دعا وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مساء السبت 10 يوليو/تموز 2021، إلى مفاوضات معززة بوساطة رباعية ولها توقيت محدد لحل أزمة سد النهضة الإثيوبي، مؤكداً أن أديس أبابا تدَّعي "المظلومية" في تلك الأزمة.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها الوزير المصري لفضائية "أون" المحلية (خاصة)، تعد الأولى له منذ انعقاد جلسة مجلس الأمن بشأن السد قبل يومين.
حيث قال شكري إن بلاده لديها الاستعداد للتعامل مع أي بادرة إيجابية في أزمة السد، وستستمر في متابعة الأمر بمجلس الأمن ومع شركائها الأفارقة والدوليين.
أما بخصوص القرار المطروح حول السد من تونس لكونها الممثل العربي بمجلس الأمن الدولي، ولم يُقر بعد، فأضاف: "القرار (الذي يطالب بوساطة رباعية بإطار زمني 6 أشهر) تسعى به مصر لتعزيز جانب المراقبين بما يسمح بإبداء الحلول والمقترحات لحلحلة الأمر أو رصد ما يحدث".
فيما استدرك شكري، قائلاً: "لكن الأمر في المجلس له اعتبارات سياسية ومواءمات وتشابك مصالح (..) وربما يتطلب الأمر تعديلاً على القرار، وعامة يستغرق قدراً من الوقت (لم يحدده)".
كما تطرق الوزير المصري إلى خطاب إثيوبيا بجلسة مجلس الأمن، التي عُقدت يوم الخميس 8 يوليو/تموز، معتبراً أن "حجة أديس أبابا ضعيفة، وتحمل تكراراً لحديث المظلومية نفسه".
"الوساطة الرباعية"
في حين أكد شكري أن المطلوب سودانياً ومصرياً هو "مفاوضات معززة بما طرحناه سابقاً (لدور) المراقبين (الوساطة الرباعية) سواء من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وغيرهما بما يمكّنهم من تقديم حلول لتيسير العملية التفاوضية"، متابعاً: "بالتأكيد (يضاف لذلك) أن المفاوضات يجب ألا تكون بلا نهاية، لا بد من توقيت".
كانت الخرطوم طرحت في فبراير/شباط الماضي، مبادرة أيدتها مصر، تقضي بتوسيع دائرة الوساطة لتشمل بجانب الاتحاد الإفريقي نظيره الأوروبي، وواشنطن والأمم المتحدة، ليرفع دورهم من مراقبين لوسطاء، وهو ما ترفضه إثيوبيا، مكتفية بالقول إن الحل إفريقي فقط.
"قضية وجودية"
في السياق ذاته، شدّد شكري على أن "قضية السد وجودية، ولن تتهاون الدولة في الدفاع عن حقوق الشعب المصري، ونسعى للوصول لحل، ونشجع إثيوبيا على ذلك، ونشجع أيضاً المجتمع الدولي ليعزز جهود التوصل لاتفاق".
بينما لم يتسن الحصول على تعليق فوري من إثيوبيا حول تصريحات شكري.
غير أن وزير خارجية إثيوبيا، دمقي موكنن حسن، قال مؤخراً إنَّ رفع مصر والسودان قضية السد للمجلس "تدويل وإضفاء للطابع الأمني" دون داعٍ.
مجلس الأمن الدولي
يشار إلى أن مجلس الأمن الدولي كان قد عقد، الخميس، جلسة بشأن نزاع "سد النهضة"، هي الثانية من نوعها بعد أولى جرت العام الماضي؛ لتحريك جمود المفاوضات بين إثيوبيا ومصر والسودان.
لكن المجلس لم يصدر أي قرار بشأن مسودة القرار العربي التي تطالب بمواصلة المفاوضات بين الدول الثلاث لمدة 6 أشهر بغية التوصل إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد.
فيما دعت دول دائمة العضوية بالمجلس أطراف النزاع إلى العودة للمفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، ودون تحديد سقف زمني كما طالبت مصر والسودان.
كانت إثيوبيا قد أخطرت، الإثنين الماضي، دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، ببدء عملية ملء ثانٍ للسد بالمياه، من دون التوصل إلى اتفاق ثلاثي، وهو ما رفضته القاهرة والخرطوم، باعتباره إجراءً أحادي الجانب.
فشل متواصل لجولات المفاوضات
يأتي ذلك بعدما فشلت الجولة الأخيرة من مفاوضات السد، إثر إعلان الخارجية السودانية، الأحد 10 يناير/كانون الثاني 2021، فشل التوصل إلى صيغة مقبولة لمواصلة التفاوض حول "سد النهضة"، مؤكدةً أن الخرطوم لن تواصل المفاوضات، في الوقت الذي عبَّرت فيه وزيرة خارجية جنوب إفريقيا عن أسفها لوصول مفاوضات سد النهضة إلى "طريق مسدود".
حينها أعلن وزير الخارجية السوداني المكلف، عمر قمر الدين، آنذاك، عن تقديم بلاده اشتراطات إلى الاتحاد الإفريقي للعودة إلى مفاوضات "ذات جدوى" في ملف سد النهضة، ملوِّحاً بأن الخرطوم لديها "خيارات" أخرى.
كانت الإدارة الأمريكية أعلنت، في فبراير/شباط 2019، التوصل إلى اتفاق حول آلية عمل سد النهضة، وقَّعت عليه القاهرة بالأحرف الأولى، وامتنعت إثيوبيا بدعوى انحياز واشنطن إلى مصر، إثر جولات من المفاوضات جرت بواشنطن.
لكن المفاوضات تعثرت مجدداً بين الدول الثلاث، وهو الأمر المستمر منذ نحو 9 سنوات، وسط اتهامات متبادلة بين القاهرة وأديس أبابا بالتعنت والرغبة في فرض حلول غير واقعية.
إذ تُصر أديس أبابا على تنفيذ ملء ثانٍ للسد بالمياه، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأنه، وتقول إنها لا تستهدف الإضرار بالخرطوم والقاهرة، وإن الهدف من السد هو توليد الكهرباء لأغراض التنمية.
بينما تتمسك الخرطوم والقاهرة بالتوصل أولاً إلى اتفاق ثلاثي حول ملء وتشغيل السد؛ للحفاظ على سلامة منشآتهما المائية، ولضمان استمرار تدفق حصتيهما السنويتين من مياه نهر النيل.
وفي أقوى تهديد لأديس أبابا، قال الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، في 30 مارس/آذار الماضي، إن "مياه النيل خط أحمر، وأي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل".