قالت صحيفة New York Post الأمريكية الخميس 24 يونيو/حزيران 2021 إن هناك أخباراً تفيد بأن شركة فنادق "هيلتون" Hilton Hotels وقعت صفقةً مع بكين لبناء عقار جديد في موقع أحد مساجد الإيغور المسلمين الذي دمَّرته الحكومة، فيما رفضت سلسلة الفنادق التعليق على التقارير المتداولة بشأن الصفقة.
يأتي ذلك فيما كانت صحف بريطانية قد أوردت مزاعم عن الصفقة لأول مرة في وقت سابق من هذا الشهر، ومع ذلك لم ترد سلسلة فنادق "هيلتون" على رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية العديدة التي أجرتها معها صحيفة New York Post في محاولة للتحقق من تلك الخطط.
وذكرت مجلة Bitter Winter الإلكترونية المعنية بأخبار القضايا الدينية وحقوق الإنسان في الصين، يوم الأربعاء 23 يونيو/حزيران، أن الأرض التي كان يقع فيها مسجد دولينغ في بلدة خوتان، وهي جزء من إقليم شينغيانغ ذي الأغلبية المسلمة، قد بيعت في مزاد علني لمطوِّرٍ عقاري محلي.
وأشارت المجلة إلى أن هذا المطوِّر وقَّع بعد ذلك عقداً مع سلسلة فنادق هيلتون لإنشاء فندق في موقع المسجد المهدوم.
أما المسجد، فقد هدمته السلطات الصينية في عام 2018، وفقاً لصورٍ التقطتها الأقمار الصناعية ونشرها "معهد السياسات الاستراتيجية الأسترالي"، الذي يُشرف على "مشروع بيانات شينغيانغ" Xinjiang Data Project المتوفر عبر الإنترنت.
وأوردت صحيفة The Telegraph أن أعمال البناء في مشروع بناء فندق هيلتون جاريةٌ بالفعل كما ذكرت وسائل الإعلام البريطانية أن الدعاية على جدران موقع البناء تحث أولئك الذين يمرون بجوار المبنى على "الاحتفاء بحرارة بالذكرى المئوية لإنشاء الحزب الشيوعي".
مساعي بكين للتطهير العرقي
يُذكر أن مسجد دولينغ هو واحد من عديدٍ من المساجد التي هدمتها الحكومة الصينية بالجرافات في إقليم شينغيانغ في السنوات الأخيرة، وذلك ضمن مساعي بكين لتطهير الإقليم عرقياً من المسلمين وإفقادهم الأغلبية السكانية فيها.
ويزعم مسؤولو الحزب الشيوعي الصيني أنهم يشتبهون منذ فترة طويلة في أن الإيغور لديهم "نزعات انفصالية" لأن يتمسكوا بثقافة ولغة ودين خاص بهم.
فيما يستخدم كثير من المسؤولين الصينيين هذا المنطق للدفاع عن سلوكيات الحكومة التي تنطوي على إبادة جماعية للإيغور، في مقابلاتهم الصحفية وظهورهم على مختلف وسائل الإعلام الحكومية.
السلوك الذي تحاول السلطات الصينية تبريره، كما يكشف التقرير الذي أصدرته شبكة BBC في فبراير/شباط من هذا العام، يشمل التعذيب المنهجي والاغتصاب في معسكرات اعتقال الإيغور.
وفي حين أن الأدلة الدامغة ضد بكين لا يبدو أنها قد تمنع شركة فنادق هيلتون من الاستمرار في المشروع، إلا أن بعض المنظمات الإسلامية المدافعة عن حقوق المسلمين الصينيين تأمل في ذلك.
ومع ذلك، يبدو حتى الآن أن هيلتون تمضي قدماً بلامبالاة لتلك الانتقادات، لكن دون ضجة كبيرة حول الأمر.
من جهته، كتب "مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية"، وهو إحدى المنظمات الإسلامية البارزة، إلى الرئيس التنفيذي لشركة هيلتون، كريس ناسيتا، في وقت سابق من هذا الشهر للاحتجاج على الصفقة.
لكن لم يتضح بعد نوعَ الاستجابة التي تلقوها من الرئيس التنفيذي لشركة الفنادق العالمية. كما لم يرد متحدث باسم الشركة على الفور على طلبٍ من صحيفة New York Post للتعليق.
وفي الخطاب الذي أرسله مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، كتب نائب مدير المركز، إدوارد أحمد ميتشل، أن "شركة هيلتون لديها فرصة فريدة لاتخاذ موقف واضح حيال انتهاكات الصين المنهجية لحقوق الإنسان والسياسات المحمَّلة بالإسلاموفوبيا، وأن تكون مثالاً يُحتذى به في ذلك للشركات البارزة الأخرى".
في المقابل، كتب ميتشل أن تجاهل الشركة للإبادة الجماعية والاستمرار في أعمالها التجارية في إقليم شينغيانغ، سيكون بمنزلة "إرسال الشركات الأمريكية رسالة صريحة مفادها أنها لا تدعم حقوق الإنسان الدولية".
اتهامات للصين
وتواجه الصين اتهامات جماعات حقوقية بتزييف أعداد مسلمي الإيغور في سنغان عن طريق غمر المنطقة بأبناء عرقية الهان الصينية، وهي عرقية ملحدة في الأساس. يُظهر أحدث تعداد سكاني للمنطقة أن عرقية الهان في المنطقة زادت بمعدل أسرع يقترب من 25% خلال العقد الماضي لتصل إلى 10.9 مليون نسمة، أو أنها زادت بنسبة 42% في المجمل. وكانت غالبية هذا النمو مدفوعة بهجرة أبناء عرقية الهان إلى سنغان.
بالمقارنة، كان هناك 5.7 مليون نسمة من أبناء الهان في سنغان عام 1990، أو ما يمثل 37.58% من إجمالي السكان.
جيمس ليبولد، الأستاذ لدى جامعة لا تروب الأسترالية والمتخصص في الصراعات العرقية بالصين المعاصرة قال: "يؤكد ذلك حقاً على استراتيجية بكين لـ(تحسين) البنية السكانية لسنغان، بحسب تعبيرهم، وهو ما ينطوي على التضييق على السكان الإيغور وزيادة حجم السكان الهان، إضافة إلى تعديل المكان الذي تعيش فيه هذه الجماعات السكانية".
إذ تقول الرواية الرسمية لحكومة سنغان إن "سكان المجموعات العرقية في المنطقة تنمو بثبات، ما يُبرهن تماماً على النمو الشامل لجميع المجموعات العرقية تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني".
يشارك الدبلوماسيون الصينيون بيانات التعداد السكاني مع نظرائهم الأجانب. فقد غرد دنغ شيجون، سفير الصين لدى رابطة دول جنوب شرق آسيا (أسيان) قائلاً: "معدل النمو لإجمالي السكان، الإيغور وجميع المجموعات العرقية الأخرى شهدت بأسرها زيادة جيدة، وأغلبها اتضح أنها أعلى من المتوسط القومي".
قالت صحيفة Global Times، التي يديرها الحزب الشيوعي الصيني، إن أرقام التعداد السكاني دحضت "الضجيج والشائعات والافتراءات الخبيثة، عبر معلومات مفصّلة وتفسيرات مستندة إلى حقائق".
وأضافت الصحيفة، نقلاً عن أحد المسؤولين، أن التنقيحات والتعديلات، التي تمثل خفضاً يتراوح بين 170 ألف نسمة و482 ألف نسمة من أعداد سكان الإيغور سنوياً بدءاً من عام 2011 ووصولاً إلى عام 2018، كانت "متسقة مع القواعد والممارسات الدولية".