تحولت ليلة هادئة كانت تطمح الفتاة اللبنانية ياسمين المصري لقضائها بعيداً عن أخبار البلاد وتدهور وضعها الاقتصادي، إلى حدث مهم تداولته وسائل الإعلام، كما تحولت هي ذاتها إلى بطلةٍ وطنية، وضيفة دائمة على وسائل الإعلام، والسبب في ذلك وزير الخارجية الأسبق جبران باسيل.
دارت أحداث هذه الليلة المهمة لياسمين داخل مطعمٍ فاخر على شاطئ البحر، حينما اكتشفت، الأحد 13 يونيو/حزيران 2021، بينما كانت تتناول طعام الغداء، أن أحد رواد المطعم شخص له حق التنافس على لقب "أكثر رجل مكروه في لبنان".
ياسمين التي فقدت وظيفتها الجديدة في كندا حين منعتها جائحة كورونا من السفر، كما دُمر منزل عائلتها ومات أحد أصدقائها في انفجار مرفأ بيروت، ثم انهار اقتصاد البلاد ودخل حالةً من الفوضى، بادرت إلى الوقوف في وجه المسؤول أثناء مغادرته المطعم، والصراخ في وجهه قائلةً: "تفيه عليك".
لكن الفتاة اللبنانية لم تكن تعلم أن ما أقدمت عليه سيؤدي إلى شجار لاحق مع حراس باسيل الشخصيين، الذين اعتدوا عليها وحاولوا سرقة هاتفها ومنعها من التصوير.
حيث طارد أنصار باسيل ياسمين حول المدينة، وهدَّدوها لمدة أربع ساعات، إذ قالت في مقابلة تلفزيونية: "ظلت مجموعةٌ منهم تتّبعني في كل مكان، وتبصق عليّ، وتكيل لي الشتائم".
ما تمكّنت ياسمين من تصويره انتشر سريعاً على كافة الشبكات الاجتماعية، ما جعلها بطلةً وطنية في لبنان، وقد استضافتها شاشات التلفزيون اللبناني للتعبير عن رأيها.
كان أمراً صادماً
صحيفة The Times البريطانية أيضاً قابلت ياسمين، السبت 19 يونيو/حزيران 2021، ونقلت عنها قولها: "ليست لديّ كلمات تصف شعوري حينما مر بجواري مع ابتسامةٍ كبيرة تعلو وجهه، كان هذا هو الأمر الصادم أكثر من أي شيء، فلو كان قد أظهر أي شعورٍ بالخزي لكانت الأمور قد مضت على نحو مختلف".
بحسب الصحيفة، فإن كلماتها تعتبر صادمةً أكثر من غيرها، لأنّها تأتي من فتاة يُفترض أنها تنتمي في الظروف العادية إلى الناخبين المصوتين لباسيل، فهو رئيس أكبر حزب مسيحي لبناني، والذي ينتمي إليه عادةً السكان الذين درسوا خارج البلاد من الطبقة المتوسطة والعليا في شرق بيروت.
وأسهم ما حدث لاحقاً في تعميق الشعور بأنّ الطبقات السياسية تعيش في مجتمع منعزل عن الجميع، حينما نشر باسيل الثلاثاء 15 يونيو/حزيران صورةً لنفسه مع والد ياسمين، قائلاً إنّ الرجل "اعتذر بالنيابة عن ابنته".
لكنها ردَّت على ذلك مُتّهمةً باسيل بأنّه هدَّد والدها: "لأكون واضحةً بشأن أمرٍ ما، ليس من المسموح لأي شخص آخر الاعتذار نيابةً عني. وأؤكد لكم أنني لن أسكت أبداً، ولن أتوقف عن نشر الحقيقة، ولن أُخفي أبداً ما أعنيه في مواجهة الخوف والتهديدات والإرهاب".
وعلى وقع أزمة اقتصادية متفاقمة، صنَّفها البنك الدولي من بين الأكثر شدةً في العالم منذ عام 1850، ووسط شلل سياسي مزمن، لم تبقَ مؤسسات البلد بمنأى عن تداعيات الانهيار وتدهور سعر الصرف، الذي تجاوز هذا الأسبوع 15 ألف ليرة مقابل الدولار.
وجراء خلاف بين رئيس البلاد ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، يعجز لبنان عن تشكيل حكومة لتحل محل حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسان دياب، التي استقالت في 10 أغسطس/آب 2020، بعد 6 أيام من انفجار كارثي في مرفأ العاصمة بيروت، أسفر عن عشرات الضحايا وخسائر مادية هائلة.