كشفت وثيقة أن المحكمة الإسبانية العليا استدعت، الأربعاء 19 مايو/أيار 2021، زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، للمثول أمامها في الأول من يونيو/حزيران المقبل، لسماع اتهامات ستوجَّه له في قضية تتعلق بارتكاب جرائم حرب.
يعد هذا الاستدعاء هو الخطوة الأولى نحو محاكمة محتملة لغالي، الذي ذكرت الوثيقة -التي اطلعت عليها وكالة رويترز- أنه يتلقى العلاج في الوقت الراهن في مستشفى بشمال إسبانيا.
الوكالة ذكرت أن غالي امتنع عن التوقيع على الاستدعاء، قائلاً إنه "يتعين عليه الرجوع إلى السفارة الجزائرية أولاً".
وقالت الوثيقة إن جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان وأفراداً في الصحراء الغربية يتهمون غالي وغيره من زعماء جبهة البوليساريو التي تطالب بانفصال الصحراء الغربية، بالإبادة الجماعية، والقتل والإرهاب والتعذيب والتورط في عمليات اختفاء قسري.
من جانبه، قال وزير الدولة المغربي لحقوق الإنسان، المصطفى الرميد، إن بلاده كانت محقة في تخفيف القيود على الحدود مع جيب سبتة الإسباني، في ضوء قرار مدريد استقبال زعيم جبهة البوليساريو بأحد مستشفياتها.
كان قد دخل نحو 8 آلاف مهاجر من المغرب إلى سبتة، يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، سباحة أو بتسلق الأسوار، ونشرت إسبانيا قوات هناك لمراقبة الحدود.
يقول مسؤولون إسبان محليون إن السلطات المغربية تعاملت بسلبية وأظهرت لقطات مصورة واحداً على الأقل من جنود حرس الحدود المغاربة وهو يشير للمهاجرين لعبور بوابة.
الوزير الرميد قال إن المغرب من حقه "أن يمد رجله" بعد قرار استقبال غالي بمستشفى في إسبانيا، وكتب على فيسبوك يقول: "ماذا كانت تنتظر إسبانيا من المغرب، وهو يرى أن جارته تؤوي مسؤولاً عن جماعة تحمل السلاح ضد المملكة؟".
أضاف الرميد: "يبدو واضحاً أن إسبانيا فضلت علاقتها بجماعة البوليساريو وحاضنتها الجزائر على حساب علاقتها بالمغرب (…) المغرب الذي ضحى كثيراً من أجل حسن الجوار، الذي ينبغي أن يكون محل عناية كلتا الدولتين الجارتين، وحرصهما الشديد على الرقي به".
الوزير أردف: "أما وإن إسبانيا لم تفعل، فقد كان من حق المغرب أن يمد رجله، لتعرف إسبانيا حجم معاناة المغرب من أجل حسن الجوار، وثمن ذلك، وتعرف أيضا أن ثمن الاستهانة بالمغرب غالٍ جداً، فتراجع نفسها وسياستها وعلاقاتها، وتحسب لجارها المغرب ما ينبغي أن يحسب له، وتحترم حقوقه عليها، كما يرعى حقوقها عليه".
وبحلول صباح اليوم الأربعاء تحوَّل فيض البشر العائمين حول السياج الحدودي إلى قطرات متناثرة وتدخلت قوات الأمن على جانبي الحدود لمنع آخرين من العبور.
كانت استضافة إسبانيا غالي للعلاج بجواز سفر جزائري مزور، واسم مستعار، حسبما تقول الرباط، قد أثارت غضب المغرب.
كان تبرير مدريد باستقبال زعيم جبهة البوليساريو أنه كان "قادماً لاعتبارات إنسانية بحتة، ولتلقي العلاج". ولم تذكر إسبانيا أين يعالج غالي ولم تكشف عن طبيعة مرضه.
على إثر ذلك استدعت الرباط السفير الإسباني يوم 25 أبريل/نيسان الماضي، لمطالبته بتفسير وللتعبير عن قلقها إزاء دخول غالى مستشفى في إسبانيا، وأضافت في بيان يوم الثامن من مايو/أيار الجاري أنه "عمل متعمد" ستكون له تداعيات.
خلاف قديم
يشهد إقليم الصحراء منذ عام 1975 نزاعاً بين المغرب وجبهة "البوليساريو"، وذلك بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول إلى مواجهة مسلحة بين الجانبين، توقفت عام 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية الأمم المتحدة.
تقترح الرباط حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيادتها في الصحراء، بينما تدعو جبهة "البوليساريو" إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تؤوي عشرات الآلاف من اللاجئين من الإقليم.
لذلك يمثل ملف الصحراء الغربية إحدى أبرز قضايا الخلاف بين الجزائر والمغرب، البلدين اللذين يغلقان حدودهما المشتركة منذ عام 1994 بسبب الخلافات السياسية.
وفي انتظار التوصل إلى حل، يعيش لاجئون صحراويون في مخيمات قرب مدينة تندوف بالجزائر. ويقدَّر عددهم بما بين 100 ألف و200 ألف شخص، في ظل غياب إحصاء رسمي.
يُشار إلى أن المغرب يسيطر على 80% من مساحة الصحراء الغربية، الممتدة على مساحة 266 ألف كيلومتر مربع، مع شريط ساحلي غني بالسمك على مدى 1000 كيلومتر على المحيط الأطلسي. وتتعامل السلطات المغربية مع المنطقة، الغنية بالفوسفات، مثلما تتعامل مع بقية جهات المملكة.
ودعت الأمم المتحدة طرفَي النزاع إلى الحفاظ على وقف إطلاق النار واستئناف مسار التسوية السياسية، وذلك بعدما توقفت المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة وتشارك فيها أيضاً الجزائر وموريتانيا، منذ ربيع عام 2019.