دعا السفير المصري في واشنطن، معتز زهران، الجمعة 30 أبريل/نيسان 2021، إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى سرعة التدخل لإنقاذ مفاوضات "سد النهضة" المتعثرة في الفترة الحالية.
زهران اعتبر أن واشنطن هي الوحيدة القادرة على تحقيق اختراق في تلك الأزمة، وحذر في الوقت ذاته مما وصفه بـ"التطرف والإرهاب" ، وكذلك "الاضطرابات"، التي قال إنها ستحدث بالمنطقة، في حال فشلت تلك المفاوضات بصورة نهائية.
جاء ذلك في مقال نشره زهران بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، بعنوان "وحدها واشنطن تستطيع إنقاذ مفاوضات سد النهضة الآن".
مستقبل النيل على المحك
حيث أكد زهران أن إثيوبيا أحبطت عملية الوساطة الأخيرة، التي قادها الاتحاد الإفريقي، لحل أزمة متصاعدة على نهر النيل؛ حيث تقوم أديس أبابا ببناء سد النهضة الضخم، الذي من شأنه أن يعرقل مصدراً رئيسياً للمياه لمصر والسودان، مشدّداً على أن "مستقبل (نهر) النيل، شريان الحياة لملايين المصريين والسودانيين، على المحك"، وفق قوله.
المسؤول المصري أضاف: "يعيش 50% من المصريين حالياً تحت خط الفقر المائي؛ بسبب قلة هطول الأمطار السنوية، وبالتالي فإن ملء وتشغيل السد من جانب واحد، قد تنجم عنهما أضرار اجتماعية واقتصادية وبيئية لا تُحصى في مصر والسودان".
خط السيسي الأحمر
كما قال إنه "مع اقتراب إثيوبيا من تنفيذ الملء الثاني لخزان السد من جانب واحد، وبالتالي تجاوز (الخط الأحمر) الذي حدده الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، باتت هناك حاجة لوساطة الولايات المتحدة، من أجل الوصول إلى حل سلمي؛ لمنع الاضطرابات في المنطقة"، مؤكداً أن إدارة بايدن تدرس حالياً أفضل سياسة لإدارة هذه القضية.
يشار إلى أنه في وقت سابق من الشهر الجاري، عينت الولايات المتحدة الدبلوماسي المخضرم جيفري فيلتمان مبعوثاً خاصاً للقرن الإفريقي، وكلفته بعدة مهام، بينها معالجة الخلاف حول "سد النهضة".
كان الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، قد صرّح في 30 مارس/آذار الماضي، بأن "مياه النيل خط أحمر، ولن نسمح بالمساس بحقوقنا المائية، وأي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل"، وذلك في أقوى لهجة تهديد منذ نشوب الأزمة قبل 10 سنوات.
من جهته، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، الأربعاء 28 أبريل/نيسان الماضي، في جلسة استماع برلمانية، إن إثيوبيا "رفضت وساطات لحل أزمة سد النهضة"، دون تسمية أطراف تلك الوساطات.
بينما قال وزير الدولة بالخارجية الإثيوبية رضوان حسين، خلال إحاطة قدمها لسفراء الدول الآسيوية لدى إثيوبيا، إن مصر "ما زالت مستمرة في طرح مطالباتها غير العقلانية بشأن ملف سد النهضة"، على حد قوله.
السودان ورواندا تبحثان أزمة السد
في سياق متصل، أعلنت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، الجمعة، أنها قدمت شرحاً مفصلاً حول "سد النهضة"، وجهود الخرطوم للتوصل إلى اتفاق مقبول لدى كل الأطراف، إلى الرئيس الرواندي بول كاغامي.
ولفتت المهدي، عقب لقائها كاغامي، بالعاصمة كيجالي، بعدما وصلت إليها مساء الخميس، ضمن جولة إفريقية، تشمل أيضاً كينيا والكونغو الديمقراطية وأوغندا، إلى أن الرئيس بول كاغامي "أبدى تفهماً عميقاً لمواقف السودان، وتعاطفاً واضحاً مع قضيته العادلة بشأن سد النهضة".
أيضاً نوهت المسؤولة نفسها إلى أن "سد النهضة يمكن أن يصبح مدخلاً لتنمية إقليمية وتكامل إقليمي تستفيد منه كل دول حوض النيل الشرقي ومصدراً لرفاهية شعوب المنطقة عبر التوصل لاتفاق قانوني يخاطب مصالح ومخاوف الأطراف الثلاثة".
إضافة إلى ذلك، دعت الوزيرة السودانية القادة الأفارقة والاتحاد الإفريقي إلى الضغط على الجانب الإثيوبي؛ للوصول إلى اتفاق ملزم بين الأطراف الثلاثة، يفتح الطريق أمام التعاون التنموي، مشدّدة على "موقف السودان الثابت المتجدد في قضية السد التزاماً باتفاق إعلان المبادئ (بين أطراف الأزمة في مارس/آذار 2015) وبكل الاتفاقيات".
فيما لم تذكر الوزيرة السودانية تفاصيل أكثر حول جولتها الإفريقية، وفترة استمرارها.
أزمة الوساطة الرباعية
يُذكر أنه في الوقت الذي تطرح فيه مصر والسودان وساطة رباعية تضم الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحادين الأوروبي والإفريقي، ترفض إثيوبيا ذلك وتتمسك بوساطة يقودها الاتحاد الإفريقي منذ أشهر.
فضلاً عن ذلك، تصر أديس أبابا على ملء ثانٍ للسد بالمياه، في يوليو/تموز وأغسطس/آب المقبلين، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق.
لكن مصر والسودان تتمسكان بضرورة التوصل أولاً إلى اتفاق ثلاثي يحافظ على منشآتهما المائية ويضمن استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب و18.5 مليار متر مكعب على التوالي.