قال مصدر دبلوماسي إيراني، رفيع المستوي، لـ"عربي بوست"، إن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، سيقوم بزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد عيد الفطر، لبحث المزيد من الملفات في إطار المحادثات الأخيرة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والمملكة العربية السعودية، بجانب دولة الإمارات.
وأضاف المصدر ذاته قائلاً: "ستكون آخر مهام السيد ظريف فى منصب كبير الدبلوماسيين الإيرانيين، هي تهدئة الخلافات بين إيران والدول العربية المجاورة، والعمل على استعادة العلاقات الدبلوماسية خاصة بين إيران والمملكة العربية السعودية".
يقضي السيد جواد ظريف آخر أسابيع له فى منصب وزير الخارجية الإيرانية، قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية فى 18 يونيو/حزيران المقبل، وقد أجرى العديد من الزيارات لدول عربية، كان الموضوع الأهم بها، بحسب المصادر الدبلوماسية الايرانية، التى تحدثت لـ"عربي بوست"، هو تهيئة الأجواء بين طهران والرياض.
أبوظبي ترحب بالتعاون مع طهران
أبدت أبوظبي ترحيباً بالتعاون مع الجانب الإيراني، لحل الصراعات القائمة في المنطقة، وبحسب مصدر دبلوماسي إيراني، فإن أبوظبي، كانت هى الدافعة للرياض، للجلوس على طاولة المفاوضات مع طهران لإنهاء الصراع بين البلدين.
يقول مصدر حكومي إيراني بارز، ومقرب من الرئيس حسن روحاني، لـ"عربي بوست" شريطة عدم ذكر اسمه، لأنه غير مخول له الحديث إلى وسائل الإعلام، "أبوظبي أظهرت تعاوناً كبيراً مع طهران لحل الخلافات في المنطقة، وهي من دعت إلى الاجتماع السعودي-الإيراني على الأراضي العراقية، لكننا ما زلنا نناقش بعض الملفات المشتركة بين البلدين".
شهدت العلاقات بين البلدين (إيران والإمارات)، توترات كبيرة فى الآونة الأخيرة، خاصة بعد الهجوم على ناقلات النفط قبالة السواحل الإماراتية في عام 2019، واتهام الولايات المتحدة لإيران بالوقوف وراء هذا الهجوم، بالرغم من نفي إيران المستمر.
لكن سعت أبوظبي لتهدئة هذه التوترات في نفس العام، وأرسلت وفداً أمنياً إلى طهران لمناقشة أمن مياه الخليج، ووصف المسؤولون الإيرانيون حينها، المحادثات مع الإماراتيين بأنها كانت إيجابية، وفي عام 2020، اجتمع وزير الخارجية الإيرانى جواد ظريف بنظيره الإماراتي في مؤتمر عبر الفيديو، لمناقشة العلاقات بين البلدين.
يقول مصدر دبلوماسي إيراني لـ"عربي بوست": "زيارة السيد ظريف المرتقبة لأبوظبي، ستكون أول خطوة كبيرة على طريق الاتفاق بين إيران ودول الخليج، نتوقع أن تثمر الزيارة عن حل الخلافات فى وجهات النظر بين البلدين، فهناك توجهات جديدة فى المنطقة، وإيران منفتحة على التعاون مع الدول العربية المجاورة".
السعودية وإيران.. مرة أخرى في بغداد
تحدثت مصادر سياسية ودبلوماسية من الجانبين العراقي والإيراني، لـ"عربي بوست"، عن اجتماع آخر يضم طهران والرياض، على الأراضي العراقية، بعد عيد الفطر، أي بعد منتصف شهر مايو/أيار الجاري.
مسؤول في الحكومة العراقية، تحدث لـ"عربي بوست"، قائلاً: "الاجتماع المقبل بين طهران والرياض، سيكون دبلوماسياً، من المتوقع أن يحضره وزراء الخارجية من البلدين".
وفي نفس السياق، مؤكداً على حديث المسؤول العراقي، قال مصدر دبلوماسي إيراني، لـ"عربي بوست": "الاجتماع القادم سيكون بعد عودة السيد ظريف من الإمارات، وسيكون على مستوى دبلوماسي، ومن المتوقع أن تكون إحدى أهم نتائجه، عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين".
كانت قد اجتمعت وفود أمنية من الرياض، وطهران، وأبوظبي، حوالي أربع مرات في بغداد، منذ بداية العام الجاري وحتى شهر أبريل/نيسان المنصرم، لمناقشة أهم الملفات العالقة بينها.
وبحسب مصدر في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، تحدث لـ"عربي بوست"، قائلاً: "تريد إيران من المملكة العربية السعودية، العمل على إيجاد حل سياسي لإنهاء الحرب في اليمن، وتقاسم السلطة، وأن يكون للحوثيين دور في الحكومة الجديدة، وتطلب طهران أيضاً من الرياض، وقف الضغط على إيران فيما يخص الاتفاق النووي، وعدم التطبيع مع إسرائيل".
وبحسب المصدر ذاته، فإن في المقابل طلبت السعودية من إيران، عدم استخدام وكلائها في المنطقة، وخاصة داخل العراق لاستهداف الأراضي السعودية، ووقف هجمات الحوثيين، والعمل سوياً على الملف السوري.
التحرك الإيجابي
إلى الآن لم يتوصل كل من الرياض وطهران، إلى نتائج كبيرة بخصوص الاتفاق فيما بينهما على التهدئة، ولكن هناك بعض المؤشرات الإيجابية، كما وصفها مصدر استخباراتي إيراني لـ"عربي بوست"، قائلاً: "هناك العديد من الاجتماعات بيننا وبين الحوثيين والفصائل العراقية، لمناقشة العديد من الأمور، التي تخص المطالب السعودية، لا يمكنني قول الكثير من التفاصيل، لكن الأمور إيجابية، وتسير بشكل إيجابي إلى الآن".
في نفس الوقت، أكد المسؤول الاستخباراتي الإيراني، أن الطريق ما زال طويلاً، أمام طهران والرياض لحل جميع الأزمات العالقة بين البلدين، فيقول لـ"عربي بوست": "بالرغم من وجود العديد من المؤشرات الإيجابية، وبالرغم من لمسنا رغبة سعودية جادة في حل خلافات الماضي، إلا أن الأمر لن يكون سهلاً أو سريعاً، هناك الكثير من الأمور التي يجب العمل عليها، قبل إقرار أي نتيجة نهائية".
تغيير اللهجة السعودية تجاه إيران
في الأسبوع الماضي، لفت ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أنظار الجميع عندما تحدث عن إيران، ووصفها بأنها دولة مجاورة ولدى الرياض مصالح سعودية في إيران والعكس. كما أكد على انفتاحه على التعاون مع إيران بعد إزالة العديد من العقبات.
كان ملف دعم إيران للحوثيين في اليمن، وهجمات جماعة الحوثي المستمرة ضد الأراضي السعودية، أكثر الملفات التي اهتم بها الوفد السعودي في اجتماعه بالوفد الإيراني في العراق، بحسب المسؤولين الإيرانيين والعراقيين الذين تحدثوا لـ"عربي بوست".
مصدر أمني إيراني، مطلع على سير المناقشات بين البلدين قال لـ"عربي بوست": "قبل حوالي خمس سنوات، كان الأمير محمد بن سلمان يرفض أي تفاوض مع إيران بشأن اليمن، بحجة أن دعم إيران للحوثيين غير شرعي، لكن الآن، كانت الرسائل السعودية ايجابية بخصوص هذا الأمر، جميعها تحدثت عن ضرورة التفاوض مع الجانب الإيراني، لحل أزمة اليمن".
يقول المسؤول الأمني الإيراني، إن الجانب السعودي أبلغ إيران بأن التفاوض الثنائي بينهما سيعود بالنفع على اليمن، في أسرع وقت، "هذا تطور كبير فى المواقف السعودية، كما أن أبوظبي لديها نفس الرؤية".
جواد ظريف يمهِّد الطريق أمام استكمال المفاوضات الإيرانية-السعودية
ضمن زياراته لتمهيد الطريق أمام الاجتماع المقترب بين إيران والسعودية بعد منتصف شهر مايو/أيار، قام وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف بزيارة كل من العراق، وقطر، والكويت، وعمان.
في زيارته إلى العاصمة العراقية بغداد، التقى بالعديد من القيادات الشيعية، يقول مصدر دبلوماسي إيراني، مطلع على هذه الاجتماعات، لـ"عربي بوست": "حرص السيد ظريف على الاجتماع بالقيادات السياسية العراقية، للتأكيد على أهمية ما يحدث فى المنطقة مؤخراً، من محاولات للتهدئة، ورغبة إيران في استكمال هذه المحاولات بنجاح".
التقى ظريف في بغداد، برؤساء الحكومة العراقيين السابقين (حيدر العبادي، نوري المالكي، عادل عبدالمهدي)، بالرغم من وجود الكثير من الخلافات السياسية بين العبادي والمالكي على وجه التحديد، لكنه وبحسب المصدر الدبلوماسي حرص على إيصال الرسالة الإيرانية لجميع الأطراف السياسية العراقية.
يقول سياسي عراقي شيعي بارز، كان حاضراً هذا الاجتماع، لـ"عربي بوست": "كانت رسالة ظريف واضحة، العلاقة بين السعودية وإيران تشهد فصلاً جديداً، كما أنه أكد على دور الرياض الإيجابي في المفاوضات النووية بين إيران والقوى العالمية القائمة حالياً في فيينا".
وبحسب السياسي الشيعي، فإن وزير الخارجية جواد ظريف، أبلغ القيادات السياسية الشيعية في العراق، بتأييد الجمهورية الإسلامية لعلاقات العراق مع الدول العربية، كما أكد ظريف في اجتماعه مع القيادات السياسية العراقية، أن إيران ترحب بدور الوساطة العراقية، وترى أن الأمر سيصب في مصلحة أمن واستقرار العراق.
تحدث مسؤول في السفارة الإيرانية ببغداد، لـ"عربي بوست"، قائلاً: "السيد ظريف رفض مقابلة قادة الفصائل المسلحة العراقية، واكتفى بلقاء القيادات الشيعية في مقر الحشد الشعبي".
وبحسب المصادر العراقية التي تحدثت لـ"عربي بوست"، فقد التقى ظريف بقيادات سياسية كردية، وناقش معهم العديد من الملفات كان أبرزها، استهداف الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران، للقواعد العسكرية التي تضم جنوداً أمريكيين في أربيل.