قالت صحيفة "Financial Times" البريطانية، الأحد 18 أبريل/نيسان 2021، إن الأزمة التي عاشتها الأردن في الأيام الأخيرة تتجاوز العائلة الملكية، وتصل بشكل كبير للعشائر الذين وصف بعض قياداتهم للصحيفة الملك عبد الله بأنه بعيد، ومحاط بزمرة من المستشارين ويصم أذنيه عن معاناة شعبه.
وفي تحليل موسّع للصحيفة البريطانية نقلت "فايننشيال تايمز" تصريحات زعماء للعشائر أبدوا فيها استياءً عاماً من سوء إدارة البلاد، مبدين تضامنهم مع الأمير حمزة، واصفين إياه بأنه "واحد منهم"، يحب أن يقابلهم ويسمع همومهم.
يقول دحام مثقال الفواز، أحد زعماء العشائر البالغ من العمر 38 عاماً والمنتمي لعشيرة السردي في شمال البلاد، بالقرب من الحدود مع سوريا: "كان يسألنا (الأمير حمزة) عن حالنا. وكان يستمع حين أخبره عن الحزن في وجوه الناس المهمومين بالمصاعب التي يتعين عليهم تحملها".
زعيم آخر للعشائر، طلب عدم الكشف عن هويته، قال كذلك: "الأمير حمزة كان واحداً منا، وكان شخصاً قريباً جداً من قلوبنا، أما الملك فبعيد، عليك أن تمر بالكثير من الناس لتجذب انتباهه، ولا تعرف حتى إن كان قد سمع صوتك".
بحسب الصحيفة، فإن زعماء القبائل يرون شبه الأمير حمزة الكبير بوالده الملك الراحل حسين، واستخدامه للغة العربية الفصحى يمنحانه ميزة يتفوق بها بسهولة على الملك عبد الله.
وتقول الصحيفة إن الأمير حمزة أمضى سنوات في بناء قاعدة موالية له بين العشائر. ويقول زعماؤهم إنه كان يعاملهم وكأنه واحد منهم، ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم، وينضم إليهم في الصيد والعناية بالصقور نهاراً وفي المناقشات السياسية الطويلة ليلاً.
وقد أصبح للأمير حمزة تأثير كبير على العشائر البعيدة الساخطة التي ساعدت قبل قرن من الزمان في بناء ما أصبح دولة الأردن الحديثة، في حين يشكو بعض زعماء العشائر الآن أنهم أقلية في بلدهم، وقد ترك شبابهم عاطلين عن العمل.
خطة استمرت لسنوات
جاءت هذه الخطوات للأمير حمزة بعد رفض الملك عبدالله مقترحاً للأمير بتوحيد الأجهزة الأمنية وتوليه مسؤولية قيادتها.
أدى هذا التكتيك -التودد إلى القبائل- في النهاية إلى دخول الأمير الطموح وبقية أفراد الأسرة الحاكمة في صراع علني قبل أسبوعين، انتهى بوضع الأمير حمزة قيد الإقامة الجبرية، وحرمانه من جميع وسائل الاتصالات الإلكترونية، وإجباره على توقيع تعهد بالولاء للملك عبد الله.
يقول مقربون من الأمير حمزة إنه كان على دراية بالمخاطر المحيقة بأفعاله أثناء زيارته للقبائل والجهر باعتراضه على الفساد والمحسوبية. ويقول أحد المقربين: "أصبح من المزحات المألوفة أنه سوف يزج به في السجن".
ويضيف هذا الشخص: "لقد شعر بأنه مؤتمن على إرث عائلته. كان تفكيره العام أنه لو لا سمح الله اندلعت انتفاضة شعبية في الأردن، فلن ينجو أي فرد من عائلتهم. كان يفكر من منظور: هل تعتقدون حقاً أنهم سيرون فرقاً بيني وبين أخي، حتى الأشخاص الذين تربطهم صلة بعيدة بالنظام سيصبحون أشخاصاً غير مرغوب فيهم".
تهديد لولي العهد وليس الملك
فيما يقول دبلوماسي غربي إن تودد الأمير حمزة للقبائل ومكانته باعتباره من أفراد العائلة المالكة المطلعين وبطلاً للأردنيين العاديين يعطلان صعود ولي العهد الأمير الحسين في نهاية المطاف إلى العرش.
ويضيف الدبلوماسي: "يوجد رابط قوي للغاية بين الملكة والأجهزة الأمنية، وتركيزها على تأمين خلافة ولي العهد معروف للجميع تقريباً. وما حدث يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالطريقة التي ستتصرف بها أجزاء من النظام على أي تهديد من حمزة".
تشير الصحيفة كذلك إلى أن للنسب أهمية كبيرة في الأردن. ويقول بعض زعماء العشائر إنهم مستاؤون من زواج الملك عبد الله من سيدة فلسطينية، الملكة رانيا، ويفضلون أصول حمزة الأردنية الخالصة.
ورغم تعهده العلني بالولاء، فلا يزال الأمير حمزة رمزاً قوياً، وليس لدى الحكومة سوى القليل من الخيارات لتخفيف الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع الشباب الأردني إلى انتقاد الملك صراحة، ورفض رواية القصر بأن ما حدث مؤامرة خبيثة مرتبطة بالخارج.
يقول ناشط سياسي في معان، طلب عدم الكشف عن هويته: "هذه فرصة للنظام ليعيد النظر في مدى خطورة الوضع، والبحث عن طريق الإصلاح. الأمور قد تتغير تدريجياً، أو تتغير فجأة، كما حدث في الربيع العربي. وحتى ذلك الحين، فحمزة يشبه الرجل ذا القناع الحديدي".