أعلن كبير مستشاري الرئيس التركي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية التركية، إبراهيم كالن، الإثنين 26 أبريل/نيسان 2021، أن المحادثات التي ستُجرى بين تركيا ومصر، الأسبوع المقبل، يمكن أن تسفر عن تعاون متجدد بين القوتين الإقليميتين المتباعدتين، وتساعد في الجهود المبذولة لإنهاء الحرب بليبيا.
فقد أوضح كالن، في مقابلة مع وكالة رويترز، أن هناك اتصالات بين رؤساء أجهزة المخابرات ووزيري خارجية البلدين، وأن بعثة دبلوماسية تركية ستزور مصر أوائل مايو/أيار المقبل، لبحث الأمن في ليبيا، وبقاء الجيش التركي هناك، مضيفاً: "بالنظر إلى الحقائق على أرض الواقع، أعتقد أن من مصلحة البلدين والمنطقة تطبيع العلاقات مع مصر".
كما أشار المسؤول ذاته إلى أن "التقارب مع مصر سيساعد بالتأكيد الوضع الأمني في ليبيا، لأننا نعي تماماً أن لمصر حدوداً طويلة مع ليبيا، وقد يشكل ذلك في بعض الأحيان تهديداً أمنياً لمصر"، مشدّداً على أن تحسين العلاقات مع القاهرة قد يعزز جهود السلام في ليبيا.
في هذا الصدد، ستبحث تركيا موضوع الأمن في ليبيا مع مصر ودول أخرى، طبقاً لما أورده كالن، الذي قال: "لدينا اتفاق لا يزال قائماً مع الحكومة الليبية"، منوهاً إلى اتفاق 2019 الذي مهد الطريق لتدخُّل تركي حاسم لدعم حكومة الوفاق الوطني، التي كان معترف بها دولياً في طرابلس.
فيما لفت كالن إلى استمرار تواجد ضباط الجيش التركي في ليبيا.
على صعيد آخر، نوّه المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية التركية إلى أن بلاده ستبحث عن "سبل لإصلاح العلاقات بأجندة أكثر إيجابية مع السعودية أيضاً"، مُعبّراً عن أمله في إنهاء المقاطعة بين الجانبين.
تركيا ترفض تصنيف الإخوان "منظمة إرهابية"
كان وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، قد أعلن الثلاثاء 20 أبريل/نيسان 2021، أن بلاده ما زالت تعارض تصنيف مصر لجماعة الإخوان المسلمين كـ"منظمة إرهابية"، مشدداً على أن أنقرة تعتبر "الإخوان حركة سياسية تحاول الوصول إلى الحكم عن طريق الانتخابات، أحببنا ذلك أم لا".
فيما أوضح أوغلو، في مقابلة مع محطة "خبر ترك" التلفزيونية، أن علاقات تركيا الدولية لا تقوم على أحزاب أو أفراد، وأن مشاكل أنقرة مع القاهرة تنبع فقط مما تعتبره "انقلاباً"، مضيفاً: "عارضنا الانقلاب في مصر ليس من أجل الإخوان؛ فقد كانت علاقتنا جيدة جداً مع مصر قبل وصول الإخوان للحكم".
الوزير التركي أشار إلى ثبات موقف بلاده المبدئي الرافض للانقلابات ضد أي كان، مؤكداً أنهم كانوا سيتبنون الموقف نفسه لو كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في السلطة وقام أحد غيره بانقلاب عليه.
كما لفت أوغلو إلى أنه سيبحث مع نظيره المصري سامح شكري، تبادل السفراء في المستقبل، موضحاً أن وفداً تركيّاً على مستوى مساعدي وزير الخارجية سيزور القاهرة في الأسبوع الأول من الشهر القادم، بدعوة مصرية.
مرحلة جديدة تبدأ بين أنقرة والقاهرة
كما أعلن وزير الخارجية التركي، في مقابلة مع محطة "إن.تي.في"، الأربعاء 14 أبريل/نيسان 2021، أن مرحلة جديدة تبدأ بين تركيا ومصر، وذلك في إطار الجهود المبذولة من أجل تعزيز العلاقات بين أنقرة والقاهرة، والتي توترت في الفترة الأخيرة.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها تشاووش أوغلو للصحفيين، تعليقاً على تفاصيل المكالمة الهاتفية التي أجراها مع نظيره المصري سامح شكري، إذ قال أوغلو إن "عهداً جديداً يبدأ في العلاقات مع مصر، وستحدث زيارات متبادلة، وسيكون هناك اجتماع مع مصر على مستوى نواب الوزراء والدبلوماسيين، وسيتم تعيين سفير"، وأضاف أن موعد ذلك لم يتحدد بعد، و"يمكننا مناقشته في المرحلة المقبلة".
يأتي هذا بعد أن أعلنت وزارة الخارجية التركية، الأسبوع الماضي، أن وزيري خارجيتي تركيا ومصر تحدثا هاتفياً، وذلك في أول اتصال مباشر بينهما منذ أن تواترت الأحاديث عن التقارب المحتمل بين البلدين.
تقارب وشيك بين البلدين
كما يأتي هذا التوجه التركي في ظل تلميحات إلى تقارب وشيك بين أنقرة والقاهرة، بعد سنوات من الأزمة السياسية بين البلدين.
في هذا الصدد، سبق أن تقدَّم رئيس الحكومة المصرية، مصطفى مدبولي، بالشكر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على الجهود التي بذلها خلال رئاسة تركيا الدورية لمجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية (D-8)، في واقعة لم تحدث منذ الإطاحة بالرئيس المصري الراحل محمد مرسي.
جاء ذلك في كلمة ألقاها، الخميس 8 أبريل/نيسان 2021، نيابة عن الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، عبر اتصال مرئي خلال القمة العاشرة لمجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية، وفق بيان مجلس الوزراء المصري.
ففي مستهل كلمته قال مدبولي: "أود أن أشكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الجهود التي بذلتها بلاده خلال رئاستها لمنظمتنا، وأيضاً أود أن أهنئ رئيسة وزراء جمهورية بنغلاديش، شيخة حسينة واجد، على تولي بلادها رئاسة المنظمة، وأتمنى لبنغلاديش التوفيق والسداد خلال رئاستها للمنظمة".
جدير بالذكر أنه خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلن وزير الخارجية التركي أن بلاده ومصر "تسعيان لتحديد خارطة طريق بشأن علاقاتهما الثنائية".
وانطلاقاً من الموقف التركي الرافض للانقلابات باعتبارها خياراً غير ديمقراطي، عارضت أنقرة الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، أول رئيس مصري مدني منتخب عام 2013، ما أدى إلى تدهور العلاقات بين البلدين، لكن العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما استمرت بشكل طبيعي، إلا أن خلافات استجدت بينهما خلال الفترة الأخيرة بسبب الحدود والموارد البحرية، فضلاً عن خلافات في ليبيا، حيث يدعم كل منهما طرفاً مختلفاً في الصراع الدائر هناك.