وصف معارضون لرئيس النظام في سوريا، بشار الأسد، الانتخابات الرئاسية التي أعلن النظام عن عقدها الشهر المقبل بأنها "مسرحية هزلية"، حيث يتوقع أن يبقى الأسد في منصبه، على رأس بلد مُدمر أصبح الملايين من سكانه لاجئين ونازحين، جراء الحرب التي دخلت عامها الحادي عشر.
المعارضون ممنوعون من الترشح
حمودة الصباغ، رئيس مجلس الشعب التابع لنظام الأسد، أعلن أمس الأحد 18 أبريل/نيسان 2021، عن تحديد يوم السادس والعشرين من مايو/أيار المقبل، موعداً للانتخابات الرئاسية، وقال إن أمام الراغبين في الترشح عشرة أيام للتقدم بأوراق ترشيحهم.
تتطلب الموافقة على أوراق الترشيح دعماً من 35 عضواً في البرلمان، الذي يهيمن عليه حزب البعث الحاكم، كما أنه يُشترط للترشح أن يكون المرشح قد أقام في سوريا بشكل متواصل خلال الأعوام العشرة الماضية، ما يغلق الباب أمام احتمال ترشح أي من المعارضين المقيمين في الخارج.
معارضون سوريون قالوا إنهم لا يثقون بأي قدرٍ بأن الانتخابات هذا العام ستكون انتخابات نزيهة، وفقاً لما أورده موقع Middle East Eye البريطاني، الأحد 18 أبريل/نيسان 2021.
وقال مصطفى سيجري، وهو شخصية بارزة في المعارضة السورية: "نحن نرى أن برلمان الأسد لا يتمتع بأي شرعية، وأن هذه ليست إلا مسرحية هزلية وجهود يائسة لإعادة تقديم هذا النظام الإجرامي" بوجه جديد.
دعوة لمقاطعة الانتخابات
ولا تعني الانتخابات نحو نصف مساحة محافظة إدلب، ومناطق محدودة محاذية لها شمال غرب سوريا، فضلاً عن منطقة حدودية واسعة تسيطر عليها قوات تركية وفصائل سورية موالية لها، وهي مناطق خارجة عن سيطرة النظام.
كذلك في المناطق الواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية الكردية (شمال شرق سوريا)، قد توضع صناديق اقتراع في أحياء قليلة لا تزال تتواجد فيها قوات النظام في مدينتي الحسكة والقامشلي، فيما ستغيب الانتخابات عن المناطق الأخرى.
كانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة قد دعت بالفعل لمقاطعة الانتخابات، وقالت المبعوثة الأمريكية إلى مجلس الأمن الدولي، ليندا توماس غرينفيلد، الشهر الماضي إن "هذه الانتخابات لن تكون حرة ولا نزيهة. ولن تضفي الشرعية على نظام الأسد".
وفي حديثها بمناسبة الذكرى العاشرة لبدء الاحتجاجات السورية التي دعت إلى الديمقراطية في البلاد، قالت ليندا توماس غرينفيلد لأعضاء مجلس الأمن إن الانتخابات المقررة "لا تفي بالمعايير المنصوص عليها في القرار 2254، والتي تتضمن إشراف الأمم المتحدة عليها أو عقدها في ظل دستورٍ جديد للبلاد".
وعلى الجهة المقابلة، يقول أنصار النظام السوري إن واشنطن وحلفاءها الغربيين يسعون لإسقاط بشار الأسد بالعقوبات المشددة التي فرضوها، وقال حسام الدين خلاصي، وهو سياسي مؤيد للنظام من محافظة اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التابعة للأسد: "على الرغم من توقعات بأعداء سوريا، فإن الانتخابات الرئاسية ستمضي قدماً".
انتخابات في ظروف صعبة
تتزامن الانتخابات مع أزمة اقتصادية خانقة تشهدها سوريا، فاقمتها العقوبات الغربية وإجراءات احتواء فيروس كورونا، فضلاً عن الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور حيث يودع سوريون كثر، بينهم رجال اعمال، أموالهم.
ترافقت الأزمة مع تدهور قياسي في قيمة الليرة السورية، ما انعكس ارتفاعاً هائلاً في الأسعار، ويعيش غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر، كما يعاني 12,4 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وفق برنامج الأغذية العالمي.
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، تكثر التحليلات عما إذا كانت سوريا تتجه نحو تسوية سياسية، بعد سنوات لم تحقق فيها جولات تفاوض عدة قادتها الأمم المتحدة أي تقدّم. إلا أن ليس هناك أي تغير ملموس في الأفق، برغم انفتاح عربي محدود تجاه النظام، ومحاولات روسيا لجذب الاستثمارات لإعادة الإعمار.
وأسفرت أكثر من عشر سنوات من الحرب عن مقتل أكثر من 388 ألف شخص واعتقال عشرات الآلاف ودمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
يُذكر أن بشار الأسد كان قد أجرى انتخابات رئاسية متنازع عليها في يونيو/حزيران 2014، وشهدت فوزه بنسبة 88.7% من الأصوات.