تحت شعار "لن تمنعنا أي قوة في الأرض من بناء سدنا وملئه"، أعلنت وكالة الأنباء الإثيوبية، مساء الخميس 8 أبريل/نيسان 2021، إطلاق حملة عالمية على مواقع التواصل الاجتماعي دعماً لسد النهضة الإثيوبي.
تهدف الحملة، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الإثيوبية، إلى "السماح للعالم بفهم حقيقة أن إثيوبيا لها الحق الكامل في بناء السد من أجل تحسين حياة مواطنيها، حيث أعربت أديس أبابا عن موقفها القوي المتمثل في أنها لا تستطيع الدخول في اتفاق من شأنه أن يحرمها من حقوقها المشروعة الحالية والمستقبلية في استخدام نهر النيل".
يجدر الإشارة إلى أن تلك الحملة الإثيوبية جاءت على خلفية إعلان وزارة الهجرة المصرية تدشين حملة تدافع عن موقف مصر في أزمة سد النهضة.
في هذا السياق، قالت وزيرة الهجرة المصرية، نبيلة مكرم عبيد، إن "صوت مصر وصل للعالم، حيث أعد المصريون 7 فيديوهات عن أحقية مصر في مياه النيل ضد السد الإثيوبي"، منوهة إلى أن تلك الفيديوهات بـ7 لغات مختلفة منها الإنجليزية والألمانية والفرنسية والروسية، للتحدث عن أحقية مصر في نهر النيل.
فيما أضافت الوزيرة: "إننا نؤمن بشدة بقوة الجاليات المصرية بالخارج وما يصنعونه من فارق لصالح مصر بالتأثير في مجتمعاتهم للتعريف والتأكيد على حقوق وظروف مصر المائية"، مشيرة إلى أن "المصريين استشعروا في هذه المرحلة الهامة من المفاوضات ضرورة استكمال ما بدأوه من حملات دعم واسعة خلال الفترات السابقة دفاعاً عن حق بلادهم وشعبهم في مياه النيل".
إثيوبيا تمضي قدماً في خطواتها
كانت وزارة الخارجية الإثيوبية قد أعلنت، مساء الثلاثاء 6 أبريل/نيسان 2021، إصرارها على المضي قدماً في الملء الثاني لسد النهضة خلال شهر يوليو/تموز المقبل، وذلك انطلاقاً من إعلان المبادئ الذي وقعته مع مصر والسودان عام 2015.
حيث قالت الوزارة، في بيان لها، إنه سيتم تنفيذ ملء سد النهضة في السنة الثانية، كما هو مقرر وفقاً لإعلان المبادئ (DoP)، مُشدّدة على أن "المواقف المناهضة لملء السد قبل إبرام اتفاق ليس لها أساس في القانون، وتتعارض مع حق إثيوبيا الأصيل في استخدام مواردها الطبيعية، وهذا أمر غير مقبول".
كما أضافت أنه جرى الاتفاق خلال مفاوضات كينشاسا بالكونغو على "استمرار المراقبين الثلاثة في العملية (جنوب إفريقيا، وأمريكا، والاتحاد الأوروبي)، وأجريت مناقشات بشأن التعزيز المقترح لدور المراقبين. وبناءً على ذلك، وافقت إثيوبيا، بتصميمها للحفاظ على الملكية الكاملة للعملية التفاوضية من قِبل البلدان الثلاثة وسلامة العملية التي يقودها الاتحاد الإفريقي، على قبول دور المراقبين لتبادل المعلومات والاقتراحات عندما تطلبها البلدان بشكل مشترك، بينما لم يتم قبول موقف مصر والسودان بمنح المراقبين نفس دور الاتحاد الإفريقي".
فيما شدّدت إثيوبيا على أنه لا يمكنها أن تدخل في اتفاق من شأنه أن يحرمها من حقوقها المشروعة الحالية والمستقبلية في استخدام نهر النيل، مكررة التأكيد على موقفها الداعم لعملية المفاوضات الثلاثية، الأمر الذي من شأنه الحفاظ على سيادة الدول، وسلامة العملية التي يقودها الاتحاد الإفريقي"، محملة مسؤولية فشل المفاوضات الأخيرة إلى دولتي مصر والسودان.
اتفاق أمني بين مصر وأوغندا
يشار إلى أن أوغندا قالت، يوم الخميس 8 أبريل/نيسان 2021، إنها وقعت مع مصر اتفاقية لتبادل المعلومات العسكرية بانتظام، في ظل التوتر المتصاعد بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة لتوليد الطاقة الكهرومائية على أحد روافد نهر النيل.
فوفقاً لبيان صادر عن قوات الدفاع الشعبية الأوغندية، أُبرمت الاتفاقية بين جهاز المخابرات المصرية ورئاسة المخابرات العسكرية التابعة لقوات الدفاع الأوغندية.
من جانبه، قال اللواء أركان حرب سامح صابر الدجوي، أحد كبار مسؤولي المخابرات المصرية، والذي ترأس وفد القاهرة لكمبالا: "حقيقة أن أوغندا ومصر تتقاسمان النيل تجعل التعاون بين البلدين أمراً حتمياً، لأن ما يؤثر على الأوغنديين يؤثر بشكل أو بآخر على مصر".
جدير بالذكر أنه على مدى السنوات الماضية عارضت أوغندا، حيث ينبع نهر النيل، محاولات مصر للتحكم في مشاريع الطاقة الكهرومائية في دول المنبع.
معارضون مصريون يدعون لتنحية الخلافات
في سياق ليس ببعيد، دعت قوى معارضة مصرية بالخارج بينها "جماعة الإخوان المسلمين"، الجمعة، إلى تنحية الخلاف مع النظام والتحرك سريعاً ضد الملء الثاني لـ"سد النهضة" الإثيوبي المرتقب في يوليو/تموز المقبل.
جاء ذلك في مؤتمر افتراضي لاتحاد القوى الوطنية المصرية، المشكل في فبراير/شباط الماضي، من شخصيات مستقلة وأحزاب وجماعات.
إذ دعا المعارض الليبرالي بالخارج، أيمن نور، رئيس الاتحاد، لتنحية الخلافات جانباً مع النظام، قائلاً: "لا يمكن أن نقبل برفاهية الاختلاف (مع النظام) في محاولة للإفلات من المسؤولية السياسية والتاريخية أو التنصل منها"، مطالباً بـ"تبني كل الخيارات بما فيها الخيار العسكري والذهاب لمجلس الأمن الدولي".
من جانبه، قال مدحت الحداد، عضو شوري جماعة الإخوان، أعلى هيئة رقابية بالجماعة المتواجد بالخارج، إن "قضيتنا حياة أو موت، إنها حرب مياه من إثيوبيا ضد مصر والسودان، وأعمق وأشمل من مجرد خلاف بينا وبين النظام (بمصر)"، مشيراً إلى أن "العبث بمجرى النيل، فوق أنه يهدد السودان ومصر وجودياً، فإنه يخلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة بل في العالم بأسره".
المعارضة تدعم الجيش في أزمة سد النهضة
بدوره، أكد أسامة رشدي، مساعد أول رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية، أن "الجيش المصري حصل بموجب التعديلات الدستورية التي قام بها السيسي في عام 2019 على صلاحيات واسعة تتخطى حدود وظيفته المتعارف عليها في الجيوش بنصه على حماية مدنية الدولة والديمقراطية. رغم أن الجميع يرى كيف سُحقت مدنية الدولة وديمقراطيتها بالدبابات للاستحواذ على السلطة".
واستدرك في تصريح لـ"عربي بوست" بالقول: "لكن مصر كدولة تحتاج لحماية حدودها وأمنها المائي ووجودها، وأي تهاون في هذه القضية، وأي محاولات للتنصل من المسؤولية عن سوء إدارة هذا الملف لن يغفره الشعب، وسيلعن التاريخ كل مَن تقاعس وانشغل ببناء القصور والمشاريع الفاشلة والسيطرة على مقدرات الدولة السياسية والاقتصادية، وغفلوا عن وظيفتهم الأساسية في حماية حدود وثغور هذا الوطن العزيز".
رشدي واصل حديثه قائلاّ: "مع ذلك، فإننا جميعا سنقف معكم وندعمكم إن عدتم بصدق لتدارك ما فات، بإلزام إثيوبيا باتفاق يضمن حقوق مصر التاريخية وحصتها في مياه النيل وعدم تأثرها بالسدود التي تبنيها".
السودان ينفي رفضه ضم جنوب إفريقيا للمفاوضات
إلى ذلك، نفت وزارة الخارجية السودانية، الخميس، رفض بلادها مشاركة دولة جنوب إفريقيا في مفاوضات "سد النهضة"، منوهاً إلى أن "التصريحات المنسوبة لوزير المياه والري والطاقة الإثيوبي حول رفض السودان ومصر مشاركة جنوب إفريقيا ضمن فريق مفاوضات سد النهضة، غير صحيحة ومجافية للحقيقة".
يأتي بيان الخارجية السودانية، رداً على تصريحات منسوبة لوزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، سيليشي بقلي، قال فيها إن "السودان ومصر رفضا مشاركة جنوب إفريقيا في مفاوضات سد النهضة".
والإثنين، انتهت جولة مباحثات بشأن "سد النهضة" في العاصمة الكونغولية كينشاسا، دون "إحراز تقدم"، حسب بيانيين لخارجية مصر والسودان، واتهام إثيوبي للبلدين، بـ"عرقلة" المفاوضات، تلاه نفي مصري، في تصريحات إعلامية لوزير الخارجية.
كما أوضحت الخارجية السودانية في بيان أن "الخرطوم خلال مفاوضات كنشاسا تقدمت بمقترح (الوساطة) الرباعية برعاية الكونغو الديمقراطية (رئيسة الاتحاد الإفريقي) من أجل الوصول إلى اتفاق، لكن إثيوبيا رفضت المقترح"، مضيفة: "خلال المفاوضات برز مقترح بأهمية إشراك جنوب إفريقيا بجانب (الرباعية)، وقد رحب السودان بشدة وأعلن موافقته على المقترح، كما رحبت به مصر أيضاً".
والأطراف الأربعة التي يقترح السودان وساطتهم في مفاوضات السد، هم: الاتحادان الإفريقي والأوروبي، والولايات المتحدة، والأمم المتحدة، وفق إعلان سابق من الخرطوم.
فشل مفاوضات كينشاسا
تأتي تلك التطورات عقب فشل المحادثات الثلاثية الأخيرة التي عُقدت في العاصمة الكونغولية كينشاسا بين دولتي المصب، مصر والسودان، وإثيوبيا بشأن "سد النهضة".
ففي نهاية تلك المفاوضات أعلن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الثلاثاء 6 أبريل 2021، أن بلاده ستتجه مع السودان للمؤسسات الدولية بعد انتهاء مفاوضات كينشاسا بالكونغو دون تقدم، مشدّداً على أن بلاده لن تقبل بأي ضرر مائي يقع عليها أو على السودان.
جاء ذلك في تصريحات متلفزة أدلى بها شكري، رداً على سؤال بشأن "الخطوة التالية بعد فشل مفاوضات العاصمة الكونغولية بشأن السد".
فيما أوضح شكري أن "هناك تنسيقاً كاملاً ووحدة للموقف مع السودان بالبدء في إطار التوجه إلى المؤسسات الدولية"، مضيفاً: "نلجأ للمنظمات الدولية ومجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وجميع الأطر متاحة ولا بد أن تكون فاعلة في القضية منعاً للانزلاق نحو أي توتر والتأثيرات السلبية على المنطقة".