اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الجمعة 16 أبريل/نيسان 2021، قرارين بالإجماع، الأول يقر إرسال فريق من المراقبين الدوليين لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، والثاني يتعلق بتمديد حظر صادرات النفط غير المشروعة من ليبيا، وداعياً حكومة الوحدة الوطنية الجديدة إلى إعداد انتخابات حرة ونزيهة لا تقصي أحداً، في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021.
تم اعتماد القرارين عبر آلية التصويت الخطي، التي يعمل بها مجلس الأمن في ظل جائحة كورونا، وذلك منذ 12 مارس/آذار 2020.
ففي جلسة افتراضية لم تستغرق سوى دقيقتين، أعلن دانغ دينه كوي، نائب السفير الفيتنامي لدى الأمم المتحدة، الذي تترأس بلاده أعمال مجلس الأمن الدولي للشهر الجاري، نتيجة التصويت على مشروعي القرارين بالإجماع (15 دولة).
دعم وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار
حيث دعا القرار الأول الذي صاغته بريطانيا، كافة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة (193 دولة) إلى "دعم وتنفيذ اتفاق 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020 لوقف إطلاق النار، وضمن ذلك انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا دون تأخير"، داعياً الأطراف الليبية إلى ضرورة "وضع الأساس الدستوري والتشريعي للعملية الانتخابية بحلول 1 يوليو/تموز المقبل، للسماح بالتحضير الكافي للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة".
كما أكد قرار المجلس "حاجة اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 لتطوير خطة بشأن كيفية تنفيذ التفويض الممنوح لآلية مراقبة وقف إطلاق النار"، مطالباً الأمين العام للأمم المتحدة بـ"استشارة المجلس بشأن أي زيادة في الحد الأقصى الأولي لعدد مراقبي وقف إطلاق النار، على أن يستعرض المجلس التقدم المحرز نحو تنفيذ القرار قبل 15 سبتمبر/أيلول المقبل، تاريخ انتهاء الولاية الحالية لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا".
يشار إلى أن اللجنة العسكرية المشتركة تضم 5 أعضاء من الحكومة الليبية المعترف بها دولياً، و5 من طرف ميليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
تقارير أممية بما يجري على الأرض
سيقدم مراقبو بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تقاريرهم الخاصة بما يجري على الأرض إلى المبعوث الخاص ورئيس البعثة الأممية (أونسميل) عبر منسق البعثة. وسيتعين موافقة اللجنة الخامسة في الجمعية العامة على ميزانية المراقبين.
سيتم نشر مراقبين في سرت بمجرد تلبية جميع متطلبات الوجود الدائم ومن ضمنها الجوانب الأمنية واللوجيستية والطبية والتشغيلية.
كان ستيفان دوغاريك، الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة، قد ردّ على أسئلة الصحفيين خلال المؤتمر الصحفي، يوم الخميس 15 أبريل/نيسان الجاري، بهذا الشأن، قائلاً إنه "سيكون هناك وجود بالجهة الأمامية في طرابلس بمجرد أن تسمح الظروف بذلك. يأخذ العدد المقترح لمراقبي وقف إطلاق النار التابعين للأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالاعتبار الطلب الليبي، إضافة إلى تدابير السماح بالتناوب المنتظم للأفراد داخل ليبيا وخارجها، مع ضمان المرونة في الانتشار الجغرافي للفريق".
دوغاريك لفت إلى أن المراقبين سيعملون جنباً إلى جنب مع مراقبي اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، مؤكداً أن المراقبين سيكونون غير مسلحين، ولا يعتقد أنهم سيرتدون ملابس عسكرية، مشدّداً على أن الأهم من ذلك هو أن أمنهم يحتاج إلى ضمان من قبل جميع القوى السياسية في ليبيا، وجميع أولئك الذين قد يكونون أيضاً في الخطوط الأمامية.
كانت الأمم المتحدة قد أعلنت، في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020، توصل طرفي النزاع في ليبيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، تخرقه ميليشيا حفتر من حين لآخر.
نص الاتفاق، على انسحاب كل المرتزقة الأجانب من ليبيا خلال 3 أشهر من ذلك التاريخ، لكن ذلك لم يتم، وفق دلائل على الأرض.
حظر صادرات النفط غير المشروعة
أما بالنسبة للقرار الثاني الذي صاغته بريطانيا أيضاً، فقد قرر مجلس الأمن حظر تمديد الإجراءات المتعلقة بصادرات النفط غير المشروعة من ليبيا حتى 30 يوليو/تموز 2022، وكذلك تمديد ولاية فريق الخبراء المعني بالعقوبات الدولية المفروضة على ليبيا حتى 15 أغسطس/آب 2022.
بموجب قرارات يتم تجديدها سنوياً منذ 2011، يحظر مجلس الأمن صادرات النفط الخام غير المشروعة من ليبيا، ويسمح بتفتيش السفن المشتبه بها، ويدعو الدول الأعضاء إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية لوقف محاولات التهريب.
"الرئاسي الليبي" يرحب بقرار إرسال مراقبين دوليين
من جهته، رحب المجلس الرئاسي الليبي، الجمعة، بقرار مجلس الأمن الدولي إرسال فريق من المراقبين الدوليين لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، مشدداً على "ضرورة احترام ودعم التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، وضمن ذلك سحب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، ويدعم عمل اللجنة العسكرية المشتركة وأي آلية يتولى الليبيون زمامها لرصد وقف إطلاق النار".
جاء ذلك في بيان أصدره المجلس الرئاسي تعقيباً على قرار مجلس الأمن الداعم له ولحكومة الوحدة الوطنية بصفتهما السلطات المكلفة بقيادة البلاد حتى إجراء الانتخابات المقبلة.
فيما حث المجلس الرئاسي، السلطات التشريعية الليبية على "تهيئة كافة السبل لدعم عمل حكومة الوحدة الوطنية لإجراء الانتخابات العامة في موعدها، واعتماد ميزانية موحدة، والعمل على الوصول إلى اتفاق على المناصب السيادية، على النحو المبين في خارطة الطريق المنبثقة عن الملتقى السياسي"، داعياً الحكومة إلى "العمل على تحسين الأداء الاقتصادي ورفع المعاناة عن المواطن وتهيئة كافة السبل لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر".
على مدار سنوات، عانت ليبيا صراعاً مسلحاً، فبدعم من دول عربية وغربية ومرتزقة ومقاتلين أجانب، قاتلت ميليشيا حفتر، حكومة الوفاق الوطني السابقة، المعترف بها دولياً.
منذ فترة، يشهد البلد الغني بالنفط انفراجاً سياسياً، حيث تم انتخاب سلطة موحدة مؤقتة، تتألف من حكومة وحدة ومجلس رئاسي، في مساعٍ لإنهاء النزاع عبر انتخابات، من المقرر أن تجرى أواخر العام الجاري.
لكن لا يزال مرتزقة من مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة متمركزين حول مدينة سرت ومناطق أخرى من البلاد، وكانوا قد جاءوا دعماً لحفتر، وهناك اتهامات لهم بزرع ألغام قاتلة في مناطق مدنية لدى انسحابهم من طرابلس، العام الماضي.
إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال، العام الماضي، إنه إذا كان هناك أي روس في ليبيا فهم لا يمثلون حكومته، ولا يتقاضون أموالاً منها، على حد قوله.