بدأ لبنان بالإفراج جزئياً عن أموال المودعين في بنوك البلاد، وأعلن المصرف المركزي إلزام البنوك العاملة في السوق المحلية، بسداد مبلغ 400 دولار شهرياً من حسابات المودعين الأجنبية، وذلك وسط أزمة اقتصادية حادة تعيشها البلاد أسفرت عن احتجاجات كبيرة.
جاء ذلك، في بيان صدر عن حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، الجمعة 4 مايو/أيار 2021، عقب ترؤسه اجتماعاً استثنائياً للمجلس المركزي للمصرف.
بحسب البيان، "يلزم قرار المصرف البنوك بتسديد 400 دولار شهرياً لأصحاب الحسابات بالعملات الأجنبية، وما يوازيها بالليرة اللبنانية على سعر صرف المنصة (12 ألف ليرة مقابل الدولار)، اعتباراً من 1 يوليو/تموز المقبل".
يأتي هذا القرار بعدما كانت المصارف اللبنانية قد جمَّدت منذ أواخر 2019، وصول العملاء إلى ودائعهم بالعملات الأجنبية، كما فرضت قيوداً على السحوبات بالليرة اللبنانية.
في موازاة تنفيذ القرار، قال المصرف إنه خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي بالعملات الأجنبية من 15% إلى 14%، اعتباراً من الشهر المقبل.
والاحتياطي الإلزامي مبلغ متغير من حيث القيمة، وتشكل نسبته 15% من إجمالي النقد الأجنبي لدى المصارف، يحفظ لدى المركزي، ويستخدم في حالات الطوارئ.
كذلك أشار المصرف إلى أن المبالغ التي ستسددها البنوك في أول عام، تتراوح بين مليار ومليار و200 ألف دولار، "وستتمكن المصارف من سحب نفس المبالغ من مصرف لبنان مقابل توظيفاتها الإلزامية".
بذلك فإنه خلال العام الأول من تنفيذ القرار، "سيتم تسديد كامل أرصدة حسابات 800 ألف عميل، أي ما يقارب 70% من عدد حسابات المودعين".
كانت جمعية المصارف اللبنانية دعت حاكم المصرف المركزي الخميس الماضي، إلى خفض معدل الاحتياطي الإلزامي، مشيرة إلى عدم قدرتها على توفير أية مبالغ نقدية بالعملة الأجنبية.
يأتي ذلك بينما يعاني لبنان منذ أكثر من عام أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، ما أدى إلى انهيار مالي غير مسبوق في تاريخ البلد العربي، خاصة مع تداعيات جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت أغسطس/آب 2020.
في هذا السياق، نبّه البنك الدولي بداية يونيو/حزيران الجاري، إلى أن أزمة لبنان الاقتصادية والمالية تُصنّف من بين أشدّ عشر أزمات، وربما من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر، منتقداً التقاعس الرسمي عن تنفيذ أي سياسة إنقاذية وسط شلل سياسي.
تسببت الأزمات الاقتصادية المتعاقبة في خسارة عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم خلال أقل من عامين، كما تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار تدريجياً، إلى أن فقدت أكثر من 85% من قيمتها، وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، وارتفع معدل البطالة.
كانت المصاعب الاقتصادية قد تفاقمت جراء انفجار مرفأ بيروت، الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 180 شخصاً ودمر قطاعات واسعة من المدينة، فضلاً عن تفشي كوفيد-19، وأشعلت هذه الأوضاع احتجاجات كبيرة في البلاد.
كذلك فإن الأزمات الاقتصادية تفاقمت أيضاً مع غياب توافق سياسي بين الأحزاب اللبنانية لتشكيل حكومة جديدة.
يُذكر أن لبنان بدأ محادثات مع صندوق النقد الدولي، في مايو/أيار، لكنها تعثرت في غياب الإصلاح، ووسط خلاف بين الحكومة والقطاع المصرفي والسياسيين بشأن حجم الخسائر المالية الضخمة.