قالت صحيفة The Guardian البريطانية، إن جراحين أجروا في مدينة نيويورك أول عملية زرع قصبة هوائية، وهي الأنبوب المسؤول عن نقل الهواء من الفم إلى الرئتين، في الولايات المتحدة، على سيدة مصابة بربو حاد.
أحد الأطباء يقول إن هذه العمليات يمكن أن تساعد مرضى كوفيد المصابين بأضرار خطيرة في القصبة الهوائية بسبب أجهزة التنفس، فيما قالت المريضة، المرشدة الاجتماعية سونيا سين، البالغة من العمر 56 عاماً، إنها أمضت 6 سنوات "تحاول التقاط نفسها في كل لحظة" بعد أن تسبب علاجها من الربو الحاد في إتلاف قصبتها الهوائية، وقد عادت للتنفس بحرية مرة أخرى بعد الجراحة التي خضعت لها في مستشفى ماونت سيناي في نيويورك.
أول عملية زرع قصبة هوائية في أمريكا
إلا أن خبراء يقولون إنه من السابق لأوانه اعتبار عملية الزرع لسونيا -التي قالت الشبكة المتحدة لمشاركة الأعضاء (Unos) المشرفة على نظام زراعة الأعضاء في الولايات المتحدة إنها الأولى من نوعها في الولايات المتحدة- نجحت نجاحاً كاملاً.
إذ من الضروري أن تتناول سونيا أدوية قوية لتحاشي رفض جسدها للعضو الجديد، لكن الأطباء يأملون في وقف هذه الأدوية تدريجياً في غضون سنوات قليلة. وبعد أقل من ثلاثة أشهر على العملية لم تحدث أي مضاعفات أو علامات للرفض.
فيما يقول الدكتور أليك باترسون، جراح زراعة الأعضاء بجامعة واشنطن في سانت لويس، الذي لم يشارك في العملية: "إذا فشلت هذه العملية لكُنا عرفنا الآن. وهي مبشرة وخطوة كبيرة للأمام".
وقد بدأت مشكلة سونيا عام 2014، حين وضع الأطباء أنبوباً في حلقها لمساعدتها على التنفس أثناء نوبة ربو حادة. وقد أنقذت حياتها لكنها أضرت بقصبتها الهوائية، ولم تأتِ عدة عمليات جراحية لإعادة بناء قصبتها الهوائية بنتيجة. وحتى الآن لم يكن لدى الأطباء سوى القليل من الخيارات الفعالة لعلاج التلف الخطير في القصبة الهوائية.
إذ بإمكان الأطباء إزالة الأجزاء التالفة من القصبة الهوائية أو إصلاحها أو وضع أجزاء اصطناعية أو أنسجة مخبرية أو أنسجة من جلد المريض وغضروف الضلع مكانها، لكن هذه الأساليب قد لا تعيد العضو لحالته الأصلية، إذ إنه يعتمد على شعيرات دقيقة لتحريك المخاط، ويتمتع بمرونة مثالية للتمدد والانقباض أثناء التنفس والبلع والسعال.
يقول الدكتور إريك جيندين، جراح مستشفى ماونت سيناي، الذي قاد الفريق الذي أجرى العملية، إنه في حالة تلف القصبة الهوائية بالكامل في المريض، فعملية الزرع قد تكون أمله الوحيد.
جيندين أضاف قائلاً: "في الوقت الحالي لا نتحدث كثيراً عن هؤلاء المرضى لأنه لا يوجد خيار أمامهم، ونأمل أن تساعد هذه العملية -ليس المرضى المصابين بتلف خطير فقط- وإنما المرضى الذين تُعتبر حالتهم ميؤوساً منها كذلك".
وفي العملية التي استغرقت 18 ساعة، تمكّن فريق مكون من أكثر من 50 خبيراً من زرع القصبة الهوائية لأحد المتبرعين، وأعادوا ربطها بحرص بشبكة معقدة من الأوعية الدموية الدقيقة، إذ قال جيندين: "حين رأينا العضو ينبض بالحياة، علمنا أننا تخطينا العقبة الأولى".
فيما كشف الأطباء أن هذه العملية من شأنها أن تساعد المصابين بعيوب خلقية في القصبة الهوائية أو أمراض مجرى الهواء غير القابلة للعلاج، أو الأضرار الجسيمة الناتجة عن أجهزة التنفس الصناعي.
ويقول الدكتور ألبرت ميراتي، الجراح في جامعة واشنطن، الذي لم يشارك في عملية الزرع الأخيرة: "هذه العملية قد تساعد مرضى كوفيد-19. ونرى بالفعل تأثير أجهزة التنفس عليهم".
عملية مشابهة
يأتي هذا بعد أن كشف أطباء بولاية إلينوي الأمريكية، الشهر الماضي، أنهم تمكنوا من زرع رئتين لمصاب بفيروس كورونا المستجد، من ناجٍ آخر من الفيروس توفي لاحقاً لأسباب غير متصلة بكوفيد-19، بعد أن دمر الفيروس رئتيه بشكل كامل.
قالت شبكة CBS News الأمريكية، إن الأطباء في مشفى جامعة نورث ويسترن، أجروا هذه العملية النادرة بنجاح الشهر الماضي، دون أن تفصح عن المتبرع الذي تعافى سابقاً من الفيروس.
كما أشارت الجامعة إلى أن الشخص الذي زُرعت له الرئتان في الستينيات من عمره، وأصيب بكوفيد-19 لأول مرة، في مايو/أيار 2020، وكان على قائمة انتظار من أجل زراعة الرئتين له، فيما كشفت أنه كان أول شخص يتبرع برئته بعد إصابته بكورونا، وصنفت حالته حينها بأنها متوسطة.
رئيس قسم جراحة الصدر والمدير الجراحي لبرنامج زرع الرئة في مستشفى نورث ويسترن، أنكيت بهارات، قال في بيان صحفي: "حتى الآن أصيب 30 مليون أمريكي بالفيروس"، مشيراً إلى أن العديد منهم مسجلون كمتبرعين بأعضاء. وأضاف "إذا قلنا لهم: لا، لمجرد أنهم أصيبوا بالفيروس في الماضي، سنقلص بشكل كبير تجمع المانحين"، مشيراً إلى أن هناك بالفعل فجوة كبيرة في العرض والطلب.
كما أشار الطبيب سامويل كيم، أحد الأطباء الذين أشرفوا على الجراحة، إلى أن الرئتين خضعتا للكثير من عمليات التحقق قبل إجراء العملية للتأكد من سلامتهما كلياً.
أول عملية زراعة
وفي وقت سابق، قالت تقارير صحفية إن فريقاً طبياً صينياً نجح في إجراء أول عملية زراعة رئة مزدوجة في العالم لمريض مصاب بفيروس كوفيد-19، في خطوةٍ ستكون لها أهميةٌ كبيرة في الحدِّ من الحالات الحرجة.
حيث أجرى تشن جينغيو، وهو خبير معروف في مجال زراعة الرئة ونائب رئيس مستشفى ووشي الشعبي، العملية التي استمرت 5 ساعات مع فريقه في مقاطعة جيانغسو بشرق الصين.
الجراحة جاءت بعد التأكد من إصابة المريض البالغ من العمر 59 عاماً بفيروس كورونا، في 26 يناير/كانون الثاني. وبعد خضوع المريض للتنبيب الرغامي والعلاج بالأكسجة الغشائية خارج الجسم ECMO والعلاج الدوائي، جاءت عيِّنات المريض سلبية بشكلٍ متكرر، لكنَّ وظائف الرئتين كانت قد أصيبت بضعفٍ شديد، وتعرَّضت لأضرار غير قابلة للإصلاح.
تجدر الإشارة إلى أنَّ الرئتين المزروعتين تبرَّع بهما مريضٌ غير محلي بعد موت دماغه، ونُقِلتا إلى مدينة ووشي على متن قطار فائق السرعة خلال سبع ساعات.