تبدو نتائج الانتخابات سائرة باتجاه اكتساح الأحزاب التقليدية مقاعد البرلمان في الجزائر، إذ تشير النتائج الأولية غير الرسمية إلى تصدُّر أحزاب جبهة التحرير الوطني وحركة مجتمع السلم والتجمع الوطني الديمقراطي توالياً.
وأحصت المندوبيات الولائية التابعة للسلطة المستقلة للانتخابات، فوز حزب جبهة التحرير الوطني بـ100 مقعد لحد الساعة، وهو ما يمثّل تراجعاً لحزب الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة بـ50 مقعداً كاملة عن الانتخابات السابقة سنة 2017.
بينما وصل عدد المقاعد التي فازت بها حركة مجتمع السلم (إسلامي) 65 مقعداً، وهو قرابة ضعف ما حصلت عليه سنة 2017، في انتظار الفصل بأربع ولايات مهمة، مجمل مقعدها 53 مقعداً.
فيما بلغ عدد المقاعد التي حصّلها التجمع الوطني الديمقراطي 50 مقعداً، ومازال ينافس في بعض الولايات التي لم تُحسم النتائج فيها بعد.
وستتمكّن الأحزاب الصاعدة، على غرار حركة البناء وجبهة المستقبل، من تشكيل مجموعات برلمانية على الأقل، وفق النتائج غير الرسمية (القانون يحدد المجموعة البرلمانية بـ11 نائباً فما فوق).
بينما سجّلت النتائج الأولية انتكاسة غير متوقعة للقوائم الحرة، التي تمثل قوائمها قرابة 52% من عدد المترشحين إجمالاً.
وبحسب المصدر ذاته، فإن عدد مقاعد المرشحين المستقلين من مختلف القوائم بلغ قرابة 45 مقعداً قبل الفصل النهائي في بعض الولايات مثل الجلفة وباتنة وقسنطينة ووهران.
نتائج الانتخابات الجزائرية
تميَّزت الانتخابات التشريعية التي لم يُكشف عن نتائجها الرسمية من خلال ما رُشح من نتائج أولية، بمنافسة شديدة بين حزبي جبهة التحرير الوطني (حزب بوتفليقة) وحركة مجتمع السلم (إسلامي)، إذ عرفت الولايات الكبرى فوزاً متبادلاً بين الحزبين وتقارباً في الأصوات بجميع المكاتب.
وقال الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، أبو الفضل بعجي، إنَّ "حزبه تصدَّر الانتخابات التشريعية بعد فوزه بأكثر من 100 مقعد".
وأفاد عضو مجلس الأمة عن حزب جبهة التحرير عبدالوهاب بن زعيم، بأن "مناضلي الجبهة ظلوا أوفياء لها، واختاروها رغم كل شيء".
من جهته أكدت حركة مجتمع السلم تقدُّمها في أغلب الولايات وتحصيلها نتائج غير مسبوقة، ودعت الرئيس تبون إلى الالتزام بوعوده وحماية الإرادة الشعبية من التزوير.
وأكد مصدر من الحركة لـ"عربي بوست"، رفض الإفصاح عن اسمه، أن "الحزب مرتاح لحدّ الآن للنتائج التي حصل عليها، وهي قرابة 70 مقعداً، في انتظار الفصل بالمقاعد التي لم يتم الفصل في نتائجها".
وأضاف المتحدث أن "النتيجة التي حصلنا عليها تاريخية بالنسبة للحركة وغير مسبوقة، رغم تسجيل تجاوزات في بعض الولايات كان قد تحدث عنها رئيس الحركة عبدالرزاق مقري".
نتائج غير مسبوقة للإسلاميين
يبدو أن تودُّد الرئيس عبدالمجيد تبون للإسلاميين خلال ظهوره الإعلامي الأخير لم يكن اعتباطياً، إذ حصلت أحزاب الإسلاميين بالجزائر على أكثر من 100 مقعد في الانتخابات البرلمانية حسب أرقام أولية.
وفازت حركة مجتمع السلم بنحو 65 مقعداً نيابياً، وهو ضعف ما فازت به في الانتخابات السابقة.
بينما حصلت حركة البناء الوطني على قرابة 40 مقعداً، وهو ضعف ثماني مرات ما فازت به في تشريعيات 2017.
وتراجع حزب العدالة والتنمية تراجعاً طفيفاً، إذ فاز بمقعد يتيم، وهو الذي كان قد حصل على 4 مقاعد في الانتخابات السابقة.
ويرى المحلل السياسي فاتح بن حمو، في حديث مع "عربي بوست"، أن تيار الإسلام السياسي كان يُمكن أن يحقق أرقاماً أكبر لو كانت العملية الانتخابية نزيهة مئة بالمئة.
وعن إمكانية تحالف حركة مجتمع السلم وحركة البناء باعتبارهما يمثلان تياراً واحداً وهو تيار الإسلاميين، استبعد بن حمو ذلك قائلاً: "الكل يعلم أن البناء حزب قريب من السلطة، بينما مجتمع السلم حزب معارض ويرفض السير مع السلطة في كل توجهاتها، لذلك لن يكون هناك تحالف بين الحزبين".
تراشق بسبب التزوير!
اتهمت حركة مجتمع السلم وكثير من المرشحين الأحرار السلطةَ المستقلة للانتخابات بعدم قدرتها على حماية أصواتها.
وقالت حركة مجتمع السلم، في بيان لها أمس: "تؤكد حركة مجتمع السلم أنها تصدرت النتائج في أغلب الولايات وفي الجالية، ونوجه وافر التحية والتقدير للمواطنين الذين صوَّتوا على قوائمنا داخل الوطن وخارجه، غير أننا ننبه بأن ثمة محاولات واسعة لتغيير النتائج وفق السلوكيات السابقة، ستكون عواقبها سيئة على البلاد ومستقبل العملية السياسية والانتخابية".
وأضاف المصدر ذاته: "ندعو رئيس الجمهورية إلى حماية الإرادة الشعبية المعبَّر عنها فعلياً، وفق ما وعد به".
وردَّت السلطة المستقلة بعدها بساعات، على الحركة، في بيان شديد اللهجة دون تسميتها، إذ قالت إن هناك من يحاول خلق الفوضى بادِّعائه الفوز والتشكيك في نزاهة السلطة.
تراجع نسوي
أبانت النتائج الأولية للتشريعيات بالجزائر عن تراجع رهيب في عدد مقاعد النساء، بحيث لم تتجاوز حصتهن 20 مقعداً من أصل 407 مقاعد، أغلبها موزعة بين حزب جبهة التحرير الوطني وحركة مجتمع السلم.
وترشّحت للانتخابات البرلمانية 5743 امرأة ضمن قوائم الأحزاب السياسية والقوائم المستقلة.
وبلغ التمثيل النسوي في الولاية التشريعية قبل الماضية 154 مقعداً، ثم تراجع في الانتخابات التشريعية الماضية، إلى 120 مقعداً.