بدأ الوزير الأول الجزائري الجديد، أيمن عبدالرحمن، مشاوراته السياسية مباشرة بعد تعيينه في منصبه من طرف الرئيس تبون، الأربعاء 30 يونيو/حزيران 2021، لتشكيل الحكومة.
أجرى تبون مشاوراته الأولية مع القوى الأساسية في البرلمان، وتوصّل إلى اتفاق معها للمشاركة في الحكومة، كلٌّ حسب مقاعده المحصّلة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، عدا حركة مجتمع السلم التي أعلنت رفضها المشاركة.
كلَّف تبون، بن عبدالرحمن بمواصلة المشاورات مع الأحزاب السياسية ذات التمثيل البسيط في البرلمان، ومنظمات المجتمع المدني، على أن يقدّم تشكيلته الحكومية بداية الأسبوع القادم.
رأي الأحزاب
اختار عبدالمجيد تبون مجدداً وزيراً أول تكنوقراطياً على غرار سابقه المستقيل عبدالعزيز جراد.
كانت مصادر "عربي بوست" قد كشفت سابقاً أن أيمن بن عبدالرحمن هو المرشح الأول لتولي منصب الوزير الأول على رأس الحكومة الجزائرية الجديدة.
يعدّ بن عبدالرحمن خريج المدرسة نفسها التي تخرّج فيها تبون وجراد، وهي المدرسة الوطنية للإدارة، التي تعدّ الخزان الرئيسي لشغل المناصب السامية في الدولة.
عبَّر حزب جبهة التحرير الوطني، مُتصدر الانتخابات التشريعية الأخيرة (98 مقعداً)، عن ارتياحه لتعيين أيمن بن عبدالرحمن وزيراً أول.
قال الحزب في بيان، إن بن عبدالرحمن "يتميّز بكفاءة ونزاهة، وقدرة على قيادة الجهاز التنفيذي وتحقيق الأهداف لبلوغ تنمية اقتصادية قوية وتنافسية، تضمن الاستمرار في نمطنا الاجتماعي المبنيّ على العدالة والتضامن".
رغم أن حزب التجمع الوطني الديمقراطي لم يعلّق رسمياً على تعيين أيمن بن عبدالرحمن، فإن كثيراً من قيادات الحزب تمنَّوا التوفيق له وأكدوا مساندته.
كان الأمين العام للحزب، طيب زيتوني، صرّح عقب مشاوراته مع تبون قبل أيام، عن دعمه لبرنامج الرئيس وخياراته مهما كانت.
من جهته علَّق حزب حركة البناء، على تعيين أيمن بن عبدالرحمن بتأكيد ضرورة التوافق والذهاب نحو حكومة تنقذ البلاد من الوضع الاقتصادي المتردي.
فيما تعتقد حركة مجتمع السلم أن تعيين بن عبدالرحمن ضرورة دستورية، فلا بد من تعيين وزير أول، على حد تعبيرها.
قال المتحدّث الإعلامي باسم الحركة لـ"عربي بوست"، إن "الأهم من اسم الوزير الأول هو بيان السياسة العامة للحكومة الذي سيُعرض على البرلمان بعد تنصيبه في الأيام القليلة القادمة".
أما المحلل السياسي مصطفى بونيف، فيرى أن تعيين شخصية مثل وزير المالية السابق أيمن بن عبدالرحمن على رأس الجهاز التنفيذي أمر متوقَّع، بالنظر إلى كفاءته والوضع الذي تمر به البلاد اقتصادياً.
أضاف بونيف في تصريح لـ"عربي بوست"، أن "الجزائر بحاجة إلى شخصية تكنوقراطية مُلمَّة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي تمر به البلاد، ويبدو أن بن عبدالرحمن هو الخيار المناسب".
من جهته يعتقد المحلل السياسي فاتح بن حمو، الذي تحدَّث لـ"عربي بوست"، أن "اختيار بن عبدالرحمن لا يعكس حجم التوقعات المنتظرة من الطبقة السياسية في الجزائر، لأن الرجل موجود منذ أكثر من 10 سنوات في قطاع المالية دون أن نشعر ببصمته".
خيارات بن عبدالرحمن محدودة
سيكون الوزير الأول، أيمن بن عبدالرحمن، أمام خيارات محدودة وهو يحاول تشكيل حكومته، بحيث هناك وزارات سيادية لن يستغني الرئيس عن مسؤوليها، على غرار الخارجية والداخلية والعدل والصناعة.
وسيختار الوزير الأول الأحزاب المشارِكة في الحكومة، وهي: جبهة التحرير، والتجمع الوطني الديمقراطي، وحركة البناء والمستقبل، ممثليها الذين قد يحصلون مجتمعين على 10 وزارات.
وسيكون لـ"بن عبدالرحمن" قطاعات قليلة ليعيّن فيها وزراء، ومنها التجارة، والثقافة، والرياضة، والبيئة وغيرها.
ماذا عن "حمس"؟
يبدو أنَّ رفض أكبر حزب إسلامي بالجزائر (حركة مجتمع السلم) المشاركة في الحكومة خلط أوراق تبون، وهو الذي كان قد تقدَّم للحركة بعرض خمسة مناصب وزارية مقابل المشاركة.
فبعد ساعات قليلة من إعلان رئيس حركة "حمس" رفض عرض تبون، استقبل تبون، بن عبدالرحمن وعيَّنه مسؤولاً عن الجهاز التنفيذي، وطالبه بتشكيل حكومته خلال أيام، بعد التشاور مع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني.
ووفق المحلل السياسي فاتح بن حمو، فإن "حمس مُحقَّة في عدم المشاركة، لاسيما أن العرض الذي قُدِّم لها هزيل، ولا يليق بمكانة الحزب السياسية".
وأضاف بن حمو أن "الحكومة التي ترفض الذهاب نحو إصلاحات جريئة والاعتراف بأن البلاد تمر بأزمة اقتصادية خطيرة، لا يمكنها أن تكون أفضل من سابقاتها" .
أما مصطفى بونيف فيرى أن "حمس" ستلعب دوراً مهماً في المعارضة، خاصةً أن جميع الأحزاب الأخرى قررت التحالف مع الرئيس.
وقال بونيف لـ"عربي بوست"، إن "الجميع كان يتوقع أن تحظى حركة مجتمع السلم بتقديرٍ أكبر إلى درجة توقُّع البعض أن تبون سيمنحهم قيادة الحكومة".