قالت صحيفة The Washington Post الأمريكية، الإثنين 7 يونيو/حزيران 2021، إن منطقة الشرق الأوسط تتعرض لأقسى موجة حرارة في التاريخ في هذا الوقت من العام، حيث وصلت درجات الحرارة إلى 51.67 درجة مئوية بعد موجة حر قياسية خيمت على المنطقة.
فقد سجل عدد من دول الشرق الأوسط أرقاماً قياسية؛ وسط موجة حر شديدة جعلت سلسلة من تسجيلات درجات الحرارة ترتفع بحوالي 8 درجات أكثر من المعدل الطبيعي بالنسبة للمنطقة الحارة في الأساس، حيث انضمت 5 دول إلى قائمة البلاد التي وصلت درجات الحرارة فيها إلى 50 درجة مئوية أو أكثر.
تأتي هذه الموجة شديدة الحرارة قبل شهر كامل من وصول درجات الحرارة إلى المتوسط السنوي للذروة.
فيما باتت هذه الموجة الحارة هي الوضع الشائع على نحو متزايد في بيئة تشكلت عن طريق الآثار المستمرة للتغير المناخي المتسبب فيه البشر؛ إذ إن الشرق الأوسط يعدّ إحدى المناطق الأسخن في العالم، مع وصول درجات الحرارة فيه إلى أكثر من 37 درجة مئوية واعتياد انتشار الجفاف.
كانت درجات الحرارة قد ارتفعت، يوم السبت 5 يونيو/حزيران الجاري، لتصل إلى 51 درجة مئوية في مدينة سويحان، وهي مدينة صغيرة تقع على بعد حوالي 50 ميلاً شرق أبوظبي في الإمارات. ووصلت درجات الحرارة في مدينة العميدية جنوب غرب إيران، هي الأخرى إلى 51 درجة مئوية. بينما وصلت درجات الحرارة في مدينة الجهراء الكويتية إلى 50.89 درجة مئوية.
أما ولاية السنينة، وهي منطقة صحراوية داخلية شمال عمان، فقد سجل ارتفاع درجات الحرارة فيها 50.1 درجة مئوية. وسُجلت نفس درجة الحرارة في مدينة سيبي وسط باكستان.
تداعيات كارثية
يذكر أن ارتفاع درجات الحرارة إلى 48.9 درجة مئوية أو أكثر، يمكن أن يؤدي إلى انصهار أقلام التلوين واعوجاج السكك الحديدية، وتليين الأسفلت، ومدّ مسافة إقلاع الطائرات. إذ إن ارتفاع درجات الحرارة يعدّ أكثر أنواع الطقس فتكاً، وتتجاوز أعداد ضحاياه أعداد الضحايا نتيجة أي كوارث مناخية أخرى ذات أسماء رنانة، مثل الأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات.
في أعقاب هذه الموجة الشديدة، ارتفعت درجات الحرارة أكثر من ذلك بقليل لتصل إلى 51.78 درجة مئوية في مدينة سويحان الإماراتية.
من جانبه، ذكر إتيان كابيكيان، خبير الأرصاد الجوية في هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية MeteoFrance، أن هذا الارتفاع يتجاوز أعلى درجات حرارة مسجلة هناك، التي وصلت إلى 51.28 درجة مئوية في 2 يوليو/تموز 2017، لتصبح آنذاك أعلى درجة حرارة مسجلة شهرياً وأعلى درجة حرارة على الإطلاق.
كابيكيان لفت إلى أن شهر يونيو/حزيران الحالي يعدّ أسخن شهر مُسجل في الإمارات، ويحطم الرقم القياسي.
أقسى موجة حر في التاريخ
بدوره، غرّد المؤرخ المناخي ماكس هيريرا، قائلاً إن "الشرق الأوسط ووسط آسيا يواجهان أقسى موجة حر في التاريخ في هذا الوقت من العام"، موضحاً أن قراءات درجات الحرارة كانت مدهشة أيضاً في الأماكن المرتفعة.
كانت درجة الحرارة في مدينة بم الإيرانية، التي ترتفع عن سطح البحر بحوالي 3018 قدماً، قد وصلت إلى 45.5 درجة مئوية. أما مدينة اتشادزهي في تركمانستان، وهي بلد يقع على حدود بحر قزوين، فقد وصلت درجات الحرارة فيها إلى 46.7 درجة مئوية. فيما وصلت درجات الحرارة في مدينة ترمذ بأوزبكستان إلى 44.7 درجة مئوية، وسجلت مدينة إسامباج في طاجستان 43.7 درجة مئوية على ارتفاع 1847 قدماً عن سطح البحر.
كذلك، سجلت مدينة مكة السعودية، في 2 من يونيو/حزيران 2021، ثاني اعلى مدينة بالعالم في درجة الحرارة.
في حين سجل بالون الطقس المسائي ليوم الإثنين 7 يونيو/حزيران الجاري، الذي انطلق من مطار أبوظبي الدولي، درجات حرارة تجاوزت 32.2 درجة مئوية في كل الأجواء وصولاً إلى ارتفاع 5000 قدم فوق الأرض.
تحذير العلماء
جدير بالذكر أن تقريراً للأمم المتحدة أشار، الأربعاء 27 مايو/أيار 2021، إلى وجود احتمال بنسبة 40% لأن تزيد درجات حرارة العالم مؤقتاً خلال السنوات الخمس المقبلة بواقع 1.5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل عصر الصناعة، مؤكداً أن هذا الاحتمال يتزايد.
في هذا الصدد، حذر العلماء من تخطي حاجز 1.5 درجة الذي حدده اتفاق باريس للمناخ، كي لا يتسبب في آثار مناخية كارثية.
لكن بيتري تالاس الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة أشار إلى أن هذا يؤكد "أننا نقترب بقوة وسرعة" من ذلك الحاجز. ووصف الدراسة بأنها "جرس تنبيه آخر" يحث على الحد من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.
كما يشير التقرير الأممي إلى أن كل عام في الفترة من 2021 إلى 2025 سيشهد على الأرجح ارتفاعاً في درجات الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة على الأقل، موضحاً أن هناك احتمالاً بنسبة 90% لأن تصبح سنة واحدة من تلك السنين هي أشد السنوات حرارة على الإطلاق متجاوزة درجات 2016.
يشار إلى أنه في عام 2020، الذي كان واحداً من أحر الأعوام على الإطلاق، ارتفعت درجات الحرارة 1.2 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل عصر الصناعة، وفقاً لتقرير أصدرته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.