أثار إعلان وزارة النقل والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في سلطنة عُمان، الإثنين 5 يوليو/تموز 2021، افتتاح أول طريق يربط بين السعودية وسلطنة عُمان، بعد تأخره لسنوات، موجةً من ردود الفعل عبر مواقع التواصل في السعودية، خصوصاً مع تزامن هذا الإعلان مع الخلاف السعودي الإماراتي النادر الذي ظهر للعلن مؤخراً .
فقد أعلن وكيل وزارة النقل والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات سالم محمد النعيمي، في مقابلة مع تلفزيون "عُمان" عن الانتهاء من الأعمال الإنشائية تمهيداً لافتتاح الطريق بين البلدين.
أشار النعيمي إلى أن "الطريق لن يقطع المسافة بين البلدين بنحو 800 كيلومتر فحسب" بل سيقلل أيضاً من وقت السفر بشكل كبير"، واصفاً هذا الطريق بـ"الحيوي".
الخبر الذي من المفترض أن يأتي في سياق طبيعي، إذ تم العمل على إنشائه لسنوات، نال اهتماماً خاصاً عبر وسائل الإعلام السعودية، وبين المغردين على مواقع التواصل الاجتماعي لتزامنه مع أزمة سياسية تلوح بالأفق بين الرياض وأبوظبي.
مواقع إخبارية سعودية ركزت عبر تغريدات لها على تصريح الوزارة العمانية بأن الطريق الجديد سيكون له دور كبير في حركة التنقل للمواطنين والمقيمين في البلدين، وزيادة النشاط الاقتصادي والسياحي.
هذا التركيز دفع مغردين عبر مواقع التواصل إلى الربط بين الإعلان عن افتتاح هذا الطريق وما تمر به العلاقات السعودية الإماراتية من توتر.
الخلاف السعودي الإماراتي
ومن النادر أن يخرج الخلاف بين السعودية والإمارات إلى العلن، لكن الأمر بدأ يتصاعد مع تصريحات متبادلة بين الطرفين حول اتفاق مرتقب حول إنتاج النفط من المفترض أن تتخذه الدول المنتجة وترفضه أبوظبي.
هذه النقطة بالتحديد هي التي ركزت عليها وسائل الإعلام العالمية في تناولها لهذا الخلاف في الرؤى بين الرياض وأبوظبي بشأن تخفيضات إنتاج النفط، خصوصاً أن وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان قد استفاض في توجيه النقد العنيف للموقف الإماراتي.
الخلاف في المواقف أمر طبيعي ووارد الحدوث حتى بين أقرب الحلفاء، وبالتالي فإن تبني الإمارات موقفاً مخالفاً للموقف السعودي فيما يتعلق بتوقيت رفع القيود على إنتاج النفط لا يمثل في حد ذاته مؤشراً على وصول الخلاف بينهما إلى نقطة الصراع.
لكن طريقة التعاطي مع هذا الخلاف هي مربط الفرس كما يقال، إذ إن هذه هي المرة الأولى التي يخرج فيها الخلاف بين السعودية والإمارات للعلن بهذه الصورة، ومن خلال قنوات رسمية وعلى لسان مسؤول بحجم وزير الطاقة السعودي الذي قال نصاً إنه يحضر اجتماعات أوبك "منذ 34 عاماً وهذه أول مرة أرى فيها دولة عضو تتخذ مثل هذا الموقف".
وبالتالي فإن خروج الخلاف إلى العلن بهذه الصورة يفتح باب التكهنات على مصراعيه بشأن النقطة التي وصل إليها التنافس بين الحليفين مع بروز المصالح الوطنية وتراخي التحالف الإقليمي الذي شهد تعاوناً كبيراً بين السعودية والإمارات لاستعراض النفوذ في الشرق الأوسط وما وراءه، والتنسيق في استخدام النفوذ المالي والقوة العسكرية في اليمن، بحسب تعبير رويترز.
فالخلاف في ملف النفط ربما يكون الحادث الأول الذي يخرج للعلن، لكنه بالتأكيد ليس سوى قمة جبل الجليد، فما حدث في تحالف السعودية والإمارات في حرب اليمن، التي انسحبت منها أبوظبي عام 2019 بعد أن حققت أهدافها المناقضة تماماً لأهداف الرياض يمثل بداية التصدع في ذلك التحالف، بحسب أغلب المراقبين.
وعلى الرغم من عدم خروج الخلاف بين السعودية والإمارات في اليمن إلى العلن بصورة رسمية، فإن دعم أبوظبي لانفصال الجنوب من خلال المجلس الانتقالي الجنوبي قد أضعف موقف السعودية في مواجهة الحوثيين وجعل الوصول إلى مخرج من المستنقع اليمني أمراً شبه مستحيل، وهو ما لا يمكن التغطية عليه أو تجاهله، رغم اتفاق الرياض الذي تم بحضور ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، دون أن يتم تنفيذ بنود الاتفاق الأساسية حتى اليوم.
وكانت قمة العلا التي عُقدت 5 يناير/كانون الثاني الماضي مؤشراً آخر على الخلاف بين الرياض وأبوظبي، إذ غاب ولي عهد أبوظبي عن القمة التي استضافها ولي عهد السعودية جنباً إلى جنب مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد. إذ يبدو أن المصالحة مع قطر جاءت من الرياض على عكس رغبة أبوظبي.
ثم جاء تحرك السعودية باتجاه تحدي هيمنة الإمارات كمركز استثماري وسياحي إقليمي في ظل التنافس على جذب رؤوس أموال أجنبية لتنويع اقتصادها بعيداً عن الاعتماد على النفط ليمثل عاملاً آخر من عوامل التباعد بين الحليفين.
ففي منتصف فبراير/شباط الماضي، أعلنت السعودية نيتها إيقاف التعاقد مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي في المنطقة خارج المملكة، بدءاً من مطلع عام 2024.
وكشفت وكالة بلومبرغ الأمريكية في تقرير لها في نفس الشهر عن وجود صراع اقتصادي يهدد التحالف والصداقة بين السعودية والإمارات، رغم مصالحهما المشتركة، متوقعةً ازدياد حدة المنافسة بينهما مع استنزافهما ثرواتهما من النفط والغاز.
وترسم كل هذه التطورات صورة أكثر وضوحاً عن حجم الخلاف بين السعودية والإمارات، فهو لم يعد خلافاً في موقف بشأن قضية واحدة يمكن احتواؤه بصورة أو بأخرى اعتماداً على التقارب في باقي الملفات، إذ أصبح واضحاً الآن أنه خلاف استراتيجي يتعلق برؤية كل منهما لمصلحته الوطنية التي بات واضحاً أنها على مسار تصادمي في جميع الملفات.