زحف آلاف المصلين الفلسطينيين من خلال أبواب المسجد الأقصى بهتافات التهليل والتكبير، لأداء صلاة الفجر بعد ليلة ساخنة شهدت مواجهات عنيفة، أعقبت اقتحام الشرطة الإسرائيلية للمسجد.
مقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي، أظهرت سكاناً من القدس، رجالاً ونساءً، وهم يدخلون من خلال باب حِطّة، في الجدار الشمالي للمسجد، وهم يهتفون "الله أكبر" فرحاً بتمكنهم من دخول المسجد من جديد.
كذلك دخل المصلون من "باب الأسباط" أيضاً في الجدار الشمالي للمسجد، إضافة إلى دخول آخرين إلى المسجد القبلي المسقوف، وهم يهتفون "الله أكبر ولله الحمد".
جاء ذلك بعدما أُعيد فتح أبواب المسجد الأقصى جميعاً فجر اليوم السبت، بعد أن كانت الشرطة الإسرائيلية قد أغلقتها منتصف الليل، عقب ليلة عنيفة من المواجهات أعقبت اقتحام الشرطة للمسجد.
الهلال الأحمر الفلسطيني قال إنه سجل 205 إصابات خلال المواجهات التي شهدتها مدينة القدس الليلة الماضية، وأوضح أنه تم نقل 88 إصابة منها للمستشفيات.
وانسحب العشرات من أفراد الشرطة الإسرائيلية من ساحات المسجد بعد منتصف الليل، بعد أن أطلقوا وابلاً من الرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الغاز المسيلة للدموع، في واحدة من أعنف الاقتحامات للمسجد منذ شهور طويلة.
فور انسحاب عناصر الشرطة الإسرائيلية من المسجد عبر باب المغاربة، في الجدار الغربي للمسجد، انهمك المئات من المعتكفين في الصلوات وتلاوة القرآن، وتنظيف ساحات المسجد من آثار ما قال الفلسطينيون إنه "عدوان إسرائيلي على المسجد".
يأتي ذلك بينما ما زال العشرات من المصلين يتلقون العلاج في مستشفى المقاصد بالمدينة، بعد نقلهم إليه إثر المواجهات.
ازداد التوتر بالقدس خلال شهر رمضان، حيث وقعت اشتباكات خلال الليل في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، الذي يواجه فيه العديد من الأسر الفلسطينية احتمال الطرد من ديارهم من قبل المستوطنين الإسرائيليين.
المحكمة العليا الإسرائيلية ستشهد جلسة بشأن قضية حي الشيخ جراح يوم الإثنين المقبل، وذلك في نفس اليوم الذي يوافق "يوم القدس" في إسرائيل، وهو احتفال إسرائيلي سنوي بالسيطرة على القدس الشرقية في حرب عام 1967.
من جانبه، قال روبرت كولفيل المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إن "أوامر عمليات الإجلاء، إذا صدرت وتم تنفيذها، فستنتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي" بشأن القدس الشرقية التي سيطرت عليها واحتلتها في حرب عام 1967.
أضاف كولفيل: "ندعو إسرائيل إلى وقف كل عمليات الإخلاء القسري فوراً بما في ذلك الشيخ جراح، والكف عن أي نشاط يسهم في زيادة المناخ القسري".
تقول مؤسسات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية، إن قرارات الإخلاء بحق المنازل في الحي تأتي ضمن مخطط لتهويد مدينة القدس، بالإضافة إلى هدم البيوت ومصادرة الأراضي وغيرها.
وصلت العائلات إلى الحي بعد نكبة 1948، وأقامت فيه بالاتفاق مع الحكومة الأردنية (حكمت الضفة الغربية بما فيها القدس حتى 1967)، و"وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (أونروا).
منذ عام 1972، يواجه أهالي الشيخ جراح مخططاً إسرائيلياً لتهجيرهم وبناء مستوطنة على أنقاض بيوتهم، بزعم أن الأرض التي بُنيت عليها منازلهم من طرف الحكومة الأردنيّة كانت مؤجرة في السّابق، قبل قيام دولة الاحتلال، لعائلات يهودية.
في السنوات الماضية، أخلى فلسطينيون 3 منازل في الحي، بعد قرارات صدرت عن المحاكم الإسرائيلية، ولكن الإخلاء يهدد الآن نحو 38 عائلة فلسطينية.