قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مساء السبت 26 يونيو/حزيران 2021، إن بلاده تجري اتصالات لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن بخصوص سد النهضة الإثيوبي، متوقعاً أن يكون موعد الجلسة خلال الأسبوع الثاني من شهر يوليو/تموز المقبل.
جاء ذلك بحسب ما ذكره شكري، في مداخلة هاتفية مع الإعلامية المصرية لميس الحديدي، عبر شاشة أون (الخاصة ببلاده)، في ظل إصرار أديس أبابا على مواقفها من تلك الأزمة المتفاقمة.
كانت الخارجية المصرية قد أعلنت، في 12 يونيو/ حزيران الجاري، تقديم خطاب لمجلس الأمن شمل الاعتراض على اعتزام إثيوبيا الملء الثاني، وبعد 10 أيام طالبت نظيرتها السودانية، المجلس بـ"عقد جلسة في أقرب وقت؛ لبحث تطورات الخلاف حول السد وأثره على سلامة وأمن الملايين الذين يعيشون على ضفاف النيل".
تحركات سودانية
في هذا الإطار، أكد شكري، في المداخلة، أن السودان بعث بخطاب مماثل لنظيره من مصر إلى مجلس الأمن؛ لعرض تطورات القضية وطلب عقد جلسة، مضيفاً: "من المهم تعضيد موقف الخرطوم في ظل عدم الوصول لاتفاق وتوقف مسار المفاوضات (قبل أشهر)".
الوزير المصري أشار إلى أن القاهرة تجري اتصالات مكثفة على مستوى الدول الأعضاء في مجلس الأمن ووزراء الخارجية بواشنطن، ومندوبي الدول لدى الأمم المتحدة، من أجل قبول المجلس عقد الجلسة، والتشاور حول المُخرَجات التي ستنتهي إليها الجلسة، مؤكداً أن هذه الأمور تحتاج كثيراً من التنسيق والتداول والتشاور وتعتمد على الإطار العام الذي تُتناوَل به مثل هذه القضايا من قِبل الدول الأعضاء، سواء كانوا دائمين أو غير دائمين.
كما أعرب عن "أمل مصر أن يصدر عن مجلس الأمن ما يؤكد ضرورة تحقيق هدف الوصول لاتفاق ملزم بخصوص الملء والتشغيل عبر إطار إفريقي أممي معزز من المراقبين، مع استعانتهما بالمراقبين والآليات؛ للمساعدة في وضع الحلول والمقترحات التي تخرج من الأزمة وتؤدي للهدف".
أقوى آليات مجلس الأمن
أما عن المتوقع صدوره من المجلس، فأوضح شكري أن أقوى الآليات التي يمكن أن تصدر تتمثل في استصدار قرار، ثم يتدرج الأمر إلى بيان رئاسي ثم صحفي، لكن كلاً من هذه الأطروحات لها الأثر نفسه.
فيما ردَّ على سؤال بشأن موقفهم في حال عدم التزام إثيوبيا بالمخرجات المحتملة، قائلاً: "بذلك يتضح للمجتمع الدولي تعنُّت إثيوبيا، وبهذا تكون استنفدت مصر والسودان كل الوسائل السلمية المتاحة"، مشدّداً على أن "المجتمع الدولي مُدرك لخطورة القضية وعقد جلسةً العام الماضي، في ظل تعثر المفاوضات (انتهت بحثِّ المجلس على العودة للمفاوضات الإفريقية)".
بينما لم يصدر عن مجلس الأمن بيان بشأن تحديد موعد الجلسة أو تفاصيل بشأن الطلب حتى مساء السبت.
يشار إلى أن السلطات الإثيوبية أعلنت، الخميس 24 يونيو/حزيران 2021، عن رفضها طلب السودان نقل مناقشة أزمة سد النهضة إلى مجلس الأمن، مشيرة إلى أنها لا ترى حاجة لنقل ملف السد إلى مجلس الأمن.
كما دعت وزارة الخارجية الإثيوبية، الخرطوم إلى ضرورة احترام الاتحاد الإفريقي وتدخُّله في المباحثات حول تلك الأزمة.
كان وزير الري السوداني، ياسر عباس، قد قال إن بلاده طلبت من مجلس الأمن تحويل مبادرة الاتحاد الإفريقي إلى وساطة دولية؛ لممارسة الضغوط على الدول الثلاث للتوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة.
فشل متواصل لجولات المفاوضات
يأتي ذلك بعدما فشلت الجولة الأخيرة من مفاوضات السد، إثر إعلان الخارجية السودانية، الأحد 10 يناير/كانون الثاني 2021، فشل التوصل إلى صيغة مقبولة لمواصلة التفاوض حول "سد النهضة"، مؤكدةً أن الخرطوم لن تواصل المفاوضات، في الوقت الذي عبَّرت فيه وزيرة خارجية جنوب إفريقيا عن أسفها لوصول مفاوضات سد النهضة إلى "طريق مسدود".
حينها أعلن وزير الخارجية السوداني المكلف، عمر قمر الدين، آنذاك، عن تقديم بلاده اشتراطات إلى الاتحاد الإفريقي للعودة إلى مفاوضات "ذات جدوى" في ملف سد النهضة، ملوِّحاً بأن الخرطوم لديها "خيارات" أخرى.
بدوره قال وزير الري السوداني ياسر عباس، إنه لا يمكنهم الاستمرار في "هذه الحلقة المفرغة من المباحثات بشأن سد النهضة إلى ما لا نهاية"، مشدداً على أن "المفاوضات انتهت إلى الفشل".
كانت الإدارة الأمريكية أعلنت، في فبراير/شباط 2019، التوصل إلى اتفاق حول آلية عمل سد النهضة، وقَّعت عليه القاهرة بالأحرف الأولى، وامتنعت إثيوبيا بدعوى انحياز واشنطن إلى مصر، إثر جولات من المفاوضات جرت بواشنطن.
لكن المفاوضات تعثرت مجدداً بين الدول الثلاث، وهو الأمر المستمر منذ نحو 9 سنوات، وسط اتهامات متبادلة بين القاهرة وأديس أبابا بالتعنت والرغبة في فرض حلول غير واقعية.
إذ تُصر أديس أبابا على تنفيذ ملء ثانٍ للسد بالمياه، في يوليو/تموز وأغسطس/آب المقبلين، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأنه، وتقول إنها لا تستهدف الإضرار بالخرطوم والقاهرة، وإن الهدف من السد هو توليد الكهرباء لأغراض التنمية.
بينما تتمسك الخرطوم والقاهرة بالتوصل أولاً إلى اتفاق ثلاثي حول ملء وتشغيل السد؛ للحفاظ على سلامة منشآتهما المائية، ولضمان استمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل.