قال تقرير نشره موقع Al-Monitor الأمريكي يوم الثلاثاء 30 مارس/آذار 2021 إن الحكومة السودانية أعلنت موافقتها على مبادرة الإمارات للتوسط بينها وبين إثيوبيا لحل الخلافات الحدودية، وحل أزمة سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا. فيما تتمسك القاهرة بمقترح الوساطة الرباعية.
تأتي المبادرة الإماراتية، التي لم تُكشف تفاصيلها بعد، في خضم حالة جمود وإخفاقات متكررة على صعيد مفاوضات سد النهضة. وتأتي كذلك في ضوء تصاعد التوترات الحدودية بين السودان وإثيوبيا حول منطقة الفشقة الحدودية، التي بلغت ذروتها عند وقوع مواجهات عسكرية في وقت سابق من هذا العام.
مبادرة في وقت حرج
من جانبه قال الكاتب والمحلل المتخصص في الشؤون الإفريقية، شفاء العفاري، إن المبادرة الإماراتية تأتي في وقت حرج. وأوضح في حديثه مع موقع Al-Monitor إن المبادرة تأتي في ضوء التصعيد العسكري عند الحدود السودانية الإثيوبية، مع وجود تعاون عسكري مصري سوداني غير مسبوق يحمل تحذيرات بتدخل عسكري في أزمة سد النهضة، على حد قوله.
إذ وقّعت مصر والسودان في 2 مارس/آذار اتفاقية تعاون عسكري في أعقاب زيارة للفريق محمد فريد، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، للعاصمة السودانية الخرطوم.
كذلك فقد قال العفاري إن الإمارات لديها بطاقات ضغط قوية يمكن أن تؤثر بها على إثيوبيا. وأضاف: "لدى الإمارات استثمارات ضخمة في إثيوبيا وعلاقات وثيقة مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد. وتملك كذلك نفوذاً في السودان وتحتفظ بعلاقات استراتيجية مع مصر، إضافة إلى أنها حليف وثيق للقاهرة على صعيد مواجهة التحديات الإقليمية المتنوعة. يجعل هذا منها أفضل وسيط لحل أزمة سد النهضة".
مئة مشروع استثماري
في المقابل يوجد في الوقت الحالي 92 مشروعاً استثمارياً إماراتياً في إثيوبيا، وهي متركزة في قطاعات الزراعة والصناعة والعقارات والرعاية الصحية والتعدين.
في 20 مارس/آذار 2019، قال عبدالله بن أحمد آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية والصناعة، في منتدى أعمال إثيوبي إماراتي، إن الصادرات الإماراتية إلى إثيوبيا في 2018 وصلت إلى 200 مليون دولار، بزيادة 46% عن عام 2017.
أما في 8 يوليو/تموز 2019، أعلن آبي أحمد أن بلاده ترسل 50 ألف عامل إثيوبي إلى الإمارات في إطار برنامج يستهدف تطوير القوة العاملة المحلية.
في غضون ذلك، قال سهيل بن محمد المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي، إن حجم استثمارات بلاده في السودان وصل إلى 7 مليارات دولار، وكان أبرز هذه الاستثمارات في مجالات الزراعة والسياحة.
مستثمرون دوليون في مصر
تعد الإمارات كذلك واحدة من أكبر المستثمرين الدوليين في مصر. خلال العام المالي 2019-202، وصلت استثمارات الإمارات في مصر إلى 1.61 مليار دولار.
في إشارة أخرى برزت خلال اجتماع مع قادة وضباط القوات المسلحة في 10 مارس/آذار، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن أمن الخليج جزء من الأمن القومي لمصر.
في تعليقه عن سبب عدم دعم مصر لمبادرة الإمارات حتى الآن، قال العفاري إن مصر تخشى أن يفشل الإثيوبيون مرة أخرى في إظهار الصراحة والوضوح. وأضاف أن مصر تصر على وساطة رباعي دولي يتكون من الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. فيما سعت مصر، من خلال هذا، لإحراج إثيوبيا أمام العالم والحصول على حق الدفاع عن نفسها، حتى عن طريق التدخل العسكري، وفق ما قال.
رفض مقترح مصري
في 20 مارس/آذار، رفضت إثيوبيا مقترح مصر والسودان باللجوء إلى الرباعي الدولي في أزمة سد النهضة. وتخطط أديس أبابا لبدء المرحلة الثانية من ملء خزان السد في يوليو/تموز.
قال العفاري إن مصر تجري حالياً مشاورات ومناقشات مع الإمارات، أملاً في الوصول إلى صيغة توافقية. وتابع قائلاً: "تخشى مصر الإعلان عن دعمها للمبادرة لترى أنها أخفقت فحسب مثل المبادرات السابقة. والحقيقة أن بنود المبادرة لم تُعلن حتى الآن ربما يكون السبب الذي يجعل مصر متشككة بشأنها".
وأضاف": "تدرك مصر جيداً قيمة الوقت ولا تريد إهدار وقت آخر بعد 10 سنوات من المفاوضات غير المثمرة".
من جانبه، قال شريف الجبلي، رئيس لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس النواب المصري، خلال حديثه مع موقع Al-Monitor: "ثمة العديد من السيناريوهات للتعامل مع أزمة سد النهضة. تنظر مصر الآن في الخيارات للحفاظ على حقوقها المائية حسبما تراه ملائماً. وتضع كذلك في الحسبان اللجوء إلى مجلس الأمن مرة أخرى".
وأوضح الجبلي أن مصر تبذل جهوداً دبلوماسية هائلة. وتابع قائلاً: "إنها تتواصل مع العالم كله لتبرز أهمية مياه النيل للمصريين بوصفه قضية وجودية. تتحرك مصر في أكثر من اتجاه. إنها متأهبة كلياً للتعامل مع عديد من السيناريوهات المحتملة".
وفي امتداح المحاولات الإيجابية من جانب الإمارات، قال الجبلي: "الإمارات دولة عربية شقيقة. إنها تدرك تماماً كذلك أبعاد أزمة سد النهضة".
الجبلي قال إنهم يأملون أن تنجح وساطة الإمارات أو أي جهود وساطة أخرى في كسر التعنت الإثيوبي والوصول إلى اتفاقية قانونية ملزمة بين الدول الثلاث.