قال تلالنغ موفوكينغ، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الصحة، إن المئات من العاملين بمجال الرعاية الصحية الذين يعالجون مرضى "كوفيد-19"، تعرضوا لهجمات لفظية وجسدية وأحياناً تهديدات لأرواحهم أثناء الوباء، في جميع أنحاء العالم، وهو الأمر الذي يستدعي اتخاذ إجراءات فورية، حسب المتحدث نفسه.
وفق تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 7 يونيو/حزيران 2021، فإن المسؤول نفسه شدد على أنه من المتوقع أن تزداد الهجمات المرتبطة بفيروس "كوفيد-19" على العاملين في مجال الرعاية الصحية، مع إثارة السلالات الجديدة من الفيروس الفوضى بدول مثل الهند، وتأخُّر إطلاق برامج التطعيم في بعض البلدان.
ضغط رهيب على الأطر الطبية
موفوكينغ قال في المناسبة نفسها، إن هذه "الهجمات سترتفع مع الضغط الإضافي الذي يفرضه كوفيد-19. وهذا هو الجزء المحزن. هناك بالفعل نقص في العاملين الصحيين، ومات كثير منهم".
كما أضاف: "علاوة على ذلك، نعلم أنَّ دول العالم المتقدم تكدس اللقاحات، وأنَّ شركات الأدوية لا تريد مشاركة ملكيتها الفكرية. لقد أنشأنا حالة مصطنعة تنتظرنا فيها ندرة أكبر. وستنتشر هذه الندرة إلى الدول الفقيرة وتضيف مزيداً من الضغط على الرعاية الصحية".
وفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، سُجِّلت 848 حادثة عنف مرتبطة بـ"كوفيد-19″ من فبراير/شباط إلى ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي.
من المحتمل أن يكون هذا الرقم "غيضاً من فيض" وجزءاً من "ظاهرة أكثر انتشاراً"، حسب قول ماسيج بولكوفسكي، رئيس مشروع "الرعاية الصحية في خطر" باللجنة الدولية للصليب الأحمر، إذ لا يُبلَّغ عن العديد من مثل هذه الحوادث.
يبصقون على وجوههم!
في السياق نفسه، أظهر تحليل اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنَّ الغالبية العظمى من الحوادث كانت عنفاً شخصياً؛ إذ هاجمت جماعات محلية أو مرضى أو أقاربهم، العاملين بمجال الرعاية الصحية، مع عواقب وخيمة في بعض الأحيان.
أعطى بولكوفسكي مثالاً لمريض يعاني من أعراض "كوفيد-19" في نابولي بإيطاليا، والذي غضِب بعدما طُلِب منه الانتظار، وبصق على طبيب وممرضة!
نتيجة لذلك، أُغلِق جناح المستشفى بأكمله وأُرسِل الموظفان إلى الحجر الصحي.
وفي المملكة المتحدة، تعرَّض أحد العاملين بهيئة الخدمات الصحية الوطنية للبصق، ووجَّه مرضى إساءات لفظية إلى أفراد الأطقم الطبية بعدما طلبوا منهم ارتداء أقنعة داخل المستشفى، وأبلغت أقسام الجراحات العامة عن تعرُّض العاملين بها لإساءة معاملة وعدوانية غير مسبوقة من مرضى.
مسؤولية الحكومات
ألقى بولكوفسكي باللوم على الحكومات للسماح بانتشار المعلومات المضللة، وقال: "كثير من المخاوف تأتي من حقيقة أنَّ الحكومات لم تتواصل بوضوح مع مواطنيها بشأن هذه القضية. لقد قللوا من مدى جدية المشكلة، وأعطوا الأولوية للاقتصاد على صحة السكان؛ لذا فإنَّ هذا العنف هو أحد تداعياتها".
وفقاً لبولكوفسكي، فإنَّ قوات الدولة مسؤولة أيضاً عن نحو 20% من الهجمات المرتبطة بـ"كوفيد-19″. وفي ميانمار، احتُجِزت فرق طبية في طريقها لعلاج مرضى "كوفيد-19" الذين يعانون من ضائقة تنفسية؛ مما أدى إلى وفاة المرضى دون داعٍ، وفقاً لما ذكره طبيب في البلاد لم يُكشَف عن اسمه لأسباب أمنية.
في نيكاراغوا، استهانت الحكومة مراراً وتكراراً بحجم الوباء في البلاد، وفقاً لمنظمة العفو الدولية. وفُصِل العاملون بمجال الصحة من عملهم؛ لاستخدامهم معدات الحماية الشخصية في العمل، كما جُرِّدوا منها بعنف.
ورداً على تصاعد الهجمات المرتبطة بـ"كوفيد-19″، تحركت بعض الدول للحد من ذلك. عدَّلت الهند قانون الطوارئ الخاص بالوباء؛ لتشديد عقوبة الهجمات على العاملين في مجال الرعاية الصحية إلى السجن لمدة تصل إلى 7 سنوات. وفي السودان، أعلنت السلطات عن تشكيل قوة شرطة مُخصَّصة لحماية العاملين بمجال الرعاية الصحية أثناء الوباء. وعدَّلت الجزائر قانون العقوبات؛ لتعزيز حماية العاملين في مجال الرعاية الصحية من الاعتداءات، ومعاقبة الأفراد الذين يضرون بالمرافق الصحية.
وفي المملكة المتحدة، يقترح مشروع قانون الشرطة والجريمة والأحكام والمحاكم زيادة الحد الأقصى للعقوبة من 12 شهراً إلى عامين في السجن، لأي شخص يعتدي على عامل إغاثة. ومن المخطط تزويد المسعفين في إنجلترا بكاميرات على الجسد بعد الارتفاع الحاد في الهجمات.
فيما تُظهِر البيانات أنَّ 3569 موظفاً في سيارة إسعاف تعرضوا للاعتداء الجسدي من أفراد من الجمهور، العام الماضي، بزيادةٍ قدرها 30% عن عام 2016-2017.