تعرضت شركة Evian لانتقادات من الحزب المحافظ الفرنسي بعد اعتذارها للمسلمين عن إعلان نشرته على الشبكات الاجتماعية في اليوم الأول من رمضان، إذ اتُّهِمَت الشركة المملوكة لمجموعة Danone بالانصياع لضغط "الوعي بالمساواة العرقية والاجتماعية" على الطراز الأمريكي، حين سحبت منشوراً دعائياً، الثلاثاء، 13 أبريل/نيسان 2021، يقول: "أعِد نشر هذه التغريدة إذا شربت بالفعل لتر مياه اليوم".
شركة إيفيان في ورطة!
صحيفة The Times البريطانية قالت إن التغريدة تعرضت لانتقادات من مُعلقين بأنها توحي بالإسلاموفوبيا؛ لأنَّ المسلمين ممنوعون من الشرب أو الأكل في نهار رمضان، وبينما انتقد بضع عشرات من التغريدات شركة Evian، قال جيل فيردي، المُعلق في قناة C8 التلفزيونية: "رسالة Evian هي إسلاموفوبيا تجارية".
وخلال ساعات، اعتذرت شركة apologised. وقالت: "مساء الخير، هذا فريق Evian. نعتذر عن حماقة هذه التغريدة التي لم يكن لها نية استفزازية على الإطلاق".
إلا أن ذلك الاعتذار أثار عاصفة أكبر لدى كثير من المحافظين الذين قالوا إنَّ الشركة رضخت للضغط في التعبير عن حساسيتها تجاه أقلية على غرار العلامات التجارية في العالم "الأنجلو-ساكسوني".
وقال إيريك سيوتي، النائب عن حزب الجمهوريين المحافظ: "دعونا نوقف هذا الجنون. إلى أي مدى سيذهب هذا الإرهاب الفكري اليومي؟"، واتهم روبير مينار، عمدة مدينة بيزييه الجنوبية، اليميني صاحب النزعة القومية، شركة Evian "بالاستسلام التام" في وجه "المسلمين الذين يزدادون شعوراً بالارتياب وعدم التسامح".
وقال تعليق في صحيفة Le Figaro إنَّ العلامات التجارية الفرنسية تتبنى بازدياد "دين اليقظة الجديد" على حساب تقاليد فرنسا في التسامح وحرية التعبير. لقد أظهر "إفلاسنا الجماعي في مواجهة تنامي الدين والتدمير الذي يسببه الدين الإسلامي".
وقال النقاد إنَّ Evian طبقت نوع الرقابة الذاتية الذي يُسمَع من الأشخاص ذوي النوايا الحسنة الذين استنكروا نشر مجلة Charlie Hebdo الأسبوعية الساخرة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للمسلمين.
من جانبه، قال الفيلسوف رفائيل إنثوفن مازحاً إنه يخطط بصفته يهودياً "لمقاضاة أول شركة تتحدث معي عن الطعام في يوم الغفران".
رأى المُعلقون أنَّ الخلاف حول تغريدة شركة Evian في أول أيام رمضان هو أحد أعراض الهستيريا التي ينشرها الإنترنت. غرَّدت أوجيني باستي، كاتبة أعمدة في صحيفة Le Figaro: "لا يعرف المرء ما هو الأكثر بؤساً: حزمة من الذين شعروا بالإهانة بعد أول تغريدة، أو التوضيح المثير للشفقة [من Evian]، الذي يستسلم لدوامة وضع الضحية".
كما نأى العديد من المسلمين بأنفسهم عن الغضب المُثَار حول الإسلاموفوبيا التي يُزعَم أنَّ شركة Evian مارستها، قائلين إنهم لا يستطيعون فهم سبب هذه الجلبة. وقال أحدهم: "لقد شربت بالفعل لتر مياه قبل شروق الشمس".
المسلمون في فرنسا
ويأتي هذا في ظل تنامي الإحساس بين المسلمين في فرنسا باستهدافهم من قِبل السلطات في آخر تطورات الملف قررت السلطات الفرنسية حظر "الذبح الحلال"، وتبنت الحكومة مجموعة من القوانين وإصدار قرارات ترى فيها الجالية المسلمة في فرنسا "استهدافاً للإسلام"؛ إذ يُعد الإسلام هو ثاني دين بعد المسيحية انتشاراً في فرنسا، حسب الأرقام التي قدمها المعهد الوطني للدراسات الديموغرافية، كما أن 82% من مسلمي فرنسا هم من الجالية المغاربية.
لأكثر من عقد، كان المجتمع المسلم بفرنسا في القلب من جدالاتٍ سياسية لا حصر لها، حول ما إذا كانت التعبيرات الواضحة عن التديُّن، مثل الحجاب، متماشيةً مع التفسيرات الأجدد للمفهوم الفرنسي عن العلمانية. وقد حذَّرَ المنتقدون والمدافعون من أن التشريع والخطاب العام يؤدِّيان إلى وصم المسلمين في البلاد، مع تحريف التعريف القانوني للعلمانية.