قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الأحد 23 مايو/أيار 2021، إن "بعض المسؤولين الإسرائيليين رفيعي المستوى يشعرون بالأسف من قرار تدمير برج الجلاء، مقر وسائل إعلام دولية في قطاع غزة".
حيث نقلت الصحيفة عن 3 مسؤولين إسرائيليين (طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم لحساسية القضية) قولهم إن "بعض الضباط في الجيش الإسرائيلي، قبل تبني قرار تدمير المبنى الذي كان يضم مكاتب وسائل إعلام دولية ومحلية، أعربوا عن معارضتهم لهذه الخطة".
فيما أشار المسؤولون إلى أن "القرار النهائي بخصوص تدمير البرج جاء نظراً لأهمية المعدات الإلكترونية التابعة لحركة حماس التي زعمت إسرائيل وجودها في المبنى".
كما أفادت "نيويورك تايمز" بأن "بعض المسؤولين العسكريين رفيعي المستوى يصفون حالياً ذلك القرار بأنه كان خاطئاً".
"سمعة إسرائيل الدولية"
من جانبه، قال أحد المسؤولين إن "تلك العملية كانت مبررة من الناحية العسكرية، إلا أن الضرر الذي سببته الضربة لسمعة إسرائيل الدولية فاق أي مكاسب عسكرية ناجمة عن تدمير معدات حماس".
يشار إلى أن حركة "حماس" نفت وجود أي أصول لها في البرج الإعلامي، واتهمت إسرائيل بارتكاب "جرائم حرب" بمهاجمة المباني المدنية، بحسب الصحيفة نفسها.
من جهتها، دعت منظمة العفو الدولية قبل أيام إلى التحقيق في القصف الإسرائيلي الذي دمّر "برج الجلاء".
شكوى أمام "الجنائية الدولية"
إلى ذلك، قرر جواد مهدي، مالك برج "الجلاء"، السبت، رفع شكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية، وذلك بعد دعوات لفتح تحقيق في استهداف المبنى الذي دمّرته إسرائيل أمام مرأى وسائل الإعلام العربية والعالمية.
جاء في شكوى مهدي أن الهجوم الذي وقع في 15 مايو/أيار 2021، والذي سوّى البرج بالأرض، كان "جريمة حرب".
تأتي الشكوى بعدما أشارت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودة، الأسبوع الماضي، إلى أن "جرائم" قد تكون ارتُكبت في إطار المواجهات الأخيرة بين إسرائيل والفلسطينيين، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
من جانبه، قال محامي مهدي، جيل دوفير، في بيان، إن "مالك هذا المبنى وهو فلسطيني، وكّل محاميه لرفع شكوى تتعلّق بجريمة حرب للمحكمة الجنائية الدولية"، مشدّداً على أن تل أبيب لم تتمكن من إبراز "أي هدف عسكري للهجوم، نسمع كثيراً أن برج الجلاء قد يكون دُمّر بسبب وجود معدات أو فريق مقاوم مسلّح، هذا أمر ننفيه تماماً بعدما درسنا القضية".
كذلك أشار المحامي إلى أن القانون الدولي ينص على أنه "لا يمكنك الإضرار بممتلكات مدنية إلا إذا كانت تُستخدم لأغراض عسكرية، ولم ينطبق ذلك على هذه الحالة؛ لذا نقول ذلك اليومَ أمام هذه المحكمة وفي هذه الشكوى".
كانت رئيسة التحرير التنفيذية لوكالة أسوشيتد برس، سالي بوزبي، قد طالبت بعد يوم من تدمير برج الجلاء بفتح تحقيق مستقل في قصف إسرائيل برج الجلاء.
تجدر الإشارة إلى أنه في 15 مايو/أيار الجاري، قصفت إسرائيل "برج الجلاء"، الذي يضم نحو 25-30 مؤسسة إعلامية (محلية ودولية)، بينها مقرا "شبكة الجزيرة" ووكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، ما أدى إلى انهيار البرج بالكامل المكون من 13 طابقاً.
وقف إطلاق النار
كان التوتر قد تصاعد في قطاع غزة بشكل كبير، بعد إطلاق إسرائيل عملية عسكرية واسعة ضده في 10 مايو/أيار الجاري، تسببت بمجازر ودمار واسع في منشآت عامة ومنازل مدنية ومؤسسات حكومية وإعلامية، وأراضٍ زراعية، إضافة إلى شوارع وبنى تحتية في غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني، قبل بدء وقف لإطلاق النار.
إلا أنه مع فجر الجمعة 21 مايو/أيار الجاري، بدأ سريان وقف لإطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل بوساطة مصرية ودولية، بعد 11 يوماً من العدوان.
هذا العدوان الإسرائيلي الوحشي على أراضي السلطة الفلسطينية والبلدات العربية بإسرائيل، أسفر عن 279 شهيداً بينهم 69 طفلاً، و40 سيدة، و17 مسناً، فيما أدى إلى أكثر من 8900 إصابة، منها 90 صُنفت على أنها "شديدة الخطورة".
في المقابل، أسفر قصف المقاومة عن تكبيد إسرائيل خسائر بشرية واقتصادية "كبيرة"، وأدى إلى مقتل 13 إسرائيلياً بينهم ضابط، في حين أُصيب أكثر من 800 آخرين بجروح، إضافة إلى تضرر أكثر من 100 مبنى، وتدمير عشرات المركبات، ووقوع أضرار مادية كبيرة، فضلاً عن توقف بعض المطارات لأيام طويلة.
كانت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية كافة قد تفجّرت إثر اعتداءات "وحشية" ترتكبها الشرطة ومستوطنون إسرائيليون، منذ 13 أبريل/نيسان الماضي، في القدس، خاصةً منطقة "باب العامود" والمسجد الأقصى ومحيطه، وحي الشيخ جراح؛ حيث تريد إسرائيل إخلاء 12 منزلاً من عائلات فلسطينية وتسليمها لمستوطنين.
يُذكر أن إسرائيل احتلت القدس الشرقية، حيث يقع المسجد الأقصى، خلال الحرب العربية-الإسرائيلية عام 1967، كما ضمت مدينة القدس بأكملها عام 1980، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.