إلى أن هنالك تخوفاً يكبر يوماً بعد آخر في ظل انعدام أية بوادر لحل الأزمتين الاقتصادية والسياسية في البلاد.
تسببت الأزمة الاقتصادية، التي تشهدها البلاد منذ الربع الأخير 2019، بأنها فرضت على اللبنانيين التوجه نحو الزراعة أكثر لمواجهة الجوع الذي يطرق أبوابهم منذ نحو عام.
يأتي ذلك، بينما فقدت العملة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها منذ 2020، لتنزل عن مستوى مهم وتسجل سعراً متدنياً جديداً مقابل الدولار، عند 17.8 ألف ليرة لكل دولار في السوق الموازية مقابل 1510 في السوق الرسمية.
حذر مرتضى من عدم وقف تدهور قيمة العملة المحلية (الليرة)، "لأن هذا الاستمرار في انهيارها يجعل كلفة الإنتاج المحلي مرتفعة، وقد يدفع الناس للانكفاء عن الزراعة".
أضاف الوزير: "كذلك، فتراجع العملة المحلية مقابل الدولار يضعف عملية استيراد الأصناف الزراعية غير المتوافرة في لبنان"، وشدد قائلاً: "على الحكومة وضع خطة عاجلة لوقف انهيار الليرة حتى لا ينجرف لبنان إلى أزمة جوع شديدة".
ووفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن لبنان يستورد 85% من احتياجاته الغذائية، مشيراً إلى أن 50% من اللبنانيين يشعرون بالقلق من عدم قدرتهم على توفير الغذاء.
كذلك أظهرت دراسة في أغسطس/آب الماضي صادرة عن لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا "إسكوا"، تضاعف نسبة الفقراء من سكان لبنان، ووصلت نسبة الفقر في البلاد إلى 55% عام 2020، بعد أن كانت 28% في 2019، فضلاً عن ارتفاع نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع بـ3 أضعاف من 8 إلى 23% خلال الفترة نفسها.
صادرات الزراعة
وأشار وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال إلى أنه وعلى الرغم من الصعوبات الاقتصادية، فإن القطاع الزراعي يشهد نمواً اليوم، من خلال توسع مساحات الأراضي المزروعة، وزيادة حجم الصادرات.
أضاف أن "هذا النمو ترجم بارتفاع قيمة الصادرات الزراعية، حيث بلغت 720 مليون دولار عام 2020، بعدما سجلت 625 مليون دولار عام 2019".
كان لمحاولات توفير الغذاء في ظل ارتفاع نسب الفقر، وعدم القدرة على توفير النقد اللازم للاستهلاك، سبب بتوجه شريحة من المواطنين نحو القطاع الزراعي، لتأمين الغذاء في ظل الظروف الراهنة.
في هذا الصدد قال مرتضى: "هذا التوجه انعكس على شكل نمو في هذا القطاع بنسبة 21% خلال 2020، مقارنة مع 2019.. مساحة الأراضي الزراعية توسعت العام الماضي بمقدار 6 آلاف دونم".
ولفت إلى أن ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة يجعل المزارعين يفضلون تصدير منتجاتهم إلى الخارج مقابل العملات الأجنبية الصعبة، بدلاً من بيعها في السوق اللبنانية، موضحاً أن "صادرات الزراعة تصل إلى الصين وأوروبا والدول العربية، إلا أن 25% من الصادرات توقفت بسبب قرار الرياض منع دخول الصادرات اللبنانية".
كانت السعودية قد منعت، في أبريل/نيسان الماضي، السعودية دخول الخضراوات والفاكهة اللبنانية إلى أراضيها أو عبرها، بسبب "استغلالها في تهريب مواد مخدّرة إلى المملكة".
سيبقى القرار السعودي نافذاً "إلى حين تقديم السلطات اللبنانية المعنية ضمانات كافية وموثوقة لاتخاذها الإجراءات اللازمة لإيقاف عمليات التهريب الممنهجة ضد المملكة"، وفق بيان حينها لوزارة الداخلية السعودية.
كان لبنان يصدر 25% من إنتاجه الزراعي إلى السعودية، كما كان يمر عبرها 44% من المنتجات الزراعية اللبنانية إلى دول الخليج الأخرى، قبل إعلان حظر ذلك.
رأى مرتضى أن هناك مصلحة كبيرة للبنان في عودة التصدير إلى السعودية وعبرها، مشيراً إلى أنه مطلوب من الدولة اللبنانية اليوم أن تضع ضمانات وتتخذ خطوات فعالة لمنع التهريب.