كلنا منى الكرد

عربي بوست
تم النشر: 2021/06/06 الساعة 12:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/06 الساعة 12:07 بتوقيت غرينتش
الناشطة الفلسطينية من حي الشيخ جراح، منى الكرد/ مواقع التواصل

منذ بداية الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين، والمرأة الفلسطينية تشكل حالة نضال فريدة خرجت عن المألوف الثوري في كافة البلاد، المرأة الفلسطينية إذ تناضل على طريقتها الخاصة، فليس ببعيد عنّا الحالة الثورية النسوية التي تمثلت بدلال المغربي، وما سبقها من فلسطينيات كابدن مرارة القهر في ظل الاحتلال وشكلن حالة صمود بأثمانٍ كبيرة، ومقاومتهن بالمال والسلاح والفكر الثوري وإنجاب الأبطال.

من أفعال المقاومة كلها في صفوف الثورة حتى كونهن مفكرات وأديبات، فظهرت حالة شعبية قريبة من الناس وأنماطهم في الحديث عن الاحتلال، الشابة المقدسية مُنى الكرد، والتي يعرفها كل متابع للقضية الفلسطينية تحديداً الأحداث الأخيرة، وكيف نشطت هذه الشابة في عكس الواقع المقدسي خاصة في الشيخ جراح، ونقله إلى العالم كله، وهي ابنة هذا الحيّ المهدد بالاستيطان والسرقة مجدداً، فكانت بعدستها البسيطة وكلامها عن مجريات ما يحدث في الحيّ خلال سيطرة المستوطنين على البيوت الفلسطينية فيه، توصل الصوت الفلسطيني عالياً، ونجحت أولاً في شحذ الهمم الفلسطينية، ودعوة الشباب المقدسي للنفير إلى الحيّ، ونجحت في نقل القضية إلى الأقطار العربية التي كادت أن يخفت فيها صوت القضية تزامناً مع التطبيع، ثم نجحت أخيراً في جعل القضية عالمية، يتزامن معها نجوم الشاشات والمشاهير في العالم كله.

هذا الحال كالعادة يغيظ الاحتلال الذي يخشى دوماً من فضح صورته الهمجية الوحشية البشعة أمام العالم الذي يتعاطف إلى حدّ ما مع الاحتلال، فعمل على اعتقال منى الكرد من منزلها في الشيخ جراح بالقدس المحتلة، وإخضاعها للتحقيق.

منى وللذي تابعها كثيراً يعلم عنفوان شخصيتها في الدفاع عن منازل عشرات الفلسطينيين، لا أعتقد أن الاحتلال سيجدي نفعاً من اعتقالها، إنما هو يجرّ وبالاً كبيراً على نفسه، فالفتيات الفلسطينيات أصبحن يشاهدن نموذجاً يحتذى به للفتاة الفلسطينية القادرة على تدويل قضية محلية وجعلها محطّ أنظار العالم من خلال كلامها عن الواقع المُعاش في الشيخ جراح فقط، بالتالي أصبح للإنسان قدرة على التأثير محلياً ودولياً من خلال جهوده عبر السوشيال ميديا.

ما ميّز منى هذه الفترة هو قربها من الواقع الشعبي، وحديثها غير المنمق أو المجمّل أو حتى عدم خوفها من الحديث عن وسائل الاحتلال الصهيوني في تغيير الواقع الفلسطيني وسلبه، فالشعب الفلسطيني لم يعد يقتنع باللباس الرسمي لشخصيات تخشى حتى الحديث عن الآلام الفلسطينية، إنما يقتنع بمَن هو منه ومثله ومعه وينطق بلسانه ويعبر عنه، فكان لمنى الكرد كل التضامن معها في اعتقالها. خصوصا وأن شقيقها محمد الذي طلبته قوات الاحتلال للتحقيق حين لم تجده في المنزل، اضطر إلى تسليم نفسه، وأصبح الشقيقان التوأمين رهن الاعتقال.

أعتقد أن استمرار اعتقال منى لن يسكت الصوت المقدسي في الشيخ جراح، إنما سيزيد من حجم التفاعل مع القضية العادلة. والاحتلال كالعادة يعتقد أن الفلسطيني سيصمت، ولكنه يتفاجأ من أفعال الفلسطيني التي يعبر فيه عن حقه ويطالب به أشدّ مطالبه، كلنا منى الكرد حتى تتحرر من أسرها وحتى تتحرر بلادنا، كلنا الشيخ جراح حتى يسقط الاستيطان والاستعمار عن كل أرضنا، ويعود كل اللاجئين إلى أرضهم منعمين بحريته بلادهم وعودة حقهم.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رولا حسنين
صحفية ومدوّنة ومُعلمة فلسطينية
حاصلة على درجة البكالوريس في الإعلام والعلوم السياسية ودرجة الماجستير في الدراسات العربية المعاصرة من جامعة بيرزيت- فلسطين
تحميل المزيد