قال موقع Middle East Eye البريطاني في تقرير نشره الجمعة 25 يونيو/حزيران 2021، إن عائلتي اثنين من سياسيي جماعة الإخوان المسلمين المحكومين بالإعدام في مصر أخبراه بأنَّهما يعيشان في خوف، لأنَّه يمكن تنفيذ الإعدامات على الفور ما لم يصدر عفو رئاسي بحلول نهاية يونيو/حزيران 2021 .
قالت سناء عبدالجواد، زوجة عضو البرلمان السابق محمد البلتاجي، لموقع Middle East Eye البريطاني: "نحن في خوف مستمر. فبعد تأييد حكم الإعدام، يمكن تنفيذ الإعدام في أي لحظة".
حكم لمحكمة استئناف مصر
إذ أيَّدت أعلى محكمة استئناف بمصر، في 14 يونيو/حزيران 2021، أحكام الإعدام الصادرة بحق البلتاجي و11 آخرين من معارضي حكومة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وهو ما يُمهِّد الطريق أمام إعدامهم المحتمل. ويمنح قانون الإجراءات الجنائية المصري الرئيسَ 14 يوماً عقب حكم المحكمة للعفو عن المتهمين أو تخفيف أحكام الإعدام.
يشمل المحكومون بالإعدام عدداً من الشخصيات السياسية البارزة التي تولت أدواراً قيادية في انتفاضة 2011 ضد الرئيس الذي حكم طويلاً، حسني مبارك، وكذلك في التظاهرات ضد انقلاب 2013 الذي أطاح بمحمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطياً لمصر.
تشمل الشخصيات القيادية الأخرى المحكومة بالإعدام وزيرَ الشباب في عهد مرسي، أسامة ياسين، والمتحدث الإعلامي السابق باسم الإخوان المسلمين، أحمد عارف.
نهاية لمحاكمة جماعية
يمثل قرار المحكمة نهاية لمحاكمة جماعية بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2015، والتي اتُّهِمَ فيها 739 متهماً بالمشاركة في احتجاج اعتصام رابعة عام 2013 ضد عزل مرسي.
وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قمع قوات الأمن المصرية للاعتصام في 14 أغسطس/آب 2013، بأنَّه "أسوأ حادثة قتل جماعي للمحتجين في يوم واحد بالتاريخ الحديث"، حيث قُتِل 800 شخص على الأقل.
أثارت أحكام الإعدام غضباً من جانب مجموعات حقوق الإنسان الدولية، التي قالت إنَّ المحاكمة شابتها انتهاكات للإجراءات القانونية منذ بدايتها، كل هذا في الوقت الذي لم تخضع فيه قوات الأمن التي تقف خلف مذبحة رابعة للمساءلة حتى الآن.
وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأحكام بأنَّها "استهزاء بالعدالة"، في حين قالت "منظمة العفو الدولية" إنَّها "وصمة عار على سمعة أعلى محكمة استئناف مصرية، وتلقي بظلال قاتمة على نظام العدالة بالكامل في البلاد".
تضاعَف عدد الإعدامات في مصر عام 2020، ثلاث مرات مقارنةً بالعام السابق، وهو ما جعل البلاد ثالث أكبر بلد تنفيذاً لأحكام الإعدام بعد الصين وإيران.
تصف مجموعات حقوق الإنسان كثيراً ممَّن أُعدِموا بأنَّهم "سجناء ضمير" اعتُقِلوا بسبب معارضتهم لحكومة السيسي.
إعدام عشرات المعارضين
وفقاً لـ"لجنة العدالة" الحقوقية الموجودة في جنيف، أُعدِم 92 معارضاً للسيسي على الأقل منذ عام 2013، وصدرت أحكام إعدام نهائية بحق 64 آخرين يمكن أن يُعدَموا في أي لحظة.
لكن في حال تنفيذ أحكام الإعدام ضد قادة الإخوان الـ12، ستكون هذه هي المرة الأولى في حكم السيسي التي يجري فيها إعدام شخصيات معارضة مشهورة.
سمعت عبدالجواد (53 عاماً)، باعتقال زوجها بعد أسبوعين فقط من وفاة ابنتها، التي قُتِلَت خلال مذبحة رابعة. وقالت لموقع Middle East Eye من إسطنبول، حيث تعيش في المنفى: "الحياة صعبة جداً. فقدتُ ابنتي الوحيدة، ثم أُخِذ أبوها منِّي بسجنٍ ظالم. ظننتُ أنَّ الظلم مؤقت فقط، لكنَّني حُطِّمتُ حين اعتُقِل أبنائي، واحداً تلو الآخر".
ما يزال ابن سناء عبدالجواد، أنس، في مرحلة الاحتجاز بانتظار المحاكمة للعام السابع توالياً. ويعيش أبناؤها الثلاثة الآخرون، عمار وخالد وحسام، معها في المنفى.
تعتقد أنَّ محاكمة زوجها وأحكام الإعدام ترقى إلى كونها محاكمة لضحايا مذبحة رابعة، بينما الجناة لم يُحاسبوا بعد. وقالت: "لم أتصور قط أن يُحكَم على الضحية، زوجي، بالإعدام، في حين يُترَك القاتل طليقاً. لكنَّ انتهاك القانون وحقوق الإنسان أصبح هو القاعدة تحت الحكم العسكري".
احتجاز في سجون انفرادية
كانت آخر مرة رأت فيها عبدالجواد زوجها قبل خمس سنوات ونصف السنة. وتقول إنَّه مُحتجَز في حبس انفرادي منذ اعتقاله، ومُنِع من الزيارات العائلية معظم فترة اعتقاله، ومُنِع من الحصول على الأدوية والكتب وممارسة التمارين.
إضافة إلى كونه عضواً بالبرلمان، كان كثيرون يعتبرون البلتاجي ناشطاً. فعلى الرغم من اتهام الإخوان المسلمين بعدم المشاركة في الأيام الأولى للاحتجاجات المناهضة لمبارك في 2011، كان البلتاجي من بين من حضروا منذ اليوم الأول. وشارك في 25 يناير/كانون الثاني 2011، في احتجاج ضد وحشية الشرطة أمام مجلس القضاء الأعلى بشارع رمسيس في القاهرة، إلى جانب أعضاء حركة "كفاية".
كان ناشطاً داعماً لفلسطين، وكان مِن بين مَن كانوا على متن السفينة "مافي مرمرة" خلال اقتحام الأسطول في 2010.
فيما تولى أسامة ياسين، وزير الشباب السابق، بالمثل دوراً محورياً في انتفاضة 2011، حين كان مُنسِّق احتجاجات الإخوان المسلمين. واعتُقِلَ ياسين (56 عاماً)، في 26 أغسطس/آب 2013، عقب قمع اعتصام رابعة.
المشاركة في ثورة يناير
قال في آخر دفاع عن نفسه: "تُهمتي هي المشاركة في ثورة 25 يناير كأحد الشخصيات القيادية. إنَّ هدف هذه المحاكمات هو تحويل مَن كان لهم دور قيادي في الثورة إلى عبرة للآخرين؛ لردع الناس عن القيام بثورة أخرى".
يعيش أحمد ياسين، نجل الوزير السابق المعتقل، في المنفى بالخارج حالياً، وقال للموقع البريطاني: "حدث الكثير جداً في السنوات الثماني التي قضاها والدي في السجن. كل ذكرى مبهجة كانت تفتقر إلى شيء، كانت تفتقر إلى وجوده. فراغ كرسيّه على طاولة الطعام كان يطاردني كل يوم، وكان يتعين علينا الشعور بألم وجوده وحيداً في زنزانة صغيرة مظلمة بالحبس الانفرادي، يتوق إلى أن يكون معنا ويرانا نكبر".
لا يشعر نجل ياسين وعائلته بتفاؤل حيال إطلاق سراحه. وقال: "كنا نعلم أنَّه لن يُطلَق سراحه. كنا نعلم أنَّ الحكومة لديها ثأر شخصي ضد والدنا بسبب دوره في 25 يناير. إذ كان أحد أيقوناتها، وهم يكرهونه بسبب ذلك. لذلك كنا نعلم أنَّه لن يُطلَق سراحه بسهولة، لكنَّنا لم نتوقع قط أن يواجه الإعدام. إنَّه بريء، وقد عمِل طوال حياته لخدمة المجتمع في كل فرصة".
كما هو الحال مع البلتاجي، قال ياسين إنَّ الزيارات العائلية مُنِعَت عن والده منذ 2016. ومُنِعَ محاموه كذلك من مقابلته. وأضاف: "من الصعب أن أعيش يومي وأنا أعلم أنَّ موت والدي وشيك".