قال تقرير لصحيفة Al-Monitor البريطانية، الثلاثاء 30 مارس/ آذار 2021، إن جهاز الاستخبارات العراقي، يتهم جهات سياسية وفصائل مدعومة من إيران، بشن حملة تشويه ضده، لـ"لإساءة إلى سمعته والتشكيك في وطنية ضباطه وموظفيه"، بينما يرى خبراء عسكريون وأمنوين عراقيون بأن الاتهامات تستهدف رئيس البلاد مصطفى الكاظمي، وترمي إلى إنشاء "دولة موازية" قد تهدد الأمن القومي للعراق.
يأتي ذلك، بعد أن تلقت الاستخبارات العراقية اتهامات من الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق في العراق، قيس الخزعلي، بنقل 300 فرد من أعضائه إلى هيئة المنافذ الحدودية في العراق لأسباب سياسية.
كما ذهب إلى أن فريقاً من الإماراتيين اخترق جهاز الاستخبارات ويديره، وهي التهم التي ينفيها الجهاز العراقي.
وفق التقرير نفسه، فإن رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، محمد رضا الحيدر، سارع بإنكار مزاعم الخزعلي. وفي بيانات صحفية صادرة في 17 مارس/آذار، أعلن رفضه القاطع لاتهامات وصول فريق أمني إماراتي إلى البلاد لإدارة جهاز الاستخبارات. وأكد الحيدر على أنه حقق في المسألة ووجد أنها غير صحيحة.
من المستهدف؟
الهجمات التي يتعرض لها جهاز المخابرات الوطني العراقي موجهة بصورة كبيرة إلى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي شغل منصب رئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي.
تُتهم الفصائل المسلحة، ومن بينها عصائب أهل الحق، بالسيطرة على عدد من المعابر. ويمكن أن يفسر هذا السبب الذي يجعل البعض يحلل الهجوم الذي يتعرض له جهاز الاستخبارات بأنه يستهدف تحييد جزء من نفوذها على بعض المعابر.
إذ تعد المعابر واحدة من أكبر مصادر التمويل بالنسبة للأحزاب والفصائل المسلحة، وموضع نزاع مستمر بين هذه الجماعات.
في عام 2017، نشب خلاف بين عشيرة السواعد وبين فصيل تابع لعصائب أهل الحق بسبب محاولات من الطرفين للسيطرة على منفذ الشيب الحدودي، وهو نقطة حدودية بين العراق وإيران.
وقد أثارت تغريدة الخزعلي حالة جدل كبيرة في العراق ودفعت المُدوِّنين المستقلين للدفاع عن جهاز المخابرات الوطني العراقي. يعتقد المدافعون عن الجهاز أنه بجانب جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، يعد الجهاز أحد الأجهزة الأكثر احترافية واستقلالاً، وقد كان قادراً على اتخاذ قراراته باستقلالية بعيداً عن أي مواقف سياسية.
حملة ممنهجة
في غضون ذلك، يحمل آخرون آراء مغايرة، إذ وصف هؤلاء الجهاز بأنه أداة في يد رئيس الوزراء العراقي، تستهدف تحقيق مصالحه، وترسيخ سلطته في الدولة العراقية وإحكام قبضته على الأجهزة الأمنية.
من جهته، قال ضابط في جهاز المخابرات الوطني العراقي، تحدث مع موقع Al-Monitor بشرط عدم الكشف عن هويته: "كنا نتعقب حملة ممنهجة لأكثر من 12 شهراً. هذه الحملة تنظمها أحزاب سياسية وجماعات مسلحة وتستهدف تقويض الجهاز واستقلاليته".
وأضاف: "ليس هناك فريق غير عراقي يدير الجهاز، ولكن لدينا عملاً وتنسيقاً مع عديد من البلاد، ومن بينها إيران. نعتقد أن هذه المحاولات ترمي إلى جرّ الجهاز إلى دورة مشاحنات سياسية وتقويض مكانته وقيمته. عندما تُشوَّه سمعة جهاز المخابرات الوطني العراقي عن طريق حملة قذف وتشهير في الإعلام، يعني هذا أن هناك جهوداً لكسر رمزيته".
فضلاً عن هذه الحملة، اغتيل ضابط في جهاز المخابرات الوطني العراقي في منطقة المنصور بالعاصمة بغداد في 21 مارس/آذار. ربط بعض الأشخاص عملية الاغتيال بالحملة السياسية الإعلامية التي تُشنّ ضد الجهاز.
"دولة موازية" تهدد أمن العراق
أما اللواء الركن المتقاعد العراقي، ماجد القيسي، فقد صرح في حديث مع موقع Al-Monitor بأن "حملة القذف والتشهير ضد جهاز الاستخبارات العراقي تعد جزءاً من صراع على السلطة، سوف تؤثر الحملة غير الملائمة على الأمن القومي العراقي، لأنها تستهدف الجهاز الحكومي الوحيد القادر على العمل داخل وخارج العراق والذي لديه مسؤوليةُ ودور الحفاظ على الأمن القومي العراقي".
فيما قال يحيى الكبيسي، المستشار لدى المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات، إن عمليات نقل أعضاء الجهاز التي تحدث سراً تارةً وعلانيةً في تارة أخرى، تستفز الفصائل المسلحة، التي يصفها بأنها "رعاة الدولة الموازية".
وأضاف: "من أجل هذا نشهد هذه الحملة المنظمة ضد الكاظمي. هذه الحملة تستهدف حماية أذرع الدولة الموازية داخل المؤسسات العسكرية والأمنية الحكومية، بما فيها جهاز الاستخبارات، الذي سيتأثر بها بكل تأكيد".
لا إثبات لصحة التهم
في السياق نفسه، دافعت بعض المنصات الإعلامية، التي يمكن تصنيفها بأنها مستقلة، عن جهاز الاستخبارات، واتهمت هذه المنصات اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية بأنه المسؤول عن هذا الهجوم الممنهج.
فيما أوضح موقع Al-Monitor أنه من المستغرب أن الأحزاب السياسية العراقية التي لم تكن وراء هذه الحملة، بما فيها الأحزاب التي تدعم مؤسسات الدولة، فشلت في اتخاذ موقف من الحملة ضد جهاز المخابرات الوطني العراقي. فلم يدافع عن الجهاز أي حزب سياسي أو مراقب من هذا المعسكر.
كما أضاف الموقع أنه في غضون ذلك، شجعت الأطراف التي تقف وراء الحملة، المنصات الإعلامية والمراقبين السياسيين الذين يدعمونهم على تبني خطاب تشهير ضد الجهاز.
واختتم الموقع بقوله إن الأطراف التي تنظم هذه الحملة لم يثبتوا بعد صحة اتهاماتهم، بجانب أن طلبهم لمساءلة رئيس الوزراء أمام البرلمان يفتقر إلى الجدية. ويبدو أن هذا هو السبب الذي يجعل المراقبين يعتقدون أن الحملة ليست إلا مناورة سياسية.