أصدر الرئيس التونسي، قيس سعيّد، الأربعاء 26 مايو/أيار 2021، أول تعليق له حول الوثيقة المسربة التي تحدثت عن مزاعم "انقلاب" تُدبره الرئاسة التونسية ضد الحكومة الحالية، وقال في مقطع مصور تم بثه على صفحة الحكومة الرسمية على فيسبوك، إنهم "ليسوا دعاة انقلاب ولا دعاة خروج عن الشرعية"، بل "دعاة تكامل بين المؤسسات".
جاء ذلك خلال لقاء سعيّد مع رئيس الحكومة هشام المشيشي ووزير الدفاع إبراهيم البرتاجي، في قصر قرطاج الرئاسي، رداً على الوثيقة المذكورة التي نشرها موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، الأحد، وذكر أنها "مسربة من مكتب مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة، ويعود تاريخها إلى 13 مايو/أيار 2021".
دولة واحدة
قيس سعيد قال في الكلمة نفسها: "صحيح هناك وجهات نظر وتصورات ربما مختلفة، ولكن في ظل دولة واحدة لها دبلوماسية واحدة ولها تكامل، بقطع النظر عن الاختلافات في وجهات النظر أو في المقاربات".
كما تابع: "لا بد أن يكون هناك تنسيق كامل بين مؤسسات الدولة".
المتحدث ذاته شدد على أنه "لا يمكن أن تُدار الدولة بشكل منفصل، فالدولة واحدة بمؤسسات مختلفة تعمل في دولة واحدة في إطار القانون".
يُذكر أنه بجانب أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات جائحة كورونا، تعاني تونس أزمة سياسية؛ إذ تسود خلافات بين الرئيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي، بسبب تعديل وزاري أعلنه الأخير في 16 يناير/كانون الثاني الماضي.
فرغم مصادقة البرلمان على التعديل، فإن سعيّد يرفض دعوة الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، معتبراً أن التعديل شابته "خروقات"، وهو ما يرفضه المشيشي.
لا مناورات ولا ظلام
فقد شدد الرئيس التونسي، في الكلمة نفسها، على أنه "لن يدخل في مناورات ضد أي شخص".
كما اعتبر أنه "في الوقت الذي وجب فيه الاهتمام بمشاريع القوانين التي تهم الشعب يتم الالتهاء بالمواضيع الجانبية".
وأضاف: "تونس دولة وليست مجموعة عصابات تعمل في الظلام".
وبخصوص التحالفات والمؤامرات التي وردت في الوثيقة المسربة، ونشرها الموقع البريطاني، يردُّ سعيد قائلاً: "لا وجود لأي تحالفات في الظلام أو سراً، أنا أعمل تحت الأضواء، وتحالفي الوحيد مع الشعب"، على حد قوله.
مطالب بفتح تحقيق
رفعتها، الثلاثاء 25 مايو/أيار، حركة "النهضة" التونسية، وأدانت بشدة، في بيان، ما ورد بالوثيقة المسربة، مشددة على أن "ما زاد من خطورة هذه الوثيقة أنها تتساوق مع خطابات الأطراف المناوئة للمسار الديمقراطي والعاملة على إرباك الوضع العام بالبلاد" (لم تذكرها).
فقد دعت "النهضة" كل المنظمات الوطنية والأحزاب ونشطاء المجتمع المدني وكل الديمقراطيين، إلى "تشكيل جبهة وطنية للدفاع على المسار الديمقراطي والحقوق والحريات".
كما دعت الحركة أيضاً إلى "الوقوف سداً منيعاً أمام كل مخططات الارتداد عن الخيار الديمقراطي وعن المكاسب التي حققتها الثورة في كل المجالات".
الحركة جددت تأكيد "ضرورة انعقاد حوار وطني جامع يتناول الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد ويسعى إلى ترتيب الأولويات الوطنية والتوافق حولها، ويحفظ للبلاد مقدراتها وأمنها واستقرارها".
تسريب خطير
الأحد 23 مايو/أيار الماضي، نشر الموقع البريطاني وثيقة قال إنها "مسربة من مكتب مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة، يعود تاريخها إلى 13 مايو/أيار 2021، تتحدث عن تدبير انقلاب في تونس".
وفق الوثيقة "حث خبراء، الرئيس قيس سعيّد على تفعيل الفصل (المادة) 80 من الدستور، وإعلان الحالة الاستثنائية كأداة لتركيز جميع السلطات بيد رئيس الجمهورية".
بموجب الخطة، التي سُرِّبَت من مكتب عكاشة الخاص، يدعو الرئيس إلى اجتماعٍ عاجل لمجلس الأمن القومي في قصره بقرطاج، تحت ستار الجائحة والوضع الأمني والحالة المالية العامة للبلاد.
سيعلن سعيّد بعد ذلك "ديكتاتورية دستورية"، يقول عنها كاتبو الوثيقة إنها ستكون أداةً "لتركيز كل السلطات في يد رئيس الجمهورية".
كما وصفت الوثيقة الوضع بأنه "حالة طوارئ وطنية"، تنص على ما يلي: "في مثل هذه الحالة يكون دور رئيس الجمهورية أن يجمع كلَّ السلطات في قبضته حتى يصبح مركز السلطة التي تمكِّنه حصرياً من كلِّ السلطات التي تمكِّن حكمه".
بعد ذلك، ينصب سعيّد كميناً للحاضرين- الذين يشملون رئيس الوزراء هشام المشيشي، وراشد الغنوشي، رئيس البرلمان وزعيم حزب النهضة- بإعلان أنه سيفعِّل الفصل الـ80 من الدستور والذي يسمح للرئيس بالاستيلاء على السلطات في حالة الطوارئ الوطنية.
كما تنص الوثيقة على أنه لن يُسمَح للمشيشي والغنوشي بمغادرة القصر، وأن القصر سيُفصَل عنه الإنترنت وجميع الخطوط الخارجية. وفي تلك المرحلة، سيوجِّه الرئيس خطاباً تلفزيونياً إلى الأمة بحضور المشيشي والغنوشي؛ للإعلان عن انقلابه.