صوَّت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الخميس 27 مايو/أيار 2021، لصالح فتح تحقيق دولي في الجرائم التي ارتُكبت خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي استمر 11 يوماً، وأسفر عن استشهاد مئات المدنيين، أغلبهم من الأطفال والنساء، بعد أن تم قصف منازلهم، وهو القرار الذي رفضته تل أبيب وتعارضه أمريكا.
وشنت إسرائيل، في 10 مايو/أيار الجاري، عدواناً على قطاع غزة، أسفر عن استشهاد 254 فلسطينياً، بينهم 66 طفلاً و39 سيدة، وإصابة المئات، في حين ردَّت فصائل المقاومة الفلسطينية بإطلاق صواريخ على مدن ومستوطنات إسرائيلية، قُتل على أثرها 13 شخصاً.
وفجر الجمعة الماضية، بدأ سريان وقف إطلاق نار بين فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة وإسرائيل، بوساطة مصرية، بعد 11 يوماً من العدوان على القطاع.
إجماع أممي وإسرائيل ترفض التعاون
فقد تبنى المجلس، المؤلف من 47 دولة عضوة، مشروع القرار الذي قدَّمته منظمة التعاون الإسلامي والوفد الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، بموافقة 24 صوتاً واعتراض تسعة وامتناع 14 عن التصويت.
نزهة شميم خان، سفيرة فيجي لدى المجلس، والتي تتولى رئاسة المجلس حالياً، قالت بعد جلسة خاصة استمرت طوال اليوم: "تم تبني مشروع القرار".
وقد رحبت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بقرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ووصف المتحدث باسمها رد فعل الحركة ضد إسرائيل بالمقاومة المشروعة.
إسرائيل غاضبة وأمريكا مستاءة
في أول رد لها على القرار، قالت وزارة الخارجية بإسرائيل، إنها "ترفض قرار مجلس حقوق الإنسان، ولن تتعاون مع التحقيق".
كما زعمت أن "قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (فشل أخلاقي)، والتحقيق يهدف إلى (التغطية) على جرائم حماس".
من جهتها، عبَّرت أمريكا عن "الأسف الشديد" لقرار مجلس حقوق الإنسان.
إذ قال بيان صادر عن البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة في جنيف: "تحرُّك اليوم يهدد بدلاً من ذلك، بعرقلة التقدم الحالي الذي تحقَّق".
يُذكر أن الولايات المتحدة لها وضع مراقبٍ في المجلس دون حق التصويت، ولم تتحدث بعثتها خلال الجلسة الخاصة التي استمرت طوال اليوم، وتبنَّت القرار الذي قدَّمته منظمة التعاون الإسلامي ووفد فلسطين للأمم المتحدة.
قلق من تهجير أهالي الشيخ جرّاح
في السياق نفسه، حذّر المنسق الأممي الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، الخميس، من أن الفلسطينيين في حيَّي "الشيخ جراح" و"سلوان" يواجهون خطر التهجير مع بدء قضايا الإخلاء المعلَّقة أمام المحاكم الإسرائيلية، معتبراً أن الأمر "لا يزال مصدر قلق كبير".
وينسلاند قال بالجلسة الدورية لمجلس الأمن الدولي، والمنعقدة في نيويورك، حول الحالة بالشرق الأوسط، إن "غياب الأفق السياسي بعد عقود من الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل، هو الذي يقتل الأمل ويخلق مساحة لأولئك غير المهتمين بالسلام المستدام".
كما حذَّر المسؤول الأممي مما سماه "الافتقار إلى الضوء في نهاية النفق" بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وأضاف: "فقط من خلال المفاوضات التي تُنهي الاحتلال الإسرائيلي وتحقق حل الدولتين القابل للحياة، على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقيات المتبادلة مع القدس عاصمة لفلسطين وإسرائيل، يمكننا أن نأمل وضع حد نهائي للعنف المكلف الذي لا معنى له".
جميع النشاطات الاستيطانية غير قانونية
المتحدث نفسه اعتبر أن "عمليات الإخلاء المحتملة في القدس الشرقية المحتلة لا تزال مصدر قلق كبير، إذ يواجه الفلسطينيون في حيَّي الشيخ جراح وسلوان خطر التهجير مع بدء قضايا الإخلاء، من جانب منظمات المستوطنين، المعلقة حالياً أمام المحاكم الإسرائيلية".
كما أكد أن "جميع النشاطات الاستيطانية غير قانونية بموجب القانون الدولي، ويتعين على إسرائيل وقف عمليات الهدم والاستيلاء على الممتلكات الفلسطينية، بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، والسماح للفلسطينيين في المنطقة (ج) والقدس الشرقية بتطوير مجتمعاتهم".
يُذكر أن إسرائيل تسيطر أمنياً وإدارياً على المناطق المصنفة "ج"، بحسب اتفاق أوسلو الموقع مع الجانب الفلسطيني عام 1995، والمقدرة بنحو 60% من مساحة الضفة الغربية، وتمنع أي تغيير فيها، وضمن ذلك البناء.
ويأتي عقد المحكمة الإسرائيلية إثر موجة عنف شهدتها الأراضي الفلسطينية، تفجرت في 13 أبريل/نيسان الماضي، من جرّاء اعتداءات "وحشية" ترتكبها شرطة إسرائيل ومستوطنوها بالمسجد الأقصى وحي "الشيخ جرّاح" بالقدس؛ في محاولة لإخلاء 12 منزلاً فلسطينياً وتسليمها لمستوطنين.