فتحت مراكز الاقتراع أبوابها، الأربعاء 26 مايو/أيار 2021، في مناطق سيطرة النظام السوري في انتخابات رئاسية من المتوقع أن تمنح رئيس النظام بشار الأسد فترة ولاية رابعة، وهي الانتخابات الثانية منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عقد من الزمن.
النظام السوري يزعم أن الانتخابات تظهر أن سوريا تعمل بشكل طبيعي رغم الحرب التي استمرت عقداً من الزمان، فيما تعتبرها دول غربية مسرحية لإحكام قبضة الأسد على السلطة.
الأسد (55 عاماً) اتّخذ من عبارة "الأمل بالعمل" شعاراً لحملته الانتخابية، في محاولة لتسليط الضوء على دوره المقبل في مرحلة إعادة الإعمار، بعد عقدين أمضاهما في سدّة الرئاسة.
وإلى جانبه، يخوض مرشّحان السباق الرئاسي هما الوزير دولة النظام السابق عبدالله سلوم عبدالله (2016-2020) وكان نائباً لمرتين، والمحامي محمود مرعي، من معارضة الداخل المقبولة من النظام، وسبق أن شارك بين ممثليها في إحدى جولات المفاوضات برعاية الأمم المتحدة في جنيف، والتي اتسمت بالفشل.
وخلال مؤتمر صحفي سبق الانتخابات، قال وزير داخلية النظام محمّد خالد رحمون إن عدد مَن يحق له الانتخاب في كامل سوريا وخارجها يتخطى 18 مليون شخص.
انتقادات دولية لـ "مسرحية" الأسد
إلا أن الانتخابات ستجري الأربعاء في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام والمقدرة بأقل من ثلثي مساحة البلاد، فيما يقطن فيها حوالي 11 مليون شخص، ويبلغ عدد المراكز الانتخابية، وفق داخلية النظام، أكثر من 12 ألفاً، ويحق للناخب أن يُدلي بصوته في أي مركز، على اعتبار أن "سوريا دائرة انتخابية واحدة"، فيما ستغيب الانتخابات عن مناطق المعارضة.
مجلس سوريا الديمقراطية، الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية في مناطق سيطرة الأكراد، قال إنه "غير معني" بالانتخابات، فيما وصف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ومقره إسطنبول الانتخابات بـ"المسرحية".
وفي أوروبا انتقد وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة في بيان يوم الثلاثاء، الأسد، مؤكدين أن الانتخابات لن تكون حرة أو نزيهة.
فيما أكدت الأمم المتحدة، في وقت سابق، أن انتخابات الرئاسة "ليست جزءاً من العملية السياسية التي تم اعتمادها بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254″، الذي يدعو لإجراء الانتخابات بإشراف أممي.
جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحفي عقده بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك، إذ قال: "نحن على دراية بإجراء الانتخابات التي لا تعد جزءاً من العملية السياسية التي تم اعتمادها بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254 والأمم المتحدة غير منخرطة فيها، ولا يوجد تفويض لنا بذلك".
كما منعت كل من ألمانيا وتركيا الاقتراع للانتخابات الرئاسية على أراضيها، ونشرت السفارة السورية في ألمانيا عبر موقعها الإلكتروني بياناً ذكرت فيه أن السوريين في ألمانيا لن يتمكنوا من المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، عازية السبب إلى معارضة ألمانيا لهذا الأمر.
احتجاجات ضد الانتخابات السورية
ويأتي هذا في وقت شهدت فيه محافظة درعا، جنوبي سوريا، احتجاجات ضد الانتخابات الرئاسية، وتزامنت الاحتجاجات مع دعوات لناشطين من أبناء المحافظة للإضراب عن العمل الأربعاء، للتعبير عن رفض الانتخابات على اعتبار أنها "انتخابات صورية".
وأفادت مصادر محلية بأن مدينة درعا وبلدة طفس شهدت مظاهرات ضد الانتخابات رفعت خلالها أعلام الثورة السورية، ودعت إلى مقاطعتها، منددة برئيس النظام، بشار الأسد، حيث وصفته بالقاتل.
ولفتت المصادر إلى الناشطين دعوا إلى توسيع نطاق المظاهرات والإضراب اليوم لتشمل كافة المحافظات، حيث من المتوقع أن تشهد المظاهرات إقبالاً كبيراً.
وتشهد درعا توترا بين النظام والمعارضين السابقين، وذلك منذ التوصل إلى اتفاق تهدئة في المحافظة برعاية روسية، حيث سقط قتلى وجرحى من الجانبين، ومن المدنيين في اشتباكات اندلعت بين الطرفين.
الأزمة السورية
وتأتي هذه الانتخابات في وقت تشهد فيه سوريا أزمة اقتصادية خانقة خلّفتها سنوات الحرب، وفاقمتها العقوبات الغربية على النظام فضلاً عن الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور، حيث يودع رجال أعمال سوريون كثر أموالهم.
فيما شهدت الليرة تدهوراً غير مسبوق في سعر صرفها في مقابل الدولار.
ويعمل الأسد ومن خلفه حلفاؤه، وفق محللين، على جذب "مانحين محتملين" لتمويل عملية إعادة الإعمار.
وفي 2014، حين كانت الحرب في أوجها، فاز الأسد بـ 88 في المئة من الأصوات في انتخابات وصفتها دول غربية ومعارضون بأنها "فاقدة للمصداقية"، وكانت تُعد نظرياً الانتخابات التعددية الأولى في سوريا منذ نصف قرن، تاريخ وصول حزب البعث الى الحكم.
وقد تعاقب على رأس السلطة في سوريا منذ مطلع السبعينات حافظ الاسد ومن بعده نجله بشار عبر استفتاءات شعبية كانت نسبة التأييد فيها تتجاوز 97%.
ويرى دبلوماسي أوروبي متابع للشأن السوري أنّ الأسد حالياً "يراهن على أن يكون الثابت الوحيد في بلد مدمر".