ما زال الطريق نحو السلام والاستقرار في ليبيا عبر جنيف السويسرية غير معبد وتتخلله العديد من العثرات، ورغم وصول الفرقاء الليبيين لمراحل متقدمة في الحوار السياسي الليبي الذي ترعاه الأمم المتحدة نتج عنه تشكيل حكومة ومجلس رئاسي جديد والاتفاق على 24 ديسمبر/كانون الأول القادم، إلا أن الخلاف بين أعضاء لجنة الحوار السياسي الليبي لا يزال يتصدر المشهد السياسي.
نقاط الخلاف
شارك في المفاوضات 75 موفداً، من المجلس الأعلى للدولة، ومجلس النواب، وأحزاب عدة، ومستقلين، وممثلين عن الشباب والمرأة، لكن هناك كثير من نقاط الخلاف تركزت حول آلية انتخاب الرئيس، بين من يؤيد انتخابه مباشرة من الشعب، ومن يريد أن يكون انتخابه عن طريق البرلمان، والصلاحيات الممنوحة له، وشروط الترشح خصوصاً المتعلقة بالعسكريين ومزدوجي الجنسية، إضافة للاستفتاء على الدستور.
أما الخلاف حول الدستور، فينقسم بين من يريد إجراء الاستفتاء على مشروع مسودة الدستور قبل الانتخابات، بينما يرى الثاني تأجيل الاستفتاء؛ بدعوى ضيق الوقت ووجود عقبات لوجستية.
وكانت اللجنة الاستشارية لملتقى الحوار قد أوصت بتأجيل الاستفتاء على مشروع مسودة الدستور إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وفي حال توافق أعضاء ملتقى الحوار السياسي على صيغة مناسبة بشأن القاعدة الدستورية سيتم إقرارها، وإذا لم يتوافقوا على ذلك سيحال الأمر للتصويت في ختام أعمال الملتقى.
تمديد ملتقى الحوار ليوم وتشكيل لجنة تفاوض
وبعد 4 أيام من الجلسات والوصول لمرحلة الانسداد بين لجنة الحوار أعلن المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش 1 يوليو/تموز 2021 تمديد جلسات ملتقى الحوار السياسي ليوم آخر من أجل التفاوض بشأن القاعدة الدستورية وتشكيل لجنة بالخصوص.
وأوضح أن الأعضاء صوتوا على تشكيل لجنة للتفاوض عبر اختيار شخص ممثل لكل 5 من أجل حسم القضايا العالقة وإنهاء الانسداد الحاصل في الملتقى.
وأكد المبعوث الأممي أن عدم التوصل إلى توافق بشأن القاعدة الدستورية لانتخابات ديسمبر/كانون الأول ليس خياراً أمام أعضاء الملتقى، قائلاً: "عليكم ألا تنضموا إلى المؤسسات الأخرى التي أخفقت في تنفيذ المطلوب منها في خارطة الطريق".
وزارد: "نحن في انتظار ترشيحاتكم للانتهاء من تشكيل اللجنة التي تجتمع ثلاث ساعات من أجل حل القضايا العالقة في القاعدة الدستورية".
لجنة التوافقات فرصة أخيرة لمجتمعي جنيف
عقب إعلان كوبيتش تمديد ملتقى الحوار السياسي ليوم واحد الجمعة- 2 يوليو/تموز 2021- من أجل التفاوض بشأن القاعدة الدستورية وتشكيل لجنة بالخصوص، شكلت لجنة أطلق عليها اسم لجنة التوافقات المشكلة من ملتقى الحوار السياسي بجنيف، والتي انطلقت اجتماعاتها أمس الخميس 1 يوليو/تموز 2021 ضمت كلاً من: محمد بوعجيلة، وأكرم الجنين، وعبدالرزاق العرادي، ومحمد تكالة، ويوسف الفرجاني، وعبدالرحمن السويحلي، وسلطنة مسعود المسماري، وعبدالرحمن العبار، وأبوبكر محمد مصباح، ومحمد لينو، وزياد دغيم، ومحمد بوسنينة، وأبوبكر العبيدي.
7 دوائر انتخابية تسيطر عليها قوة عسكرية
كشف عضو ملتقى الحوار السياسي، معاذ المنفوخ، أن لجنة 13 قاربت على الانتهاء من تجهيز آلية التصويت على المقترحات المقدمة وإحالتها لملتقى الحوار، لينظر أيؤخذ بها أم لا.
وتابع أنه ما زالت هناك بعض الاختلافات بين الأعضاء مبنية على مخاوف لوجستية وأمنية متجسدة على أرض الواقع مرتبطة بخارطة الطريق وجملة من النقاط، كالمادة الأولى التي تنص على ضرورة توفير بيئة مناسبة للانتخابات التي منها بسط سيادة السلطة التنفيذية على كامل التراب الليبي وحل مشكلة الأرقام الإدارية، وتوحيد المؤسسة العسكرية تحت السلطة المدنية وخروج جميع القوات الأجنبية من ليبيا.
وأضاف: لسنا مع تأجيل الانتخابات، وإذا كان الاستفتاء على الدستور يعيق استحقاق الانتخابات يؤجل لما بعدها، مشدداً على أنه ضد انتخاب الرئيس بشكل مباشر، إن كان على قاعدة دستورية لا دستور دائم، لوجود قوة عسكرية مسيطرة على 7 دوائر انتخابية، ولا أحد يضمن عدم تسييس الانتخابات عن طريق هذه القوة العسكرية التي ستؤمن صناديق الاقتراع.
وتابع أن بعثة الأمم المتحدة، لم تصر على القاعدة الدستورية فقط بل فتحت المجال على عدد كبير من النقاط والمقترحات، وهذا ما وسّع الهوّة نوعاً ما بين أعضاء الملتقى، فلم يكُن هناك جدول أعمال محدد في نقاط واضحة ومرتبة؛ ما فتح آلية النقاش بشكل موسع.
ويأمل الليبيون أن يؤدي المسار السياسي الليبي الذي ترعاه الأمم المتحدة إلى إنهاء الصراع والتحول للاستقرار والبناء بعد أن شهدت ليبيا، منذ أشهر، انفراجاً سياسياً؛ ففي 16 مارس/آذار الماضي، حين تسلمت سلطة انتقالية منتخبة، تضم حكومة وحدة ومجلساً رئاسياً، مهامها قيادة البلاد إلى الانتخابات.